قضايا وآراء

صفقة القرن: تحديات اسرائيلية واستجابة عربية فلسطينية

ناصر ناصر
1300x600
1300x600
طرحت فوضى العصر للرئيس ترامب (ورغم تبنيها موقف اليمين الاسرائيلي) أسئلة وتحديات استراتيجية رئيسية جديدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي لن تتكلف في ما يبدو عناء الاستجابة والرد عليها بفضل الأوضاع الفلسطينية والعربية الرسمية المريرة. وعليه، تتضمن خطة العصر مكاسب فورية وجوهرية للاحتلال كالقدس واللاجئين والاستيطان، ويتحمل الفلسطيني والعربي تكاليف الخطة المحتملة ماليا واستراتيجياً، على أساس وعد بتعويض مؤجل ومشروط وشبه مستحيل للطرف الفلسطيني المستضعف.

أما السؤال الأول الذي تطرحه الخطة فيتعلق بالخمس عشرة مستوطنة المعزولة والخارجة عن الكتل الاستيطانية الرئيسية في الضفة الغربية، والتي تقع في مواقع حساسة وستكون بحاجة إلى حمايات وحراسات واستعدادات خاصة قد تكلف دولة الاحتلال أموالا طائلة. ومن ذلك عدة كتائب عسكرية للحماية وبناء أسوار وجدران وشوارع التفافية جديدة. وقد تتجاوز "إسرائيل" هذا التحدي الجوهري كما تجاوزت التحدي الفوري أو السؤال الثاني والمتعلق بمواجهة تظاهرات واحتجاجات الفلسطينيين في سائر أنحاء الضفة الغربية على جريمة العصر للترامب، وذلك من خلال استمرار التعاون الأمني بين أجهزة السلطة الفلسطينية ومخابرات الجيش الإسرائيلي، فما أعظم منحة هذا التعاون لدولة الاحتلال!

وفي هذا السياق، أكدت مصادر أمنية عسكرية إسرائيلية للقناة 11 للتلفزيون الإسرائيلي أمس أن التنسيق الأمني ما زال جاريا على الأرض، بالرغم من تهديد رئيس السلطة أبي مازن في خطابه بالجامعة العربية بقطعه، وهو الأمر الذي اعتبرته إسرائيل وحتى أوساط واسعة من الشعب الفلسطيني تهديدا دوريا لا معنى له؛ طالما بقي في إطار الخطابات والكلمات الرنانة، أو ما يسمى دبلوماسية الصراخ والألم، وهو المرجح في هذه الحالة مع أن خطة ترامب حولت السلطة الفلسطينية، وعلى حد تعبير الكاتبة الإسرائيلية في هآرتس عميرا هاس، من "مقاول بالوكالة" إلى "جارية أو أمة أمنية". وبناء على ذلك، وطالما استمر تمسك النخبة الفلسطينية الحاكمة بموقعها المرفّه الحالي والقائم على أساس استمرار التعاون الأمني (حيث سقوطه يعني سقوطاً لها)، فمن غير المتوقع أن تخرج الأمور عن سيطرة الاحتلال في الضفة الغربية، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الشعب الفلسطيني قد يفاجئ الجميع، فالانتفاضات الفلسطينية لا تطرق باب أحد بل تقتحم دون استئذان، والمفاجأة هي ما تخشاه سلطات الأمن والاحتلال المطمئنة من عدم وجود مؤشرات مقلقة، لا قبل خطاب السيد أبي مازن ولا بعد خطابه.

أما السؤال الثالث والرابع سيجيب عليه على الأغلب العرب، فالأموال الباهظة المحتملة لتمويل صفقة العصر والبالغة 50 مليار دولار تقريبا سيتم دفعها على الأرجح من أموال نفط الخليج. أما سؤال التغيرات الاستراتيجية المقلقة لإسرائيل في أعقاب الاحتجاجات الشعبية الأردنية الكبيرة والواسعة ضد ترامب وخطته الفاشلة والمحتملة على طول خط الحدود مع الأردن، فمن المرجح ألا تحدث، وسيظل الأردن، كما تجرأ على غير العادة بعض القادة الأمنيون في إسرائيل على وصفه بالأيام الأخيرة، "العمق الاستراتيجي لإسرائيل".

هكذا تحاول خطة ترامب أن تحول الاحتلال بالنسبة لإسرائيل إلى الأحلى وأجمل اكتمال. أما السؤال والتحدي الخامس والذي يمكن تسميته بتحدي قطاعات غزة الثلاثة فما زال مفتوحا، طالما لم تنجح الخطة في نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة ومساعدة السلطة الفلسطينية على السيطرة عليها، وهو القلق الذي أعرب عنه قائد قسم العمليات في الجيش أمام رئيس الأركان كوخافي قائلا: إن تم نقل قطعتين منفصلتين بالقرب من الحدود المصرية مع غزة، هل سنضطر للتعامل مع ثلاثة قطاعات غزة بدلا من واحد؟ ولسان حاله يقول لم نتدبر أمر غزة واحدة فكيف مع ثلاث؟
التعليقات (0)

خبر عاجل