هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني
تقريرا، قال فيه إن فيلم القاضية، للمخرجة الأمريكية إيريكا كوهن، كان يفترض به
تسليط الضوء على معاناة النساء داخل المجتمع الذكوري، وتبديد الأحكام المسبقة
والإسلاموفوبيا، ولكنه تعمد تغييب جوانب هامة من واقع المرأة الفلسطينية تحت
الاحتلال الإسرائيلي، مثل معاناتها من نقاط التفتيش والقيود المفروضة على التنقل،
وتعرضها للعنف الجنسي والمضايقات من جنود الاحتلال.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن خلود
الفقيه، أصبحت قبل عشر سنوات أول قاضية في محكمة إسلامية في الشرق الأوسط. هذه
السيدة التي تنحدر من الضفة الغربية، تجاوزت المنظومة الاجتماعية الأبوية، وكل
الأحكام المسبقة وسوء تفسير التعاليم الإسلامية، ووصلت إلى هذا المنصب في العام
2009، في المحكمة الشرعية الفلسطينية التي تنظر في القضايا المتعلقة بالأحوال
الشخصية، مثل الزواج والطلاق والعنف الزوجي.
وأضاف الموقع أن هذا الإنجاز المتميز للقاضية خلود الفقيه، تحول إلى
موضوع فيلم يحمل عنوان "القاضية"، للمخرجة الحائزة على جائزة إيمي،
إيريكا كوهين. بعد أن التقت هذه القاضية بالمخرجة الأمريكية في 2012، وجذبت
انتباهها بقوة شخصيتها وأهمية الإنجاز.
وقد أعلنت إيريكا كوهين أنها تريد نقل قصة خلود الفقيه إلى الشاشة
الفضية، لتقديم نظرة دقيقة على نضال النساء من أجل حقوقهم، وطرح مسألة
الإسلاموفوبيا والفهم الخاطئ للشريعة الإسلامية.
وأوضح الموقع أن كثيرين في العالم الغربي، يعتبرون أن كلمة شريعة
تعني العادات البالية التي تعكس انحطاط العالم القديم. رغم أن الشريعة في الواقع
هي مجموعة من المبادئ الأخلاقية المستمدة من القرآن ومن تصرفات النبي محمد.
وأكد الموقع أن فيلم القاضية منذ عرضه الأول في مهرجان تورنتو الدولي
للأفلام في 2017، حاز على إعجاب كبير في صفوف الجماهير والنقاد. وقالت عنه صحيفة
الغارديان البريطانية أنه يعرض المعركة التي خاضتها الفقيه من أجل تحقيق العدالة
للنساء، مع تسليط الضوء على بعض الخلافات الزوجية الشائعة في العالم مثل حضانة
الأطفال، والطلاق والعنف الزوجي.
وذكر الموقع أن هذا العمل السينمائي للمخرجة إيريكا كوهين عرض صورة
للأوضاع من منظور شامل، وركز في نفس الوقت على تفاصيل حياة خلود الفقيه، في بيتها
وفي مكتبها في المحكمة، ليبرز مختلف مسؤولياتها كزوجة وأم وابنة وقاضية.
وبحسب الموقع، فإن فيلم القاضية يصوّر الفلسطينيين كمجتمع طبيعي وحر،
تكافح فيه النساء من أجل المساواة والتمثيل السياسي في مجتمع يسيطر عليه الرجال.
حيث تسعى المرأة لافتكاك حقها في التحكم في جسدها، واستقلالها المالي، وحق الحضانة،
وهي نفس الصراعات التي تعيشها المرأة في مختلف أنحاء العالم.
ولكن المشكلة في هذا الفيلم، هو أنه تغاضى عن تفصيل آخر صغير ولكنه
مهم. حيث أن فيلم القاضية لا تظهر فيه نقاط التفتيش الإسرائيلية، وجنود الاحتلال
الإسرائيلي، وفي كل الصور الفوقية الملتقطة من طائرات بدون طيار، لا توجد أي إشارة
على أن هذا الشعب يعيش تحت الاحتلال.
وقد اتصل موقع "ميدل إيست آي" بالمخرجة إيريكا كوهين،
لسؤالها حول سبب تجاهل الفيلم لواقع الاحتلال الإسرائيلي، فأجابت بأن الرموز التي
تدل على هذا الاحتلال لم تكن جزءا من قصة هذا الفيلم، لذلك لم ترد إظهارها، لأنها
تريد فقط نقل الواقع دون التعبير عن أي آراء.
وذكر الموقع أن إيريكا كوهين التي اختارت أن تعرض هذه القصة حول
فلسطين بطريقة جذابة وجميلة ودافئة، بحسب تعبيرها، اعتبرت في المقابل أن فكرة
الإشارة إلى أن هذه الأراضي محتلة ستكون أمرا غير منطقي، ودخيلا على قصة هذا
الفيلم.
وأشار الموقع إلى أن الناشطات المدافعات عن المرأة المسلمة وعن
النساء من غير البيض، لطالما انتقدن بشدة الطرق التي تعرض بها عدسات الكاميرا
الغربية قضاياهن، دون التطرق إلى تقاطع النضالات، أي أشكال الظلم المتعددة التي
تقع عليهن في وقت واحد، وهو أمر تم تغييبه أيضا في هذا الفيلم.
وعلى سبيل المثال، هنالك قضية استخدام العنف الجنسي من القوات
الإسرائيلية ضد النساء الفلسطينيات، وهو أمر تم توثيقه منذ وقت طويل، وأنظمة
البيانات الشخصية تمنع نساء القدس من الزواج من رجال من الضفة الغربية، إلا بعد
الاستظهار بإقامة صادرة عن جيش الاحتلال، وهو ما يعني أن طبيعة الاحتلال نفسه هي
ما تدفع المجتمع الفلسطيني نحو تبني نهج محافظ تجاه المرأة.
وفي هذا السياق، أوضح الباحثان كرم دعنا وهانا وولكر، في مقال صدر في
مجلة الشؤون العربية المعاصرة، أن "فرض نقاط التفتيش واضطرار النساء للاحتكاك
مع الجنود الإسرائيليين والمستوطنين باستمرار، يجعلهن عرضة للمضايقات، وهذا يدفع
العائلات للإبقاء على بناتهن داخل محيط ضيق، عوضا عن دفعهن للخروج للفضاء العام
والتركيز على التعليم والمشاركة في المؤسسات الاجتماعية والسياسية والذهاب للعمل.
كما أكد الموقع أن الأراضي الفلسطينية تمثل منطقة نزاع، وهي محيط
ينتشر فيه الفساد والقتل والأحكام المسبقة التي يعتمدها الاحتلال في تعامله مع
الفلسطينيين، وبالتالي لا يمكن تصوير هذا المجتمع على أنه يتمتع بالحرية.
ولذلك فإن التظاهر بأن خلود الفقيه تقاوم فقط النزعة الذكورية
والمجتمع السلطوي، مع تناسي آلة الاحتلال الإسرائيلي التي تعمل يوميا على تقويض
كرامة الفلسطينيين، هو عمل سينمائي غير دقيق ونتائجه عكسية.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)