مقالات مختارة

تمخض مؤتمر برلين حول ليبيا فولد توأم لجنتين

محمد صالح المسفر
1300x600
1300x600

اختتم مؤتمر برلين المنعقد في 19 يناير الحالي حول الشأن الليبي والحرب الدائرة على الأراضي الليبية بين حكومة شرعية يعترف بها النظام الدولي ومنظماته، والقائد العسكري خليفة حفتر المنشق عن الحكومة الشرعية الذي يقود حربا ضروسا لإسقاط تلك الحكومة العضو في المنظمات الدولية، التي ترفع أعلامها في كثير من عواصم الدنيا اعترافا بها ومتبادلة للتمثيل الدبلوماسي مع تلك الحكومة الشرعية.

شارك في هذا المؤتمر 12 دولة منها إلى جانب الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن كل من ( تركيا، الجزائر، وألمانيا، ومصر، والإمارات، ونيجيريا، وإيطاليا ) الأمانة العامة للأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية الحاضرة الغائبة، ومنظمة الاتحاد الأفريقي، ومنظمة الاتحاد الأوروبي. والملاحظ بان تلك الدول جميعها مشاركة في مأساة وعذاب الشعب الليبي بطريقة أو بأخرى.

 

معلوم أن مؤتمر برلين اجل أكثر من مرة لأسباب تتعلق بتصاعد الصراع في ليبيا، وتصاعد التدخلات الخارجية. سبق مؤتمر برلين المشار إليه مؤتمر آخر عقد في موسكو أوائل يناير الحالي للهدف ذاته، وخرج باتفاق كان من المفترض التوقيع والموافقة عليه من قبل الطرفين الليبيين ( الحكومة الشرعية بقيادة السراج، والقيادة العسكرية المنشقة بقيادة الضابط المتقاعد خليفة حفتر ) وبشهادة كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. فان رئيس الحكومة الشرعية وقع على مشروع الاتفاق، ورفض حفتر التوقيع.

 

على إثر ذلك صعد حفتر العدوان على العاصمة طرابلس ومنع تصدير النفط الليبي إلى الخارج الذي يقدر ب 800 الف برميل يوميا الأمر الذي سيقود البلاد إلى أزمة اقتصادية رهيبة.

تهدف ألمانيا من عقد هذا المؤتمر" إلى التعامل مع مواقف الدول الإقليمية لطرفي النزاع في ليبيا وليس التعامل مع مواقف اطراف النزاع ( السراج وحفتر ) "رغم دعوة ألمانيا لذينك الطرفين وحضورهما إلى برلين. واتفق المشاركون في برلين كما جاء في البيان الختامي على " احترام قرار الأمم المتحدة بحظر نقل الأسلحة إلى ليبيا وأن تتم مراقبة هذا الحظر بطريقة أكثر حزما من الماضي"، وتشكيل لجنتين الأولى تتكون من (5 + 5) من طرفي النزاع الليبي لمناقشة وقف اطلاق النار على أن تجتمع الأسبوع القادم، وتشكيل لجنة متابعة تختص بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة في الشأن الليبي. في ظل هذه الأجواء فان المؤتمر في برلين لم يفرض أو حتى يلوح بفرض عقوبات على أي طرف من الأطراف يخل بقرار وقف اطلاق النار أو الرافض للحلول السياسية.

طالعتنا أخبار كواليس المؤتمر أن الرئيس الفرنسي ماكرون كان يصر على وقف إرسال مقاتلين " سوريين " إلى طرابلس ليبيا دعما للحكومة الشرعية متهما تركيا في ذلك، بينما الرئيس التركي أردوغان كان يطالب بضرورة وضع حد للموقف العدواني الذي يتبناه خليفة حفتر ضد الحكومة الشرعية.
يؤيد الاتجاه الفرنسي كل من مصر والإمارات، وأشار الرئيس الفرنسي قائلا "إن ما يقلقني بشدة هو وصول مقاتلين سوريين وأجانب إلى مدينة طرابلس الليبية، يجب أن يتوقف ذلك " لكن لم نجد قولا للرئيس ماكرون يعبر عن قلقه في وجود مرتزقة من جنوب السودان، ومن تشاد بالتعاون مع إسرائيل، ومرتزقة من روسيا (شركة فانغر) وآخرين وسلفيين، ودعم مصري إماراتي واضح للعيان يقاتلون إلى جانب الجنرال حفتر المنشق عن الشرعية المعترف بها دوليا. لم نجد أحدا من المؤتمرين في برلين يقلقه قتل المدنيين الأبرياء حول العاصمة طرابلس وعلى تخومها وتهديم منازلهم وحرق ممتلكاتهم بالطائرات الحربية بطيار وبدون طيار وبمدفعية ثقيلة وصواريخ غراد الروسية.


الرئيس المصري السيسي طالب في لقاء برلين بضرورة استبعاد التيارات الإسلامية من المشهد السياسي قبل حتى الدخول في مفاوضات وكأن ليبيا دولة لا تدين بالإسلام، وأيضا اعتبار مليشيات حفتر المقاتلة معه جيشا نظاميا، ورفع منع السلاح عنه، ويذهب الرئيس المصري إلى المطالبة بان تكون مصر والإمارات ضمن اللجان المشكلة لمراقبة وقف اطلاق النار بدلا من أن يشترط أن تكون جميع اللجان الموكول إليها الشأن الليبي محايدة وبمعرفة الأمم المتحدة ولا مجال لأي من الدول المؤيدة لهذا الطرف أو ذاك المشاركة في هذه اللجان.

والحق، أن معظم القيادات العربية الراهنة لا تستحق الاحترام والتقدير لأنها رهنت مستقبل الأمة العربية وثرواتها لصالح الدول التي لا تريد بنا خيرا ولا بثقافتنا وديانتنا وحضارتنا وثرواتنا. الروس يدمرون سورية على رؤوس البشر في سورية الحبيبة ولا احد يحرك ساكنا بل على النقيض يتدافع بعض القادة العرب نحو روسيا ينشدون ودها وكذلك نحو إسرائيل العدو اللدود لهذه الأمة ناهيك عن بقية الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.


يستكثر بعض العرب التواجد التركي في الخليج العربي والبحر الأحمر وليبيا ولم يستكثروا التواجد الأمريكي والفرنسي والأسترالي المسلح في الخليج العربي والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. يقول بعض العربان أن أردوغان يريد أن يجدد الإمبراطورية العثمانية لكنهم لم يقولوا أن الرئيس الفرنسي ماكرون يعمل جاهدا على إعادة الإمبراطورية الفرنسية وهيمنتها على الساحل الأفريقي جنوب الصحراء امتدادا إلى ليبيا شمالا والقرن الأفريقي شرقا.


• آخر القول:
ارفعوا أيدكم عربا كنتم أو غربيين عن الشعب الليبي، وعلى الشعب الليبي ألا يجعل وطنه ليبيا مسرحا للطامعين في ثرواته وأن يوحدوا صفوفهم من اجل ليبيا حرة مستقلة موحدة، فالأشخاص زائلون والوطن هو الباقي، فحافظوا عليه قبل فوات الأوان.


(الشرق القطرية)

0
التعليقات (0)