هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
المتابع لتحركات الإمارات يجد دويلة صغيرة تتصرف كأنها إمبراطورية كبيرة تسعى للتواجد في القرن الأفريقي وفي البحر الأحمر وغرب أفريقيا وتحاول الهيمنة على مصر وتحرك السعودية وتدعم الانقلابات العسكرية وتحارب حركة الشعوب لأجل الحرية حتى قيل عنها إنها قائدة الثورات المضادة.
فقد دعمت انقلاب السيسي في مصر وأنفقت عليه المليارات، ودعمت ومازالت تدعم خليفة حفتر في ليبيا، ودعمت حركة نداء تونس في مواجهة حزب النهضة، وحاربت بن كيران في المغرب، وخربت اليمن وأنشأت به السجون السرية التابعة لها وحاولت احتلال ميناء الحديدة واستضافت ابن علي، عبدالله صالح في محاولة منها لإعادة إنتاج نظام أبيه.
وحاولت التدخل في جيبوتي وفي الصومال، ودعمت التدخل الفرنسي في مالي في يناير 2013، ومولت الانقلاب الفاشل في تركيا 2016، وتدخلت في الانتخابات الماليزية لصالح رئيس الوزراء اللص نجيب عبدالرزاق والذي يحاكم حالياً ضد تحالف مهاتير محمد والذي نجح رغم هذه المؤامرات، وقادت ومازالت الحصار على قطر.
لذلك ينبغي علينا أن نعرف كينونة هذه الدويلة كيف ومتى نشأت وما هو نظام الحكم فيها وما هي سياساتها العليا واستراتيجيتها ووسائل تحقيقها.
لقد كانت الإمارات حتى عام 1967 عبارة عن مقاطعات منفصلة تسمى الإمارات المتصالحة وكانت تحت الوصاية والحماية الإنجليزية حتى أعلنت بريطانيا سنة 1968 انسحابها من جميع مستعمراتها في شرق المتوسط، وفي العام نفسه قام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم بطرح فكرة الاتحاد بين هذه الإمارات بدستور واحد.
وقد تم دعوة قطر والبحرين لهذا الاتحاد إلا أنهما اعتذرتا أو انسحبتا، وفي سنة 1971 اجتمعت هذه الإمارات السبع (أبوظبي-دبي-الشارقة-عجمان-رأس الخيمة-الفجيرة-أم القوين) تحت دستور مؤقت واحد وأعلن استقلال ما يسمى بدولة الإمارات العربية المتحدة تحت قيادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بنظام حكم خليط (ملكي – دستوري – رئاسي) وعاصمتها أبو ظبي وإجمال مساحتها 83,600 كم2 وعدد سكانها حسب آخر إحصاء من الأمم المتحدة 9,544,766 نسمة لا يتجاوز المواطنون الإماراتيون 10% منهم، أي أقل من مليون نسمة، والباقي من الأجانب والعمالة الوافدة،
وبعد وفاة الشيخ زايد في 2004 والذي كان قد تزوج من ثماني نساء وأنجب منهن ثلاثين من الأبناء آل الحكم إلى ابنه الشيخ خليفة بن زايد حاكم أبوظبي رئيس دولة الإمارات، وأما نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء هو حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
ولكن الجميع يعلم غياب الشيخ خليفة عن الحكم فعلياً مع تضارب الروايات حول ما حدث له على يد أخيه محمد بن زايد الحاكم الفعلي لدولة الإمارات والذي يقود كل السياسات والمؤامرات التي أسلفنا عنها في المنطقة بل وفي العالم.
وقد اختار حكام أبوظبي أن تكون دولة الإمارات (دولة وظيفية)، لأنها دولة حديثة النشأة لا تملك تاريخاً ولا جغرافيا ولا كثافةً سكانيةً وإنما فقط القدرات المالية الجبارة والتي توظفها من أجل سياستها العليا التي تقوم على عدة محاور.
المحور الأول : ترسيخ حكم العائلة أو -قل إن شئت- فرع من العائلة (أولاد الشيخ زايد من الشيخة فاطمة).
المحور الثاني القيام بدور الوكيل الحصري للمصالح الأمريكية والإسرائيلية والغربية في المنطقة من خلال ترسيخ علاقات مستقرة وشراء ولاءات المسئولين في الولايات المتحدة من الجمهوريين أو الديمقراطيين وفعلت مثل ذلك في بريطانيا والذي فُضِح مؤخرا بتقرير مؤسسة سبين ووتش، وكذلك فتحت أبوابها لبناء قواعد عسكرية أمريكية، وكذلك ميناءين بحريين في 1991 بعد الغزو العراقي، كذلك القاعدة العسكرية الفرنسية في 2009.
المحور الثالث تقديم الإمارات نفسها على أنها نموذج اقتصادي متفرد جاذب للاستثمارات العالمية ومحور للتجارة العالمية استخدمت رأس المال لترتبط بالشركات العالمية التي أغلبها إما أمريكية أو مرتبطة بها وإما صهيونية أو مرتبطة بالكيان الصهيوني وتزيح من أمامها أي عوائق سواء بالقوة الخشنة أو الناعمة ودخلت في التنافس الاستراتيجي حول الممرات البحرية في منطقة باب المندب والمحيط الهندي وقناة السويس ومضيق هرمز.
المحور الرابع حاول حكام أبوظبي تقديم الإمارات أولا بأنها نموذج التسامح الديني ببناء كنائس في إمارات ليس بها مسيحي واحد وكذا بناء كنيس يهودي وأكبر معبد بوذي، والتضييق على الإسلاميين ثم انتقلت إلى التماهي مع المشروع الصهيوني والانتقال من التضييق على الإسلاميين إلى شيطنتهم ومحاولة القضاء عليهم، ثم إلى معاداة الإسلام السياسي ثم إلى معاداة كل ما هو إسلامي.
(وفي ضوء ذلك قد يتضح لك عداءها البشع لتركيا باعتبارها نموذجا اقتصاديا متميزا لا يمكن لدويلة الإمارات مضاهاته والتحرك الهادئ لحزب العدالة والتنمية الحاكم نحو قيم الإسلام واحتضان تركيا لكل المظلومين الفارين من الطغاة والمستبدين في أنحاء العالم الممولين والمدعومين من الإمارات).
وقد يفسر البعض خوف الإمارات ومعها السعودية من ثورات الربيع العربي أن يتم تصديرها لهم، ولكنهم من حيث يخشون تصدير الثورة إليهم يستوردون هم أسبابها ويستعجلونها بالمؤامرات والمغامرات واستعداء الشعوب، ومع أننا نرى إخفاقاتهم المتكررة إلا أنهم ينهكون الأمة بهذه الممارسات والمؤامرات.
وفي النهاية ينبغي أن نفرق بين الشعب الإماراتي الذي نكن له كل الاحترام ونتمنى له كل الخير، وبين هؤلاء الحكام الذين يحملون هذا المشروع التدميري، وعليه ينبغي أن ندرك أيضاً أن مناهضة المشروع الإماراتي الذي يقوم عليه حكام إمارة أبوظبي لا يقل أهمية عن مناهضة المشروع الصهيوني فهو يتماهى معه ويقوم على خدمته فضلا عن خدمتهم للماسونية العالمية وربما يحملون عضوية متقدمة في محفلها، ويظل هؤلاء ورما خبيثا في جسد الأمة وسوسا ينخر في عظامها ينبغي مواجهته.