هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يلاحظ في الأحداث الميدانية في فلسطين في الأيام الفائتة أنّها تتصل بشكل كبير بأطفال دون الثامنة عشرة، سواء على صعيد المقاومة الفلسطينية أو حتى النشاط الاستيطاني، هذا يعكس أنّ المستقبل "ملبد بالغيوم"، ولكن الفرق الأساسي أن إرهاب المستوطنين يجري بتنظيم ورعاية رسميتين مقابل مقاومة فلسطينية فردية.
يوم الخميس الفائت، دخل محمد طارق يوسف، من قرية كوبر (شمال غرب رام الله)، إلى مستوطنة تسمى آدم (جنوب شرق رام الله والبيرة)، وطعن مجموعة من المستوطنين قبل استشهاده، لتبدأ على الفور جولة تنكيل واستهداف وهدم بيوت من قبل جنود الاحتلال لقرية كوبر، التي أخرجت السنة الفائتة الشاب عمر العبد الذي نفذ عملية طعن في مستوطنة تسمى "حلاميش"، ولكن المشهد بهذا الشكل سيكون ناقصا جدا إذا لم يتم ذكر أيضاً أنّ مستوطنة "آدم" هي التي أخرجت المستوطنين الذين خطفوا وأحرقوا الفتى محمد أبو خضير (16 عاماً)، حيّاً حتى الموت، في القدس، في هذا الشهر ذاته قبل أربع سنوات، وقد اشترك اثنان، على الأقل، من المستوطنين من هذه المستوطنة، ممن لم يصلوا الثامنة عشرة من أعمارهم في الجريمة. وبعد عام "أيضاً في تموز (يوليو)"، وقعت جريمة حرق بيت عائلة الدوابشة، في قرية دوما جنوب نابلس، الأب والأم والطفل علي (18 شهراً) وحُرِقَ أيضاً مثل محمد أبو خضير، وأيضاً كان واحد من المستوطنين المدانين تحت سن 18، وما تزال المحكمة الإسرائيلية تبحث عن طريقة لتبرئة قتلة دوابشة.
حوكم المستوطنون الذين أتوا من "آدم"، ولكن المستوطنة لم يجر بها أي شيء، بالعكس من ذلك تجري حولها وفيها إنشاءات هائلة من شبكات طرق وأنفاق وتحصينات، ومع عملية محمد طارق، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، عن بناء 400 وحدة استيطانية كنوع من الرد.
عندما قام عمر العبد بعمليته العام الفائت (في أسبوع عملية محمد طارق ذاته) وكان في التاسعة عشرة من عمره، قامت القوات الإسرائيلية بعمليات اقتحام عديدة لقريته كوبر، وتم خفر خنادق في الشارع لمنع الوصول لها، وجرى هدم بيت عائلته (طبعا لا شيء من هذا حصل في آدم أو لمن قتلوا الدوابشة)، وهاجم عشرات المستوطنين قرى كوبر وما حولها مراتٍ عدة وبإسناد من جيش الاحتلال، ولكن أهالي كوبر وما حولها، تصدوا للجيش والمستوطنين بأيدٍ عارية وحيدة، وعلى الأغلب كان محمد طارق، بوجهه الطفولي، واحدا ممن عاشوا الاقتحامات والتصدي لها.
ليس واضحاً سبب اختياره آدم البعيدة عن كوبر، والتي لها موقع أمني يصعب اختراقه، هل كان يثأر لأبو خضير؟
هذا الأسبوع، نشر الإعلام صورة عشرات الأطفال اليهود المستوطنين يرتدون ملابس موحدة ويرقصون ويقفزون ويؤدون حركات استفزازية، وذلك احتفالاً باستيلاء المستوطنين على بيت عربي في مدينة الخليل.
إذا ذهبت لمناطق المستوطنين في الخليل، ستجد أطفال المستوطنين (جزء من أهاليهم هاجر من الولايات المتحدة الأميركية) يلهون تحت حراسة مباشرة من الجنود الإسرائيليين لمدة 24 ساعة، ويقوم الأطفال ذاتهم بالاعتداء على محيطهم الفلسطيني. بالمقابل هذا الأسبوع أفرج عن عهد التميمي التي لم تصل 18 أيضاً بعد أن تحولت لأيقونة نضال سلمي ضد الاحتلال. وإذا بحثت عن صور أطفال الخليل ستجد فيديوهات، أو ترى مباشرةً إذا ذهبت للمدينة، عددا لا ينتهي من حوادث اعتقال أطفال دون العاشرة (وليس دون الثامنة عشرة فقط)، أو ضربهم والإساءة لهم، من قبل الجنود والمستوطنين يومياً.
هناك منظومة وتنظيمات من المستوطنين وخلفهم جيش، وحتى إذا اضطر الجيش الإسرائيلي لاعتقال من يقوم منهم، بعد أن يثبت بشكل قاطع تورطهم، بتسجيلات وأدلة، بعمليات ضد الفلسطينيين، فإنه يسارع لتقديم الحماية والدعم لعائلاتهم ومستوطناتهم، ويقوم بعمليات عقوبات جماعية ضد الفلسطينيين. بالمقابل هناك ردود فردية من أطفال وشباب فلسطينيين، رغم العقوبات الجماعية.
هناك منظمة استيطانية مدعومة من رجال الدين اسمها "شبيبة التلال" مهمتها الاعتداء على الفلسطينيين، ولدى أطفال المستوطنين منظمات تنشئهم بشكل جماعي للقتل؛ في المقابل حتى إن كان رد الأطفال الفلسطينيين يجري بشكل فردي، فإن استسلامهم يوماً غير متوقع، وفي المحصلة "القادم أسوأ".
عن صحيفة الغد الأردنية