هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
إنه أسبوع الهزائم لا ريب!
فقد هُزم "الحاكم العسكري" مرتين، الأولى كانت على الأراضي الليبية، بينما كانت الثانية في إيطاليا! على نحو كاشف بأنه رُفع عنه الستر الإلهي، فلا يكاد يخرج من "حفرة" حتى يهوي إلى "دحديرة"!
في موضوع اختطاف الجنود المصريين، بدا واضح أنه يستشعر الآن الفضيحة، فمن حررهم ليست القوات المصرية، ولكن كان الجيش والمخابرات السودانية، بعد أن أخذ الجيش المصري بعيداً عن مهامه القتالية، وكان واضحاً أن السيسي غير راض عن إعلان أهل الحكم في الخرطوم عن عملية الإنقاذ والتحرير هذه، فلم يتصل عبد الفتاح السيسي بنظيره السوداني ليشكره على ذلك، كما لم يهاتف وزير الدفاع المصري نظيره السوداني ليشكره، فقد اقتصر الشكر على سطرين نشرا على صفحة المتحدث العسكري، بعد عدة ساعات من عملية الإنقاذ والتحرير، كما أن السفير المصري في الخرطوم لم يستقبل "الفرقة المحررة" لدى وصولها للأراضي السودانية، ولم يشارك في المؤتمر الصحفي الذي انعقد لهذا الهدف!
الشكر، الذي جاء عبر صفحة "الفيسبوك" للمتحدث العسكري قال بأنها "فرقة مفقودة"، على عكس الرواية السودانية، بأنها مجموعة عسكرية من ضابط وأربعة جنود، كان قد جرى اختطافهم من قبل مجموعة ليبية متمردة، وأن الجيش والمخابرات السودانية قامت بعملية التحرير منفردة وبدون تعاون مع الجانب المصري، وذلك عكس ما ورد في البيان المقتضب للمتحدث العسكري، من أن العثور على الفرقة المفقودة هو نتاج تعاون بين القوات المسلحة المصرية والسودانية!
الإحساس بالحرج هو الذي منع الإعلام المصري من الاهتمام بالأمر فلم تستقبل القوة المصرية لدى وصولها للمطار، ولم تجر مقابلات إعلامية مع أعضائها للوقوف على عملية "الفقد" و"العثور"، فكان واضحاً أن القوم يسترون فضيحتهم بطرف ثيابهم، وبعد أيام قليلة كانت فضيحة أخرى في إيطاليا!
لقد قامت قوة إيطالية بالقبض على الدكتور محمد محسوب الوزير السابق، والأكاديمي المرموق، من مقر اقامته في الفندق، فلم يكن التوقيف في أي منفذ من منافذ الدولة الإيطالية. لنكتشف أن عملية التوقيف تمت بناء على مذكرة مصرية، صادرة من أجهزة قضائية!
كان المستهدف أن تتم الإجراءات سريعاً، ليجد الدكتور محسوب نفسه في القاهرة كما جرى مع إمام مسجد في إسبانيا، وإذا اعترضت المعارضة أو البرلمان على هذا الإجراء فالرد جاهز وهو أننا لم نكن نعلم بحقيقة موقفه، فهو متهم في قضايا جنائية وليست سياسية، حتى يمكنهم أن يعرفوا أنه مطلوب للانتقام!
إن إخلاء سبيل الدكتور محمد محسوب، لم يكن فقط هزيمة للحاكم العسكري من باب "المكايدة"، لكنه هزيمة استراتيجية على مشهد من العالم كله لنظامه ولمؤسساته، فمحسوب جرى تلفيق قضايا جنائية له، وعندما يقرر القاضي الإيطالي عدم التعويل على هذه القضايا، فإن هذا يطعن في مصداقية القضاء المصري، فلم يعد في أحكامه يقنع العالم.
وهكذا وجدت السلطات في القاهرة لديها من الفراغ ما يكفي لكتابة مذكرة التوقيف والدفع بها عبر وسائل الاتصال الرسمية للحكومة الإيطالية التي يأتي إليها "محسوب" زائراً وليس مقيماً، فالرجل يقيم منذ سنوات في فرنسا، فلماذا لم ترسل مذكرة التوقيف إلى الحكومة الفرنسية؟!
بيد أن الضغط الإعلامي كان سريعاً، وهو ما أفشل المخطط، فلا يقل لي أحد أنه القانون، فالقانون لم يكن حاضراً وقسم شرطة في الجنوب يحرك قواته لاعتقال الرجل من الفندق الذي يقيم فيه، ولا يمكن قبول أن الاتصال كان بين الخارجية المصرية والمخفر الذي احتجز فيه الدكتور "محمد محسوب" ليلة كاملة، تمهيداً لترحيله إلى مصر!
لقد تم إخلاء سبيل "محسوب" بعد أكثر من خمس عشرة ساعة من عملية القبض عليه واعتقاله، ليكون القرار بمثابة صفعة على وجه الانقلاب العسكري، ولتنتهي العملية إلى فضيحة دولية!
السلطات الإيطالية تعرف الدكتور محسوب جيداً، فليس بالرجل الغريب عليها، وعقب هروبه من مصر بعد الانقلاب العسكري تم توقيفه، قبل أن يعرفوا حقيقته ويعتذروا له، وعندما يعاودوا الكرة الآن، فهذا يعني أننا أمام حالة من التواطؤ، هي التي دفعت الإعلام المصري إلى عدم نصب مهرجان، على غير العادة، بمجرد عملية الاعتقال، حتى لا يفسدوا "الطبخة"، فالمهرجان كان سينصب عند وصول الهدف للقاهرة مقبوضاً عليه!
فالنظام الذي فشل في البر والبحر، يبحث عن انتصارات صغيرة، لينفخ فيها من روحه، ويجعل منها انتصاراً عملاقاً بحجم الفيل "أبو زلومة"، ويصور نفسه أمام رعاياه بأنه قادر، وأن يده يمكن أن تصل إلى أي هدف في أي مكان في العالم، وهناك عبارة ترددها الأنظمة العسكرية بأنها قادرة على أن تأتي بمعارضيها من أي مكان في العالم "في شوال" وهذا من الأدلة الكاشفة على قدرة النظام وتمكنه، ولهذا لا يتوقف "الحاكم العسكري" في مصر عن هذه التصرفات الصغيرة، رغم فشلها، ولا يريد عبد الفتاح السيسي أن يستوعب أنه لا يدير معسكراً، فقد غير المسمى الوظيفة في "بطاقة الرقم القومي" ليصبح "رئيس جمهورية مصر العربية"، فلا يليق به أن يتصرف كما لو كان في منافسة مع "ضابط مخلة" في "ميز الضباط"، على من يستطيع أن يأكل عشر بيضات دفعة واحدة!
من قبل تم توقيف الإعلامي بقناة الجزيرة "أحمد منصور" في مطار بألمانيا، وتم الإفراج عنه، وكان ذلك هزيمة لـ "الحاكم العسكري" الذي واصل ذات اللعبة مع الإيطاليين ومع هدف آخر، فهزم أيضاً.
إن إخلاء سبيل الدكتور محمد محسوب، لم يكن فقط هزيمة للحاكم العسكري من باب "المكايدة"، لكنه هزيمة استراتيجية على مشهد من العالم كله لنظامه ولمؤسساته، فمحسوب جرى تلفيق قضايا جنائية له، وعندما يقرر القاضي الإيطالي عدم التعويل على هذه القضايا، فإن هذا يطعن في مصداقية القضاء المصري، فلم يعد في أحكامه يقنع العالم.
فالحكم في مصر ليس مقنعاً لأحد وفضائحه صارت دولية، فمتى يتوقف عن هذه التصرفات الصغيرة!
قولوا للسيسي أنت الآن لست مشرفاً على "ميز الضباط" هذه دولة "أنت ترقيت"!