اقتصاد عربي

لماذا تراجعت العديد من مظاهر رمضان الخيرية والاحتفالية بمصر؟

تردي الأوضاع المعيشية للمواطن المصري أثر سلبا على مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل- عربي21
تردي الأوضاع المعيشية للمواطن المصري أثر سلبا على مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل- عربي21
تراجع العديد من مظاهر شهر رمضان في مصر بشكل كبير، سواء فيما يتعلق بأفعال الخير وتقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين، أو الاحتفاء بقدوم الشهر الكريم بإنارة الشوارع وتعليق الزينة، والعامل المشترك واحد، هو تردي الحالة الاقتصادية، وفق خبراء اقتصاد ومحللين.

وألقوا باللوم على سياسة النظام الاقتصادية التي أدت إلى انخفاض قيمة الجنيه، وزيادة الأسعار، وارتفاع التضخم، ومضاعفة الرسوم، وفرض مزيدا من الضرائب، وشكلت ضغطا مستمرا على جميع طبقات المجتمع الواحدة تلو الأخرى.

وأشاروا في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن جزءا من دخول ومدخرات المصريين تحولت إلى جيوب الحكومة المصرية؛ بهدف سد عجز الموازنة، وخفض جماح الديون وفوائدها المتراكمة.

وقال محمد حسن أحد التجار في أحد المتاجر الشهيرة بالقاهرة إن "موسم رمضان لم يعد كما كان قبل سنوات، حيث كانت تراهن عليه الشركات في تحقيق مبيعات كبيرة، وبالتالي تحريك عجلة الإنتاج، وتشغيل المصانع، وتسيير سيارات النقل، وتدوير عجلة الاقتصاد".

وأضاف لـ"عربي21": "الكثير من العروض في الأسواق تهدف إلى تشجيع المواطنين على الشراء، وهو ما حدث قبل أيام من شهر رمضان ثم تراجعت بحدة في أول أيام الشهر، وعزف الناس عن العروض وعن الشراء إلا في أضيق الحدود". 

أسباب قاهرة

وأرجع الخبير الاقتصادي، أحمد ذكرالله، تراجع بعض مظاهر رمضان إلى "سقوط العديد من الشرائح الاجتماعية تحت خط الفقر"، مشيرا إلى أن "مجمل الأوضاع الاقتصادية في مصر أجملها تقرير البنك الدولي الأخير بوقوع 60% من المصريين تحت خط الفقر، وأيدته كذلك المشاهد التي رأيناها في معارك الحصول على كرتونة لا تعني قيم السلع بها 50 جنيها أي أقل من 3 دولارات".

وأوضح لـ"عربي21": أن "تردي الأوضاع المعيشية للمواطن المصري أثر سلبا على مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل؛ لا سيما في التزاور بين الأسر والذي كان سمة رئيسية للشعب المصري طيلة شهر رمضان، ولكن أتت زيادة الأسعار لتحكم بشدة من حالة التواصل الاجتماعي".

مضيفا: "كذلك تراجعت مظاهر هامة كانت تقوم بها الطبقة المتوسطة والتي اندثرت إثر سياسات اقتصادية قاسية جعلتهم في النهاية فريسة للفقر والعوز؛ فكانت الطبقة المتوسطة تقوم بإعداد كراتين الأطعم، والإحسان إلى الفقراء وهو ما كان يخفف من حدة العوز عند الطبقات الفقيرة".

وتابع ذكرالله: "كذلك تراجعت مظاهر إضاءة أعمدة الإنارة ، وتعليق الفوانيس احتفالا بالشهر الكريم، وجاء هذا التراجع تحت تأثير رفع الدعم عن الكهرباء، وارتفاع أسعارها مقارنة بدخل المواطن، حتي عربة الفول والذي يشكل وجبة رئيسية على مائدة السحور تراجعت هي الأخرى بعد أن بلغ سعر كيلو الفول 35 جنيها كنتيجة لتراجع المحصول المحلي بسب التخبط في السياسات الزراعية".

محاربة مظاهر التدين

وقال الكاتب الصحفي، سيد أمين، "بالقطع أثرت الحالة الاقتصادية بشكل بالغ على مظاهر رمضان؛ حيث أن تلك المظاهر في أغلبها لها طابع استهلاكي أو فيه إنفاق مالي بشكل ما في حين أن غالبية الأسر في مصر بالكاد تدبر نفقاتها الأساسية".

مضيفا لـ"عربي21": أنه "رغم أن الأسر المصرية الآن قلصت مصروفاتها لدرجة تميز بين الأساسي والضروري بحيث أنهم يقومون بتلبية النفقات الضرورية، ثم يتطلعون لاستكمال تلبية النفقات الأساسية، وفي الغالب يعجزون، وفي مثل هذا الوضع تصبح زينة رمضان مثلا ترفا كبيرا".

وبيًن أن "هناك أيضا سببا آخر، وهو أن الدولة بدأت تحارب مظاهر التدين في المجتمع، ومنعت إذاعة التراويح عبر المكبرات؛ وبالتالي فإن الناس بدأت تخاف من إظهار اهتمامها برمضان والإنفاق فيه على الفقراء والمحتاجين حتى لا يتم اتهماها بالانتماء للإخوان".
0
التعليقات (0)