مقالات مختارة

دلالات القمة الثلاثية

عماد الدين حسين
1300x600
1300x600

هل معنى أن يجتمع اثنان أو ثلاثة من القادة العرب معا، أن يكون ذلك موجها ضد دولة أو اثنتين أخريين؟!

ما هذا الفهم السقيم، الذي لا يفهم السياسة إلا باعتبارها فقط وسيلة للمكايدة والتآمر وخلق المحاور؟!

فوجئت طوال يوم الأحد بأن العديد من وسائل الإعلام الإقليمية لم ترَ في «القمة الثلاثية المصرية العراقية الأردنية» إلا أنها موجهة إلى هذه الدولة أو تلك. 

وكانت المفاجأة أيضا أن بعض وسائل الإعلام الدولية -التي يفترض أنها مهنية أو تصنف نفسها كذلك- حاولت قراءة القمة انطلاقا فقط من كونها محورا جديدا في المنطقة ضد محور قديم.

ربما نعذر البعض لأن المفاجأة ألجمتهم، ولم يكن أحد يعرف بأمر هذه القمة، إلا حينما تم الإعلان عنها خلال اللقاء بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي يوم السبت الماضي، بأن هناك قمة ثلاثية ستجمعهما مع العاهل الأردني عبدالله الثاني.

نعود إلى دلالات هذه القمة، لنكتشف أن زيارة عبد المهدي لمصر هي الأولى له منذ توليه منصبه قبل شهور. هو تعهد لمواطنيه بأنه لن يغادر العراق، قبل أن يتم اكتمال تشكيل الحكومة المتعثرة منذ شهور، بسبب خلافات طاحنة بين مكونات المشهد السياسي العراقي. وعرفنا أنه اعتذر أكثر من مرة عن زيارة القاهرة بسبب أزمة عدم اكتمال عقد الحكومة.

كان البعض يتوقع أن يكون خروج المهدي الأول إلى إيران أو أمريكا، لكنه اختار القاهرة، وهي رسالة ذات دلالة مهمة جدا.

هل نعذر أنصار نظرية المؤامرة، لأنهم تذكروا أن مصر والعراق والأردن ومعهم اليمن، كانوا أعضاء في مجلس التعاون العربي الذي انهار بسبب الغزو العراقي للكويت في 2 أغسطس 1990م. المفترض أن الزمن لم يعد هو الزمن، ثم إن علاقة مصر والأردن أفضل من «السمن على العسل» مع غالبية بلدان الخليج خصوصا السعودية. كما أن علاقات العراق مع السعودية بدأت تتحسن بصورة جيدة منذ شهور. والمنطقي انه من «حق أي دولة ألا تلقي كل بيضها في سلة واحدة»، وأن تكون علاقاتها طيبة مع الجميع، قدر الإمكان. ولا يعقل أن أقاطع دولة أو تكون العلاقات معها فاترة، لمجرد إرضاء دولة أخرى!

بعيدا عن التأويلات والتفسيرات الملتوية، فإن اجتماع قادة مصر والأردن والعراق خبر جيد يعطي طاقة أمل في الليل العربي الطويل، الذي يعج بالخلافات والحروب والصراعات الأهلية والطائفية والإرهابية داخل القطر الواحد، وبين البلدان المتجاورة. 

أن يجتمع القادة الثلاثة فأحد المعاني أن النظام العربي لم يمت بعد، كما تحدث كثيرون، وأن بعضا من الروح ما تزال تدب فيه.

القمة تعني أيضا أن الدولة الوطنية -بكل مشاكلها وإخفاقاتها- ما تزال قادرة على العيش، وإنها أحبطت فكرة الدولة الدينية، سواء كانت تحت شعارات طائفية شيعية أو سنية.

القمة تعني أيضا أن الإرهاب الذي يضرب المنطقة العربية منذ عام 2011، تعرض لضربات كبيرة موجعة. صحيح أنه لم ينهزم بالضربة القاضية، وأن ذيوله ما تزال موجودة، وقد نتفاجأ بضربات هنا أو هناك، لكن الأصح أن راياته السوداء قد اختفت من كل الجيوب والأماكن والمناطق التي احتلها ورفرف عليها منذ صيف 2014.

كان ملفتا للنظر أن يكون توقيت القمة الثلاثية قبل أيام قليلة من القمة العربية الدورية في تونس أواخر هذا الشهر. وكان التوقيت ملفتا أيضا أنها جاءت بعد يوم واحد من إعلان الانتصار على تنظيم داعش، ودحره في آخر جيب له في قرية الباغوز شرق الفرات.

لكن هل يعني ذلك أن كل شيء أصبح ورديا؟!

الإجابة هي لا، لأن المشكلات الجوهرية ما تزال قائمة خصوصا فيما يتعلق بالتنمية الشاملة والمشاركة السياسية الواسعة، وعدم القدرة على التواصل بين الحكومات وغالبية فئات المجتمع وبالأخص الشباب.

القمة تحدثت عن نقاط كثيرة، منها التعاون الاقتصادي وإعادة الإعمار والتنسيق الاستراتيجي ونقاط كثيرة نتمنى أن نراها مطبقة على أرض الواقع. خصوصا التنسيق الأمني في ملاحقة العناصر الإرهابية.

نتمنى أن يتمكن العرب من استعادة سوريا إلى العمل العربي المشترك، حتى يبعدوها عن الأحضان الخارجية المسمومة، ونتمنى أن يكونوا قادرين على مقاومة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية والروسية والإيرانية المتنوعة.

عن صحيفة الشروق المصرية

1
التعليقات (1)
الصعيدي المصري
الأربعاء، 27-03-2019 08:25 ص
مازلت مصر ا على تكرار نفس التعليق بشأن سماح عربي 21 وهو موقع مشهور عنه المصداقية ومنهج احترام الحريات والمباديء ان ينشر مقالات لأناس اثبتو انهم اول من عملو لوأد الحرية والديمقراطية في مصر ومسانداهم لمجازر الانقلاب العسكري وتأويل كل الاحداث لتضليل القراء والعامة اتمنى ان تستمر عربي 21 على ذات النهج المعروف عنها وان تلفظ هؤلاء المنافقين الذبن ينادون كذبا بالحرية بينما شاركو هم انفسهم في قتل وذبح الابرياء وفي حيلة لاتنطلي على الجنين في بطن امه .. ستجد امثال هؤلاء يتكلمون ويرغون .. عن اي اشكاليات او طروحات .. فضائية او ذرية او كيميائة او ميتافيزيقية .. او هلامية .. فقط لن يتطرقوا بكلمة واحدة الى نقد الانتهاكات والمجازر والمحارق التي قام بها ولي نعمتهم والتي باركو هم انفسهم في ارتكابها والترويج والتضليل للتغطية عليها .. نتمنى نحن قراء عربي 21 .. ان يظل الموقع على حالته البيضاء الناصعة .. خاليا من النقاط او البقاع الكريهة او السوداء