اعتاد الموريتانيون طيلة السنوات الماضية على التوافد إلى فضاء التنوع الثقافي والبيئي بوسط العاصمة نواكشوط، لحضور واحد من أهم المهرجانات التراثية التي تنظم خلال شهر رمضان المبارك.
لكن المهرجان الذي يطلق عليه اسم "ليالي المديح" بات يصارع للاستمرار، بسبب غياب التمويل والرعاية الحكومية.
وطيلة ليالي المهرجان الذي يستمر لمدة أسبوع كل سنة خلال شهر رمضان المبارك، يتبارى عشرات المداحة (المنشدين) في تقديم وصلات مديحيه (إنشادية) إحياء لشهر رمضان المبارك، وتتوافد الأسر لحضور أمسيات المهرجان التي تنظم في الهواء الطلق وعادة ما تستضيفها ساحة "فضاء التنوع الثقافي والبيئي" بقلب نواكشوط.
وتتناول المدائح والأناشيد التي يقدمها المنشدون خلال ليالي هذا المهرجان، سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، والغزوات والفتوحات الإسلامية ويتم تقديمها باللهجة المحلية.
ويقول القائمون على المهرجان، إنه شكل إطارا ثقافيا وفنيا من أجل إشاعة السلم والمحبة بين أفراد المجتمع الواحد، ولتأسيس تغيير جوهري في المجتمع عن طريق الفن والثقافة.
أداء جماعي وطبل تقليدي
وتنعش ليالي المهرجان فرق شعبية تضم مداحين ومنشدين يقدمون أغاني جماعية مصحوبة بآلة الطبل ويتوافدون من مختلف مدن البلاد إلى العاصمة نواكشوط للمشاركة في المهرجان.
وتقدم الفرق المشاركة في المهرجان وصلاتها الغنائية بطريقة جماعية وفي غياب الآلات الموسيقية الوترية والاكتفاء بالطبل التقليدي.
ويقول القائمون على المهرجان إنهم يهدفون من خلاله إلى الحفاظ على تراث شعبي بات مهددا بالاختفاء بسبب غياب التدوين، إذ إنه لا يزال ثقافة شفاهية تتوارثها العائلات والمنشدون والمداحون.
النسخة الأخيرة
وانطلقت نسخة هذا العام من المهرجان قبل يومين بالعاصمة نواكشوط، بمشاركة أكثر من 30 مداحا ومنشدا، وبحضور جماهيري كبير.
لكن القائمين على المهرجان يخشون من أن تكون هذه الدورة هي الأخيرة بسبب انعدام التمويل وغياب الدعم الحكومي.
وحسب مدير المهرجان محمد عالي ولد بلال، فإن القائمين على المهرجان حافظوا طيلة السنوات الماضية على أن يكون متميزا وأن تتنوع فعالياته باستمرار، رغم غياب أي جهة راعية أو دعم حكومي.
وقال في تصريح لـ"عربي21" إن النسخة الحالية قد تكون الأخيرة، بسبب شح الموارد المالية.
وأشار إلى أن "مركز ترانيم للفنون الشعبية" (الجهة المنظمة للمهرجان) لا يزال حريصا على تنظيم المهرجان لكن انعدام الدعم الرسمي ومن المؤسسات الخاصة يجعلهم في مركز ترانيم يشعرون بتخوف كبير من إمكانية أن تكون الدورة الحالية هي الأخيرة لهذا المهرجان.
وأضاف: "المهرجان شق طريقه بصعوبة وصبر، رغم شح الموارد".
موروث مجتمع
من جهة أخرى أعلن المسؤول الإعلامي للمهرجان، المختار محمد يحيى، أن "مركز ترانيم للفنون الشعبية" (الجهة المنظمة للمهرجان) اختتم يوم الخميس الماضي المرحلة الأكثر صعوبة ضمن مراحل مشروعه (المدح الشعبي موروث مجتمع) و هي المرحلة المتعلقة بتسجيل مدائح المداحة (المنشدين) المشاركين في الاستيديو وتصويرهم مع مناظر من الرمال وبجانب الإبل والآبار.
وقال بيان للمركز وصل "عربي21" نسخة منه: "إنها مرحلة كانت صعبة خاصة أن الفنانين الشعبيين الموريتانيين تعتبر هذه أول تجربة لهم في مجال تسجيل المديح على أساليب حديثة مثل الاستوديوهات والتصوير الخارجي".
ووفق البيان فإن هذا المشروع يدخل في إطار سعي المركز إلى تسجيل المدائح النادرة من المديح الشعبي والمهددة بالاندثار والتعريف بالمداحة وبمناطقهم الأصلية والبيئة التي نشأوا فيها وتعلموا هذا النمط الموسيقي.
لا يوجد تعليقات على الخبر.