ملفات وتقارير

الأزهر بين ثورتي 1919 و2011 .. أدوار ثورية وأخرى سياسية

يرى الخبراء أن الأزهر عندما تتناغم مواقف شيخه مع مواقف المؤسسة بعلمائها وطلابها، فإنه يمثل قوة دفع كبيرة للحراك الشعبي- أ ف ب
يرى الخبراء أن الأزهر عندما تتناغم مواقف شيخه مع مواقف المؤسسة بعلمائها وطلابها، فإنه يمثل قوة دفع كبيرة للحراك الشعبي- أ ف ب

أكد مختصون سياسيون وإسلاميون، أن مؤسسة الأزهر الشريف أدت دورا رائدا في ثورة 1919، حيث استطاعت ضبط بوصلة الثورة، التي كان أحد أهدافها السير بمصر بعيدا عن الخلافة العثمانية.

 

ويحي المصريون هذه الأيام الذكرى المئوية الأولى لثورة 1919 ضد الاحتلال الإنجليزي بقيادة سعد زغلول، التي بدأت في صباح يوم الأحد 9 آذار/ مارس 1919، بقيام الطلبة بمظاهرات واحتجاجات في أرجاء القاهرة والإسكندرية والمدن الإقليمية.

وحسب الخبراء، فإن المؤسسة ذاتها أدت دورا في دعم الشعب المصري في ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، عندما خالف العلماء والطلاب موقف شيخ الأزهر وانضموا لثوار التحرير، ما أجبر الشيخ لإعادة ضبط بوصلته باتجاه الميدان.

ويرى الخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21"، أن الأزهر عندما تتناغم مواقف شيخه مع مواقف المؤسسة بعلمائها وطلابها، فإنه يمثل قوة دفع كبيرة لدعم الحركات الشعبية، كما جرى في ثورة 1919، وهو الدور الذي فطن له حكام مصر، ولذلك عملوا على إضعاف الأزهر بصور مختلفة.

بين أربع ثورات
ويقسم الباحث بعلم الاجتماع السياسي، سيف المرصفاوي، الأدوار التي أدّاها الأزهر في الأحداث التاريخية المهمة، بأنها تشابهت في حدثين واختلفت في حدثين، حيث تشابه موقف الأزهر ضد الحملة الفرنسية عام 1798، ثم في ثورة 1919، عندما تناغم موقف شيخ الأزهر مع علمائه وطلابه، فكانت النتيجة نجاح المقاومة ضد الفرنسيين بالأولى، وأمام الإنجليز بالثانية.


ويضيف المرصفاوي لـ "عربي21"، أن الوضع اختلف مع ثورتي عرابي عام 1881، و25 يناير 2011، حيث كان موقف الشيخ مغايرا لموقف العلماء والطلاب. ففي الأولى رفض شيخ الأزهر محمد العباسي المهدي، دعوة أحمد عرابي باشا بتطبيق النظام الدستوري، على غير رغبة الخديوي توفيق، ولكن العلماء والطلاب خالفوا رأي الشيخ، ليقوموا بدور سياسي ألزمه في النهاية بدعم الثورة، ولكن كان على مضض.

ويشير المرصفاوي أن الموقف نفسه تكرر بعد 310 عاما في ثورة 25 يناير، حيث رفض شيخ الأزهر أحمد الطيب، الثورة في بدايتها، داعما نظام حسني مبارك، إلا أن موقف العلماء والطلاب وكبار المسؤولين، أجبروه على قبول الثورة، ولكنه كان على مضض أيضا.

وحسب الباحث بعلم الاجتماع السياسي، فإن منصب شيخ الأزهر، يمثل قوة للتوجه الثوري لعلماء وطلاب الأزهر، وهو الدور الذي أداه الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي خلال ثورة 1919، حيث استطاع الرجل بصلابته وقوة موقفه، أن يشكل مع طلاب الأزهر وعلمائه، حائط صد منيع ضد تحويل ثورة 1919 لثورة علمانية، تسلخ مصر عن الخلافة الإسلامية.

ويوضح المرصفاوي، أن اختزال دور الأزهر في ثورة 1919 بقضية الوحدة الوطنية فقط يعد ظلما للدور الآخر الذي قام به الأزهر للحفاظ على الهوية الدينية والإسلامية للشعب المصري، التي كان يسعى الاحتلال الإنجليزي لمحوها والدفع بالشعب نحو التغريب والعلمانية الغربية، مستغلا في ذلك كبار السياسيين الذي كانوا ضمن المشهد الثوري.

ويصف المرصفاوي الدور الذي أداه شيخ الأزهر الحالي أحمد الطيب بأنه كان ضد ثورة يناير، وأضاف قائلا: "الطيب يكره هذه الثورة، لأنه في النهاية ابن لنظام مبارك، ولذلك كان رافضا للخروج عن الحاكم، وهو الموقف الذي اختلف مع مظاهرات 30 يونيو التي دعمها الطيب، وأباح فيها الخروج عن الحاكم، لأنه كان وقتها الرئيس محمد مرسي، وهو الدور الذي يشبه لحد كبير ما قام به الشيخ المهدي مع الثورة العرابية".

يناير والطيب
ويتفق الباحث بالتنظيمات الدينية، عبد الله حماد، مع الرأي السابق المتعلق بموقف الشيخ الطيب من ثورة يناير، مشيرا إلى أن موقف علماء الأزهر وطلابه هو الذي أجبر الشيخ على تليين مواقفه تجاه الثوار، خاصة أن أكثر المقربين منه وقفوا على منصة التحرير وأعلنوا دعمهم لمطالب الثوار، مثل السفير رفاعة الطهطاوي الذي أعلن من الميدان استقالته كمستشار لشيخ الأزهر، بالإضافة لمظاهرة العلماء الشهيرة التي خرجت من الجامع الأزهر.

ويضيف حماد لـ "عربي21" قائلا: "هذه الأحداث دفعت الطيب للابتعاد عن نظام مبارك الذي بدأ ينهار من كل اتجاه، ولكنه في الوقت نفسه أدار المؤسسة بشكل استطاع فرملة أهداف الثوار من مختلف التوجهات، مستغلا المكانة التي يتمتع بها الأزهر في نفوس الجميع، ليكون مرجعية لكل الأطراف المتشاكسين في وقت واحد".

ويرى حماد أن الخلاف بين الطيب وجماعة الإخوان المسلمين، أدى دورا مؤثرا في موقفه ضد ثورة يناير، ثم دعمه لانقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، وهو الخلاف الذي فشلت الجماعة في إنهائه، نتيجة موقف الطيب الجامد من الإخوان، الذي يعود لعام 2006 عندما كان رئيسا لجامعة الأزهر، ووصفه لطلاب الإخوان بالمارقين، وسماحه لقوات الأمن باقتحام المدينة الجامعية لاعتقال العشرات منهم.

ووفقا للباحث بالتنظيمات السياسية، فإنه بالرغم من موقف الطيب ضد الإخوان والرئيس مرسي، وثورة يناير بشكل عام، إلا أنه كان أحد الشخصيات المحدودة التي عارضت فض اعتصام رابعة، وهو الموقف الذي تطور بعد ذلك لصدمات متعددة مع الانقلاب العسكري وإعلامه في العديد من القضايا التي رآها الأزهر تهديدا لكيانه كمؤسسة إسلامية، بالإضافة لصراع الهوية الذي تقوده الاتجاهات العلمانية، وكانت ترى في إضعاف الأزهر فرصة لتحقيق أهدافها.

 

اقرأ أيضافي ذكرى 1919.. أيمن نور يدعو لثورة توحد المصريين (شاهد)

التعليقات (0)