سياسة عربية

حكومة الأردن تستعين بالقطاع الخاص لوقف "مسيرات المتعطلين"

يشكو الشباب الأردنيون من قلة فرص العمل- جيتي
يشكو الشباب الأردنيون من قلة فرص العمل- جيتي


تسعى الحكومة الأردنية لمواجهة موجات مسيرات الشباب المتعطلين عن العمل والذين بدأوا منذ شهر شباط/ فبراير الماضي بالسير على الأقدام من المحافظات إلى العاصمة عمان باتجاه الديوان الملكي، احتجاجا على عدم وجود فرص عمل كافية.

وبعد أن استطاعت الحكومة إنهاء اعتصام لـ750 شابا من شباب محافظة معان، استمر 23 يوما، فإنها تفكر اليوم بخطوة استباقية من خلال حصر الوظائف المتاحة في القطاع الخاص، وجدولتها ضمن قوائم وعرضها من خلال مديريات العمل التي باتت تعلن بشكل يومي عنها.

ويأتي التحرك الحكومي أيضا في ظل استمرار توافد المتعطلين عن العمل للاعتصام أمام الديوان الملكي، إذ اعتصم السبت الماضي عشرات الشباب المتعطلين من لواء ذيبان بحثا عن فرص عمل وسط إجراءات أمنية مشددة.

وسبق اعتصام أبناء معان مسيرات لمئات الشباب الأردنيين سيرا على الأقدام من محافظات: إربد، والمفرق، وعجلون، وواء ذيبان، والطفيلة، والكرك، والزرقاء، ومعان، والعقبة.. وصولا إلى الديوان الملكي للمطالبة بفرص عمل، واحتجاجا على سياسة التوظيف وما سموه "توريث وتدوير المناصب بين المسؤولين وأبنائهم".

اقرأ أيضا: أردنيون متعطلون يسيرون من المحافظات نحو ديوان الملك 

وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والاتصال جمانة غنيمات، الناطقة باسم الحكومة، بينت أن "رئيس الحكومة عمر الرزاز، كلف الوزراء بالجلوس مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل، بينما ستقوم الحكومة بعملية ترتيب السوق، من خلال حث المصانع على إنشاء فروع إنتاجية للمصانع في المحافظات".

وتقول غنميات، لـ"عربي21": "توجد مشكلة بطالة وحجمها كبير لن تحل خلال سنة، أو سنتين، لكننا التزمنا في الحكومة بتوفير 30 ألف فرصة عمل خلال سنتين، إلى جانب 35 ألف فرصة عمل يولدها الاقتصاد سنويا، في وقت لدينا فيه 300 ألف عاطل عن العمل يضاف إليهم سنويا 60 ألف خريج جامعي".

وتأتي مسيرات المتعطلين في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأردني من أزمة تحديات جدية، أهمها انخفاض النمو الاقتصادي الذي وصل إلى 2%، وارتفاع نسبة البطالة إلى 18%. وتتصدر مدينة محافظة معان النسبة الأكبر مقارنة مع محافظات المملكة من حيث ارتفاع البطالة بنسبة وصلت إلى 21% بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة الرسمية في 2018.

وتسببت قرارات اقتصادية متراكمة بأزمة للاقتصاد الأردني أبرزها رفع الدعم وفرض ضرائب ورسوم في تراجع القدرة الشرائية للمواطن الأردني، وارتفاع تكاليف الإنتاج على القطاعات المختلفة، ما دفع قطاعات صناعية وتجارية إلى أن تغلق أو تسرح موظفين.

اقرأ أيضا: مستثمرون يتزاحمون للهروب من الأردن

قطاع خاص متعثر

 

نائب رئيس غرفة صناعة عمّان، موسى الساكت، قال لـ"عربي21" إنه "من الصعب على القطاع العام المتخم، والقطاع الخاص، استقبال آلاف خريجي العمل، بسبب تراجع الأسواق التصديرية، فعلى سبيل المثال كانت صادرات المملكة للعراق في عام 2013 مليارا ونصف المليار دينار، أما هذه الأيام فلا يتجاوز الرقم الـ500 مليون دينار، وكذلك الحال في السوق السوري. بالإضافة إلى ذلك فقد ارتفعت كلف الإنتاج من طاقة ونقل وتمويل، لذا فإن بعض المصانع تقوم بتسريح العمال أو إبقاء العدد كما هو دون توظيف المزيد".

ويؤكد أن القطاع الخاص لا يمكن أن يوظف المتعطلين عن العمل، إلا بتحفيز هذا القطاع الهام المشغل الأكبر للعمالة، إذ إن معدل تشغيل المنشآت الصناعية الواحدة هو بين 12 و13 عاملا وعاملة، بينما توظف المؤسسة غير الصناعية بمعدل 2- 3 عمال، فإذا أردنا تخفيض نسب البطالة فلا بد من تحفيز القطاعات الصناعية والتجارية بإعطائها كلفة كهرباء متدنية".

ويعدّ القطاع الصناعي في الأردن أكبر مشغل للعمالة بعد القطاع الحكومي، حيث يصل عدد العمالة فيه إلى ما يقارب الـ250 ألف عامل، بنسبة عمالة محلية تشكل 85% من مجمل العمالة في هذا القطاع.

ويحمل الساكت الحكومات المتعاقبة مسؤولية عجز القطاع الصناعي عن توفير فرص العمل، قائلا: "الحكومات المتعاقبة سبب في تراجع الحالة الاقتصادية بسبب ضعف الرؤية الاقتصادية وضعف الكفاءات التي استلمت الملف الاقتصادي، فكيف لاقتصاد أن يشغل العاطلين عن العمل الذين يبلغ عددهم اليوم أكثر من 350 ألفاً في ضوء رفع الضرائب المستمر؟".

سياسة احتواء

ولجأت الحكومة إلى القطاع الخاص، ورجال أعمال لاحتواء الاعتصام الأخير لأبناء معان أمام الديوان الملكي، بعدما وقع المحتجون فجر الخميس الماضي اتفاقية مع الحكومة بضمانة شيوخ عشائر ورجال أعمال تتضمن صرف مبلغ 200 دينار شهري من قبل أحد رجال الأعمال لـ750 شابا، لحين توفر فرص العمل في القطاع الخاص أو العام.

رئيس بلدية معان، أكرم كريشان، دعا إلى إيجاد حلول جذرية لمشكلة البطالة خصوصا في محافظة معان، ويقول لـ"عربي21": "أرقام البطالة في المحافظة تصل إلى 31%، في المحافظة الأكثر تهميشا وفقرا والتي يبلغ سكانها 180 ألف نسمة، ورغم وجود 13 شركة تعمل في الطاقة بالإضافة إلى وجود شركات الفوسفات والبوتاس، إلا أن المحافظة ومناطق الجنوب لا تستفيد من مكاسب التنمية".

ورأى كريشان أن بعض شركات القطاع الخاص في المحافظة لا تلعب دورا في عملية التوظيف وأنه "لا توجد حلول اقتصادية جذرية، شركات الطاقة التي استثمرت في أرضنا ولوثت بيئتنا لم تقم بتوظيف أبنائنا، ولا توجد عدالة بتوزيع التنمية. موازنة المحافظة قليلة وتفتقر للخدمات من تعليم وصحة وبنية تحتية. المخرج لمشكلة المتعطلين هو أن تشغل الشركات أبناء معان".

اقرأ أيضا: خطاب رسمي أردني يبعث برسائل متناقضة للعاطلين عن العمل

وتجد الحكومة الأردنية نفسها في مأزق كبير، فكلما لبت مطالب المتعطلين المعتصمين من المحافظات أمام الديوان الملكي، تأتي موجة أخرى من الشباب المتعطلين، إذ يلوح شباب من مدينة إربد بالتوجه للمبيت أمام الديوان الملكي، بعد فشل لقاءئهم مع الوفد الحكومي في المدينة.

التعليقات (0)