صحافة دولية

ديلي بيست: ماذا يعني موت البغدادي لتنظيم القاعدة؟

ديلي بيست: مؤيدو تنظيم القاعدة يجدون في وفاة الغدادي فرصة لتجنيد مقاتليه- جيتي
ديلي بيست: مؤيدو تنظيم القاعدة يجدون في وفاة الغدادي فرصة لتجنيد مقاتليه- جيتي

نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للصحافية ريتا كاتز، تقول فيه إنه مع مقتل زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي، الذي تبعه في اليوم التالي مقتل المتحدث الرسمي باسم المجموعة أبي حسن المهاجر، فإنه حصلت ثغرة كبيرة في بنية الخلافة الزائفة لما يسمى تنظيم الدولة. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بحسب مبادئ التنظيم الدينية المتزمتة، فإنه يجب عليه الآن أن يجد شخصا جديدا "يفترض" أنه من سلالة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) لملء شاغر "الخليفة".

 

وتستدرك كاتز بأن وفاة الرجلين لها تداعيات أيضا بالنسبة لتنظيم القاعدة، المنافس الشديد لتنظيم الدولة على قيادة الجهاد العالمي، مشيرة إلى أن تنظيم القاعدة قضى السنوات الست الماضية يصف "الخلافة" بأنها غير شرعية، ومتطرفة جدا، ومؤذية في المحصلة. 

 

ويلفت الموقع إلى أنه عندما أعلن تنظيم الدولة إقامة ما أسماه بالخلافة على أراض امتدت من سوريا إلى العراق عام 2014، فإن تنظيم القاعدة والتنظيمات المنتسبة له كلها رفضتها بالإجماع، مشيرا إلى أنه حتى اليوم فإنه نادرا ما تجد خطابا لأيمن الظواهري دون أن يكون فيه نقد لـ"وباء" تنظيم الدولة.

 

ويجد التقرير أن الغريب أن البغدادي قتل في إدلب، التي تعد ملاذا للمقاتلين المنتمين لتنظيم القاعدة وهيئة تحرير الشام، وهي فصيل إسلامي سوري يقوده محمد الجولاني، الذي كان أحد قيادات تنظيم القاعدة، الذي أصبح عدوا لدودا للبغدادي، لافتا إلى أنه كانت هناك بعض التكهنات بأن البغدادي لم يكن فقط مختبئا، إلا أنه كان يحاول التجنيد من صفوف أعدائه. 

 

وتذكر الكاتبة أن تنظيم القاعدة المركزي والتنظيمات المنتسبة له لم تعلق على موت البغدادي بعد، لكن بعد ساعات من انتشار خبر موته قام حملة فكر تنظيم القاعدة ومؤيدوه بالاحتفال، ومناقشة ما الذي يعنيه هذا الأمر بالنسبة لمستقبل الجهاد، مشيرة إلى أنهم أعربوا في مجموعات الدردشة على الإنترنت عن استيائهم بعد سنوات من الصراع المر مع تنظيم الدولة، فيما يظهر حجم تلك الردود مدى اعتبار وفاة البغدادي حدثا كبيرا وفرصة لهم. 

 

وينوه الموقع إلى أن أحد المنشورات قال: "قتل آلاف المجاهدين، بناء على أوامره"، فيما قال آخر: "كم كانوا يفرحون في كل مرة كان يستشهد فيها قادة من تنظيم القاعدة؟"، وبعضها تمنى للبغدادي أسوأ ما يمكن: "أرجو الله أن يدخله جهنم".

 

ويستدرك التقرير بأن الرسائل من الآخرين، وبالذات من حملة فكر تنظيم القاعدة، وازنت بين تعبيراتهم عن العدالة للحركة الجهادية والتحفظ، للتأكد من عدم الاحتفاء بشكل مبالغ فيه بنتيجة عملية قامت بها أمريكا.

 

وتقول كاتز إن "الحماس اللبق أيضا محسوب، فكثير من مقاتلي تنظيم الدولة وكثير من بنيته العسكرية، والكثير من مسؤوليه الإعلاميين والمؤيدين جاءوا من تنظيم القاعدة، والآن بعد أن فقد التنظيم قائده (الخليفة)، وتم تدمير (الخلافة)، فإن هذا منح تنظيم القاعدة أفضل وأكبر فرصة إلى الآن لإعادتهم تحت مظلته".

 

ويشير الموقع إلى أن مقالا مطولا لعادل أمين، وهو الاسم المستعار لكاتب من أشهر المؤمنين بفكر تنظيم القاعدة، مرتبط بحركة الشباب المجاهدين، فرع تنظيم القاعدة في الصومال وأقوى التنظيمات المنتسبة له، ربما كان أعمق نموذج على هذه التوعية، لافتا إلى أن الكاتب طالب في الرسالة التي كتبها، وتم توزيعها على نطاق واسع على مجموعات الدردشة لمؤيدي تنظيم القاعدة، التي يزورها أنصار تنظيم الدولة أيضا، مؤيدي تنظيم الدولة بـ"العودة إلى سبيل الرشاد"، بعد أن أثبتت الدولة الإسلامية فشلها، بعدوانيتها المبالغ فيها وأوهامها. 

 

ويورد التقرير نقلا عن أمين، قوله: "ليس الحال هنا هو حال إظهار الفرح، إنه حال لتذكير ودعوة أولئك الذين بقوا في صفوف البغدادي لإعادة النظر.. في الواقع، رأينا ظهر (التنظيم) يقصم، ويقتل قادته، ويسقط لواؤه، ونأمل أن نرى من تبقى من جنوده يعودون للحق".

 

وتلفت الكاتبة إلى أن بيانات غيره من المؤمنين بفكر تنظيم القاعدة والمؤيدين لها كررت النقاط ذاتها، فقال المسؤول الديني في ما كان يسمى كتائب عبد الله عزام في لبنان، المنتسبة لتنظيم القاعدة، سراج الدين زريقات، في بيان له: "الآن وقد مات (البغدادي) وليس هناك أحد في الأمة حزين عليه أو يعزي به.. لذلك، فإنه يجب على أولئك الذين خدعوا به أن يعيدوا النظر قبل أن يصبح الوقت متأخرا". 

 

ويعلق الموقع قائلا إن هذه الرسائل تكرر دعوات الظواهري والتنظيمات المنتسبة لتنظيم القاعدة على مدى سنوات، حيث دعوا مقاتلي تنظيم الدولة "للتوبة" وترك ذلك التنظيم، مستدركا بأنه مع ذلك، وبالرغم من الظروف الجديدة، فإن مؤيدي تنظيم الدولة لن يتحولوا بسهولة.

 

ويفيد التقرير بأن أتباع تنظيم الدولة شهدوا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2016، خسارة المدن الرئيسية، الموصل في العراق والرقة في سوريا، بالإضافة إلى مقتل شخصيات مهمة في التنظيم، مثل عمر الشيشاني، وأبي محمد العدناني وغيرهما، مشيرا إلى أنه مع آخر الانتكاسات لقيادة التنظيم، قامت الحسابات التابعة للتنظيم على الإنترنت بالدعوة للصمود، حتى إنها استخدمت موت البغدادي لدعوة أنصار التنظيم إلى القيام بهجمات جديدة.

 

وترى كاتز أن هذا الدعم، الذي لم يردعه شيء، يعزز ماكينة عسكرية وإعلامية للتنظيم، التي لم تظهر أي علامة تراجع على مدى اليومين السابقين، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي لم يعترف فيه تنظيم الدولة رسميا بمقتل البغدادي، فإنه استمر في نشر الأخبار عن نشاطه العسكري اليومي في العراق وسوريا وفي باكستان وأفغانستان.

 

ويبين الموقع أنه في الوقت الذي تقوم فيه التنظيمات المنتسبة لتنظيم القاعدة، مثل حركة الشباب، بالعمل بصفتها ممثلة قوية لتنظيم القاعدة، إلا أن تنظيم القاعدة المركزي أضعف من أي وقت مضى، فهذه الأيام يعد دور تنظيم القاعدة المركزي رمزيا، فهو محدود برسائل القيادة والمحتوى الآخر، في الوقت الذي يقوم فيه بتوجيه الصورة الأكبر المتمثلة في روح التنظيم. 

 

وينوه التقرير إلى أن محاولات تنظيم القاعدة تدعيم صورته، التي هي أصلا متأثرة سلبيا بشكل كبير بسبب زعيم يفتقد الكاريزما متمثل في الظواهري، انقلبت تماما مع موت حمزة بن لادن، ابن أسامة بن لادن، الذي كان يجهزه تنظيم القاعدة غالبا لدور قيادي فيه.

 

وتقول الكاتبة إنه "بالنظر إلى هذه المتغيرات، فإن تنظيم القاعدة قد لا يكون هو البديل الجذاب للجهاديين كما يأمل مؤيدوه، ولذلك فمع أن بعض المقاتلين قد ينضمون إلى صفوف التنظيمات المنتسبة لتنظيم القاعدة في مناطقهم، فإنه يجب ألا نتوقع أن نرى أي هجرة كبيرة من صفوف تنظيم الدولة إلى صفوف تنظيم القاعدة". 

 

ويستدرك الموقع بأنه بالرغم من مفهوم "حسن التخلص منه" الذي يربطه مؤيدو تنظيم القاعدة بموت البغدادي، وبغض النظر عن عدد المنشقين الذي قد يكسب نتيجة موته، فإن تنظيم الدولة لن يذهب إلى أي مكان. 

 

ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن الحواجز بين هذه المنظمات الإرهابية أصبحت أقوى مع مرور السنوات، وأشعلت صدامات قاتلة وحروب دعاية بينها، والبغدادي لم يكن هو الحاجز الوحيد الذي يمنع انضمام أعضاء تنظيم الدولة إلى تنظيم القاعدة، فيما لا يتوقع أن ينهي موته الخلافات القائمة.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)