هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت وكالة "موديز" العالمية للتصنيف الائتماني إن هناك أربعة أسباب لضعف الاقتصاد المصري، محذرة من أن اقتصاد أكبر البلاد العربية في عدد السكان معرض لصدمات كبيرة خلال الفترة المقبلة، نتيجة ارتفاع تكاليف الاقتراض واحتياجاتها التمويلية الكبيرة في ظل تغير أسعار الفائدة.
جاءت هذه التحذيرات خلال مائدة مستديرة، أقيمت الأسبوع الماضي، أعلنت فيها الوكالة عن توقعاتها لمستقبل الاقتصاد المصري.
وأشارت "موديز" إلى أن أبرز نقاط ضعف الاقتصاد المصري هي ارتفاع مستويات الدين العام، بجانب القدرة الضعيفة على دفع تكاليف الديون؛ نظرا لارتفاع نسبة خدمة الدين إلى الإيرادات، وضعف الميزانية العامة في البلاد، وارتفاع عجز الموازنة.
زيادة 200% خلال 5 سنوات
وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، فقد تضاعف الدين العام المصري خلال السنوات الخمس الماضية، التي حكم السيسي فيها البلاد، وبلغت نسبة الزيادة نحو 200%.
وارتفع الدين العام من 1.83 تريليون جنيه نهاية يونيو/ حزيران 2013، إلى 5.54 تريليونات جنيه نهاية سبتمبر/ أيلول 2018، كما ارتفع الدين العام المحلي من 1527.4 مليار جنيه نهاية يونيو/ حزيران 2013، إلى 3887 مليار جنيه نهاية سبتمبر/ أيلول 2018 بنسبة زيادة بلغت 155%، وبنسبة زيادة سنوية بلغت 17.3%.
كما ارتفع الدين العام الخارجي من 43.2 مليار دولار نهاية يونيو/ حزيران 2013، إلى 93.1 مليار دولار نهاية سبتمبر/ أيلول 2018 بنسبة زيادة بلغت 115%، وبنسبة زيادة سنوية بلغت 15.2%.
وتؤكد البيانات الرسمية أن أعباء الدين العام، من أقساط وفوائد، تلتهم الجانب الأكبر من مصروفات الموازنة العامة، حيث تستحوذ على 80% تقريبا من الإيرادات العامة للدولة.
وبلغت أعباء خدمة الدين للعام المالي الجاري 2018/ 2019 نحو 800 مليار جنيه، بواقع 541 مليار جنيه فوائد و246 مليار جنيه أقساط مستحقة، في حين بلغ إجمالي الإيرادات العامة المتوقعة للدولة بنحو 989 مليار جنيه.
الارتواء بماء البحر!
ولمواجهة مشكلة الدين العام، تلجأ الحكومة المصرية منذ تولي السيسي الحكم إلى اقتراض مزيد من الديون.
واعترف نائب وزير المالية أحمد كجوك بأن مصر اعتادت أن تقترض لكي تسدد الدين المستحق سداده، وتمويل دين جديد، وأن هذه السياسة سببت ضغطا إضافيا على السوق، ودفعت العائدات للصعود".
وقال كجوك خلال مؤتمر صحفي، الثلاثاء الماضي، إنه سيسافر الأسبوع المقبل إلى الإمارات؛ للترويج لطرح سندات دولية بقيمة تتراوح ما بين 3 و7 مليارات دولار تعتزم مصر إصدارها قريبا، بالإضافة إلى إصدار أول سندات مصرية مقومة بالين الياباني.
كما بدأت الحكومة، الثلاثاء الماضي، إجراءات اقتراض 5 مليارات دولار من الأسواق الدولية، عبر طرح سندات جديدة في بورصة لوكسمبورغ.
التحول إلى الديون طويلة الأجل
وفي محاولة منها لتخفيف الضغوط المالية عليها وتقليل تكلفة الديون، تعمل الحكومة المصرية حاليا على التحول من الاعتماد على الديون قصيرة الأجل إلى الديون طويلة الأجل.
وباعت مصر الأربعاء الماضي سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار على 3 شرائح لأجل 5 سنوات وعشر وثلاثين عاما، بفائدة 6.2% و7.6% و8.7% على الترتيب.
وقال أحمد كجوك، في تصريحات صحفية، إن مصر تخطط للوصول بنسبة الدين طويل الأجل إلى نحو 70% من إجمالي الإصدارات بحلول عام 2022، بعد أن كانت تمثل 5% في آخر سنة مالية.
كرة ثلج
وحول تأثير ارتفاع مستويات الدين العام على اقتصاد البلاد، قال الخبير الاقتصادي مصطفى بهجت إن استمرار الحكومة في سياسة الاقتراض الداخلي والخارجي يمثل تهديدا حقيقيا للاقتصاد المصري، خاصة أن هذه المبالغ الهائلة التي يتم اقتراضها لا يتم استخدامها في استثمارات حقيقية أو أنشطة صناعية أو إنتاجية، وإنما توجه إلى سداد التزامات مالية محلية ودولية أخرى.
وحذر بهجت، في تصريحات لـ "عربي21"، من أن هذه المشكلة تشبه كرة الثلج التي يزداد حجمها بمرور الوقت، ويمكن أن تحطم كل شيء في طريقها إذا استمرت في التدحرج والتضخم، مشيرا إلى أن خدمة الديون تلتهم الجزء الأكبر من الناتج المحلي، ما يعني أن الجزء القليل المتبقي الذي يتم توجيهه إلى جوانب الإنفاق الأخرى، مثل التعليم والصحة والإسكان، لن تكفي الاحتياجات المتزايدة.
وأضاف أن خدمة أعباء الدين تثقل كاهل المواطن في المقام الأول، حيث تدفع الحكومة إلى تقليل إنفاقها على الخدمات الأساسية لتوجيه الإيرادات إلى سداد الالتزامات، بالإضافة إلى فرض مزيد من الضرائب والرسوم؛ لإيجاد مصادر جديدة للإيرادات التي تستخدم أيضا لتمويل الديون.
كما أن الاقتراض الداخلي يجعل البنوك المحلية توجه الجزء الأكبر من استثماراتها إلى شراء السندات الحكومية بدلا من تمويل مشروعات صناعية وخدمية جديدة، وبالتالي تقل الوظائف المعروضة، ويدخل الاقتصاد في دائرة مفرغة تزيد معها البطالة ويقل النمو!.
وتوقع أن تعاني مصر من أزمة مالية حادة خلال السنوات القليلة المقبلة إذا استمرت الحكومة في هذا النهج، حيث سترتفع قيمة الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، وهذا ما حذر منه صندوق النقد الدولي قبل أيام، حينما طالب الحكومة المصرية بوضع خطة عاجلة للتقليل من الاقتراض، وإيضاح كيفية سداد التزاماتها الدولية والمحلية.