صحافة دولية

فورين بوليسي: هذا ما على واشنطن فعله لردع إيران

فورين بوليسي: إرسال قوات للسعودية لن يعوض التراجع في سوريا ولا الضعف أمام إيران- جيتي
فورين بوليسي: إرسال قوات للسعودية لن يعوض التراجع في سوريا ولا الضعف أمام إيران- جيتي

نشر موقع "فورين بوليسي" مقالا للمحلل في معهد الشرق الأوسط في واشنطن بلال صعب، يناقش فيه دلالات سحب الرئيس دونالد ترامب القوات الأمريكية من سوريا، وزيادة نشر القوات في السعودية، مؤكدا أن التحرك الأخير لن يعوض تراجعه في سوريا، ولا فشله في الوقوف أمام إيران

ويقول صعب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "(عقيدة كارتر)، التي تقوم على الرد العسكري الأمريكي لأي جهود خارجية تهدد أو يتم فيها السيطرة على حقول النفط في الخليج، أصبحت في حكم الميتة، ولن يؤدي نشر 1800 من الجنود الأمريكيين في السعودية إلى إعادة الحياة لهذه العقيدة، ولن يطمئن السعوديين القلقين من نهاية علاقتهم الخاصة مع الولايات المتحدة أكثر من عدد الجنود الذين وصلوا إلى المملكة".

ويرى الكاتب أن "هذا فصل جديد من التاريخ العسكري في الشرق الأوسط محفوف بالمخاطر، فمجرد التفكير بأن الولايات المتحدة قد علقت أو أوقفت دورها بصفتها شرطيا أو حامية للنظام العالمي في الشرق الأوسط، نشر الذعر بين الحلفاء الأوروبيين، مثلما أخاف شركاءها العرب، بل إنه أدى إلى إرباك أعداء أمريكا، مثل الصين وروسيا، اللتين عملتا لإضعاف السيطرة الأمريكية في المنطقة ولسنوات عدة، مع أنهما لم تحاولا السيطرة بشكل كامل على الشرق الأوسط؛ خشية من وراثة الفوضى الناجمة عن رحيل الولايات المتحدة". 

ويستدرك صعب بأنه "رغم المخاطر الجيوسياسية للتحول كلها فإن هناك فرصة للولايات المتحدة لتعيد النظر في استراتيجية الردع في الشرق الأوسط، وكان افتراض صناع القرار الأمريكي طوال الوقت، هو أن القوة العسكرية في المنطقة، ونقل الجنود السريع لدول الجوار، إلى جانب السرعة التي يمكنهم فيها الرد على الطوارئ، والحمم التي يمكنهم إطلاقها، ستكون كافية لأن يفكر أعداؤهم عدة مرات قبل محاولة التلاعب معهم، ومن خلال الهجوم على المنشآت النفطية السعودية الشهر الماضي فإن إيران قد هزت هذا الافتراض، وهذا لا علاقة له بقدراتها العسكرية، لكنه مرتبط بإخفاقات القدرات الأمريكية".

ويجد الكاتب أن "ما هو مهم لمصداقية الولايات المتحدة في المنطقة هو قدرتها على جعلها عدوتها الإقليمية، إيران، تعتقد أن واشنطن لن تتردد في استخدام القوة القاتلة لو تجاوزت إيران عتبة معينة، ولأن أمريكا فشلت في الرد على هجمات السعودية قال الرئيس دونالد ترامب إن بلاده لن ترد إلا في حال مقتل جندي أمريكي، أو تم استهداف رصيد حيوي للولايات المتحدة (غير طائرة دون طيار، على ما يبدو)، أما ما دون ذلك فإنه لن يأمر بعملية عسكرية أو التدخل". 

ويقول صعب إن "الدرس الرئيسي لواشنطن هو أن حجم القوات الأمريكية أو ضخامة ترسانتها لم يكونا كافيين لتغرس الخوف في قلب طهران، وربما المعارضين الآخرين، بل إن الوجود المبالغ فيه للقوات الأمريكية في المنطقة غير ضروري، وربما كان مسؤولية كبيرة، خاصة في ضوء الموارد التي يجب نشرها لمواجهة التهديدات في أوروبا ومنطقة الباسفيك، بحسب ما يشير إليه التقييم القومي الاستراتيجي، صحيح أن الأسلحة ضرورية لعملية الردع، إلا أن تصريحات وسلوكيات القادة الأمريكيين أهم من ذلك بكثير، وفي هذه الحالة فإنهم يقومون بإرسال الرسائل الخاطئة".  

ويشير الكاتب إلى أن "نشر القوات الأمريكية في السعودية هو محاولة لإقناع حكامها بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عنهم كما تخلت عن الأكراد، وهي تحاول تقوية الدفاعات السعودية ضد هجمات تقليدية إيرانية، مع أن الهدفين غير قابلين للتحقق، فالسعوديون يمكنهم قراءة تفاصيل السياسة الأمريكية، ومن المحتمل أنهم توصلوا لنتيجة الآن، وهي وإن كانوا لا يثقون أو يحبون باراك أوباما إلا أنهم بالتأكيد لا يمكنهم الاعتماد على ترامب، الذي يهمه بيع السلاح لهم أكثر من حماية أمنهم، وعندما يتعلق الأمر بتعزيز الحمايات العسكرية فإنها لن تستطيع مهما كانت قوتها منع أسراب من الطائرات المسيرة والصواريخ التي تستطيع ضرب الأهداف بدقة متناهية". 

 

ويلفت الكاتب إلى أن "الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط قام دائما على فكرة الردع لا الدفاع، إلا أن سياسة الردع ضربت من حلال سلسلة من الهجمات، كان آخرها الهجوم على بقيق الشهر الماضي، وعليه فإن سؤال المليون دولار الذي تحاول القيادة المركزية الإجابة عليه، هو إن كانت الولايات المتحدة قادرة على إعادة قوة الردع في الشرق الأوسط". 

ويقول صعب إنه "للعودة إلى هذا الوضع فإنه يجب ألا تضرب أمريكا إيران على يدها، كما فعلت عام 2017، عندما قامت بهجمات صاروخية محدودة ضد بشار الأسد في سوريا؛ عقابا له على استخدام السلاح الكيماوي، وهناك دعوات لمثل هذا، ويجب تجاهلها؛ لأن إيران دولة ذات مصادر ضخمة وأكبر حجما من سوريا، بالإضافة إلى أن لديها خبرة في الحرب، وتستطيع استيعاب عدة ضربات ثم استخدامها ذريعة لمواصلة تمددها في المنطقة، كما أن توجيه ضربة واحدة لإيران سيتم تفسيرها من المتشددين على أنها ضعف أمريكي وستجرأ قوات الحرس الثوري". 

ويبين الكاتب أنه "لردع إيران فإنه يجب على أمريكا أن ترسل رسالة واضحة بأنها ستستخدم القوة العسكرية ردا على أي هجوم، وأنها لن تنظر للوراء، ما يعني ترك الأمر للعسكريين، وعدم السماح للسياسة المحلية بعرقلتهم، وسترسل واشنطن رسالة واضحة لطهران بأنها مستعدة لتحمل الكلفة والمخاطر لعملية عسكرية دون أن تذهب بعيدا وتغير النظام". 

ويستدرك صعب بأن "ترامب أعرب عن عدم تعاطفه مع هذا الخيار؛ لأنه تحدث عن نيته تجنب الحرب وبأي ثمن، وهذا كله لا يعني أن استراتيجية الردع قضية خاسرة، وكل شيء يبدأ من عند ترامب، الذي يجب عليه فهم أن أفضل طريقة لمنع الحرب مع إيران هي من خلال إقناعها بأن الولايات المتحدة مستعدة لشنها". 

يختم الكاتب مقاله بالقول إن "ترامب رجل عنيد، ويزعم أن لديه (حكمة لا مثيل لها)، وربما استمع، ولأغراض انتخابية، لقادة الجمهوريين والقادة العسكريين الذين يجب عليهم الضغط عليه ليوصل الرسالة للإيرانيين قبل شن عمليتهم التالية، وعليه فإن إرسال مزيد من القوات والمعدات إلى السعودية لن يردع إيران، أما التهديد الحقيقي بشن حرب ضدها فسيفعل فعله، ولن تقوم أمريكا بعمل هذا من أجل السعوديين وغيرهم، لكن لحماية مصالحها الجيوسياسية وموقعها بصفتها قوة عالمية، وبأنها تستخدم ما لديها من قوة لمنع الحرب".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)