هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قد يقول قائل إن الإسلام ليس في خطر لأن الله سيحميه من كل البغاة ،
وأن الحقبة التي نمر بها اليوم ليست أشد خطرا على الإسلام من حقبة المرتدين في صدر
الإسلام (632 ــ 633 م) ، وهذه وجهة نظر، لكنها لا تأخذ في الاعتبار الظروف
الزمانية والمكانية في الاعتبار، فالمرتدون كان معظمهم إن لم يكن كلهم في هضبة نجد
وليس بجوارهم قوى تعينهم في مواجهة جحافل جيش المدينة الذي أتى ليعيدهم إلى
الإسلام بقيادة خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل.
ولم
يكن في ذلك الزمان قوى متنافسة في قمة هرم السلطة السياسية في المدينة ، ولم يكن
هناك قوى تمارس التهديد والوعيد بالويل والثبور لدولة المدينة المنورة .
وأيضا
لم يكن في ذلك الزمان دول إسلامية دب الخلاف بين قادتها وتنافسوا على الزعامة
والقيادة واستعانوا بقوى أجنبية .
الخوف على الإسلام ليس من أعداء الإسلام غير المسلمين فقط ، وإنما
اشد أعداء الإسلام والمسلمين اليوم هم بعض قادة الدول العربية الإسلامية التي كانت
تتباهى بعقد مؤتمرات للحوار بين الأديان ، وبإعمار المساجد الضخمة في عواصم
الدنيا، وإجراء التوسعات في مقار العبادة حتى تريح العابدين الراكعين الساجدين
لأداء مناسكهم وعباداتهم دون مشقة ، ويتباهون بطبع المصاحف على أرقى أنواع الورق وأجود
أنواع الطباعة . الخوف على الإسلام والمسلمين من بعض الجماعات التي تدعي التدين
ويرتكبون ابشع الجرائم تحت مظلة نشر الإسلام وترسيخ قواعده متجاهلين القوى
المتربصة بالإسلام والمسلمين ، ولجهل هذه الجماعات بالإسلام ومقاصده كانت النتيجة
تدمير العراق وسورية والحبل على الجرار .
يا معشر القادة العرب المسلمين جاء مصطلح " الإرهاب" اعظم
اختراع لكم وأعظم هدية صناعة غربية ، قتلتم معارضيكم دعاة الإصلاح و المطالبين
بالمشاركة السياسية، والحفاظ على المال العام، وترسيخ قواعد العدالة والمساواة بين
الناس تحت مظلة محاربة الإرهاب ، دمرتم سورية والعراق وليبيا تحت ذريعة محاربة
"الإرهاب" كما يفعل الجنرال خليفة حفتر اليوم في ليبيا، يدمر طرابلس
ويقتل أبرياء تحت مظلة ذلك الشعار بمباركة من الرؤساء الأمريكي والفرنسي والروسي
وبأيد وأسلحة وأموال عربية.
وزير خارجية دولة خليجية وقف في مؤتمر عقد في عاصمة عربية دُعي لها
حشد كبير من الغربيين وقف محذرا القادة الأوروبيين والأمريكان من الإسلاميين ويدعو
إلى إخراجهم من أوروبا.
حاكم عربي خليجي آخر أعلن على شاشات التلفزة العربية والدولية انه
قادم لاجتثاث الإسلاميين من جذورهم في بلاده وسيلاحقهم أينما كانوا . اليمن يتم
تدميره تحت حجة محاربة "حزب التجمع اليمني للإصلاح " وهو حزب سياسي ذو
خلفية إسلامية .
في مصر نظام الجنرال السيسي الحاكم يلاحق معارضيه في كل زاوية من
زوايا مصر تحت ذريعة محاربة الإرهابيين الإخوان المسلمين وهو في الواقع يطارد
المعارضين لنظام حكمه بكل فئاتهم واتجاهاتهم السياسية والفكرية ، ولفعله ذلك يتلقى
الدعم المادي مالا وسلاحا وإعلاما من بعض الدول الخليجية الغنية بالمال الذي اصبح
فتنة للأمة العربية والإسلامية .
المسلمون والعرب يعيشون في أوطانهم وفي الشتات في رعب جراء ملاحقتهم
من قبل حكوماتهم الظالمة ، لا يستطيع أي عربي يرتدي الثياب العربية وعلى رأسه
الغترة / الكوفية والعقال في الدول الغربية ولا تستطيع المرأة المسلمة عربية كانت
أو غير عربية أن تسير في الشوارع وهي ترتدي الزي الإسلامي لأنهم رجالا ونساء
سيلاحقون من قبل المتطرفين من مواطني تلك الدول .
بعض حكامنا شوهوا مكانتنا واحتقرونا الأمر الذي جعل الأوروبيين
يتوجسون منا خيفة ولهذا يلاحقوننا في عواصمهم ويحرقون مقار عبادتنا . الهندية
والإفريقية ترتدي زيها في الغرب دون عناء وكذلك الهنود ( الهندوس ) يرتدون قبعاتهم
التقليدية دون خوف من احد لأنهم لم تشوه سمعتهم ولم يحذّر الأوربيون من تلك الفئات
من قبل قياداتهم كما يفعل بعض حكامنا .
العربي يعيش في خوف في وطنه وخارجه ، وحسبنا الله في من جعلنا في ذلك
الحال .
نشرت
مجلة " فورن بولسي " مقالا عنوانه " الأنظمة العربية هي الأشد كرها
للإسلام " وأنا أضيف وكذلك اشد كرها للمسلمين .
وهذه
شهادة على ما ذكرت أعلاه .. أُحرقت الأنبار في العراق ودمرت وشرد أهلها وكذلك
الموصل أم الربيعين ، كل ذلك بفعل قوات الحكومة ومليشياتها وريثة الاحتلال الأمريكي
للعراق وهي حكومة (حزب الدعوة الإسلامي الحاكم) ، دُمرت حماة وحلب وحمص وقرى ومدن أخرى
في سورية بيد وسلاح جيش النظام ومليشياته والروس والأمريكان وما خفي أعظم، كل ذلك
تحت ذريعة محاربة الإرهاب الإسلامي.
بالأمس
اتصل الرئيس الأمريكي ترامب هاتفيا بالجنرال المتقاعد خليفة حفتر ــ الذي يحاصر
العاصمة الليبية طرابلس والذي يرجمها بالصواريخ غراد عشوائيا ــ يهني حفتر ويشد
على يديه لمحاربة الإرهاب وإخلاء ليبيا من الصوت الإسلامي .
وبعد
تلك المكالمة ازداد الهجوم على طرابلس وشارك في تلك الحرب طائرات عسكرية قيل إنها
صديقة .
السودان
بقي ثلاثين عاما تحت المقاطعة من دول الجوار ومن أمريكا ولم يُلتفت إلى حاجة الشعب
السوداني إلا بعد إسقاط حكم عمر البشير والذي يتهم بأنه نظام إسلامي ، وفي اعتقادي
الإسلام منه براء . بعض الدول العربية القريبة من أمريكا طلبوا من الرئيس دونالد
ترامب تأييدهم بالصمت عما يفعلون في شعوبهم لأنهم يريدون اجتثاث الإسلاميين وكان آخر
القادة العرب في واشنطن الجنرال السيسي عند انطلاقة أحداث السودان .
آخر
القول :
نحن
العرب أمة في خطر وديننا ومواردنا في خطر، والباغون علينا هم بعض حكامنا وكذلك كل
من يناصر الظالمين من الدول الغربية وأمريكا ، وآخر الدعاء ربنا لا تسلط علينا من
لا يخافك ولا يرحمنا إنك سميع مجيب .
عن صحيفة الشرق القطرية