أحد الجرحى الفلسطينين يتلقى العلاج في مستشفى القوات المسلحة الأردنية في عمان
أظهرت مسيرات
العودة الكبرى التي انطلقت على الحدود الشرقية لقطاع غزة في 30 من آذار/ مارس الماضي
حضورا أردنيا لافتا في متابعة المملكة للأوضاع السياسية، وتداعيات المجزرة التي ارتكبتها
قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المتظاهرين في 14 من الشهر الجاري.
واستبقت الأردن
الدول العربية في إدانتها لسلوك الجيش الإسرائيلي في استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين،
كما أظهر الأردن دعمه لهذه المسيرات من خلال سماحه للحركة الإسلامية بتنظيم مظاهرات
حاشدة على حدوده مع الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل في مشهد قل حدوثه في السنوات
الأخيرة.
ومن ناحية أخرى
أظهر الأردن دعمه الواضح لقطاع غزة من خلال تسييره لعدد من القوافل الطبية العاجلة
لمستشفيات وزارة الصحة في غزة، بالإضافة لذلك تكفلت المملكة بعلاج العشرات من مصابي
مسيرات العودة بأمر ملكي، وعلى جانب آخر أظهر الأردن على المستوى الرسمي حضوره القوي
في مشاركة الأسرة الملكية في اجتماع القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي الذي
عقد في مدينة اسطنبول التركية في 18 من الشهر الجاري.
ويرى مراقبون
أن انخراط الأردن في تفاصيل الأوضاع الراهنة للقضية الفلسطينية، نابع من شعور الأردن
بمؤامرة دولية وعربية تقودها السعودية لتهميش دورها السياسي، خصوصا بعد تسريبات انفردت
بها "عربي21" أظهرت مساعيا سعودية لسحب الوصاية الأردنية من مدينة القدس.
القفز عن الدور
الأردني
إلى ذلك أشار
الكاتب والمحلل السياسي الأردني، شاكر الجوهري، أن "إظهار المملكة الأردنية لهذا
الاهتمام المتزايد بالقضية الفلسطينية مؤخرا، نابع من شعور المستوى الرسمي الأردني بتجاهل
الأطراف الدولية والإقليمية لدورها في ضبط وإدارة الوضع الفلسطيني، كما أن الأردن الذي
يستمد شرعيته في التدخل بالقضية الفلسطينية من الإرث الديني والتاريخي في حق المملكة
بالوصاية على مدينة القدس، وما جرى في الأيام الماضية من جهود عربية وأمريكية لتحييد
الأردن عن ملف القدس يحتم على المملكة أن تفرض نفسها كلاعب إقليمي لا يمكن تجاوزه أو
القفز عنه".
وأضاف الجوهري
في حديث لـ"عربي21" أن "الولايات المتحدة بمساندة أطراف عربية تحاول
أن تسحب الشرعية من المملكة الأردنية، وتصريح جيراد كوشنر بأن لا حق لأي دولة بالوصاية
على القدس هي رسالة شديدة اللهجة موجهة للأردن، لذلك أظهرت الأسرة الملكية حضورها بقوة
في مؤتمر القمة الإسلامية في اسطنبول، وحاولت الأردن أن تهدد بهذه المشاركة الولايات
المتحدة بأنها على أعتاب خسارة حليف استراتيجي إذا لم تتراجع عن مواقفها من مدينة القدس".
ومن ناحية أخرى
أشار الجوهري بأن "المملكة الأردنية تشعر بالقلق من تراجع الوضع الصحي للرئيس
محمود عباس، لذلك تحاول أن تعيد دورها الحقيقي في الضفة الغربية؛ لأن أي اختلال في موازين
القوى في حال غاب الرئيس عباس عن المشهد، سيشكل خطرا قوميا وأمنيا على المملكة".
وكان الملك الأردني
عبد الله الثاني قد شدد خلال استقباله لوفد من مجلس النواب الأمريكي الأحد على ضرورة
حل مسألة مدينة القدس ضمن ملفات الحل النهائي، كما أدان الملك التصعيد الإسرائيلي ضد
المتظاهرين الفلسطينيين في غزة.
رسائل ودلالات
وعلى جانب آخر، أكد الكاتب والمحلل السياسي الأردني، عمر كلاب، أن "إظهار الأردن لهذا الدعم المنقطع
النظير لمسيرات العودة وللتصريحات الأمريكية بشأن القدس، تحمل رسالة ثلاثية الأبعاد
الأولى لمحمود عباس الذي صمت بشكل غامض ومُعيب عن المجزرة الإسرائيلية، والرسالة الثانية
موجهة لإسرائيل ولأطراف إقليمية بعينها بسبب الوصاية الأردنية على القدس، أما الرسالة
الثالثة موجهة لمصر التي استثنت الأردن من ملف المصالحة التي ما زالت تراوح مكانها
لعدم جدية مصر بحسمها".
وأضاف المحلل
السياسي في حديث لـ"عربي21" أن "غزة بالنسبة للأردن تعتبر ملعبا ثانويا
من الناحية السياسية والاستراتيجية، لأنه يدرك بأن غزة باتت ضمن ملف لأطراف إقليمية
مثل تركيا، والاهتمام الأردني لغزة في الأيام الأخيرة هي ضمن رسائل ترسلها المملكة
لأطراف إقليمية، وتحديدا للخليج العربي الذي أدار ظهره للأردن باتفاق أمريكي".
أما "الضفة
الغربية، فبالنسبة للأردن فهو يراها فضاء حيويا ولا يمكنها الجلوس في قاعة المتفرجين،
كما يدرك الأردن أن عباس يسعى إلى جلوس الأردن في هذه القاعة، لذلك يحاول أن يفرض نفسه
كلاعب مؤثر من خلال إعادة دورها المتزايد في غزة".
وختم كلاب بقوله
أن "الأردن يدرك تماما أن دوره محفوظ ولا أحد يستطيع تجاوزه في الضفة، لكن الشروط
الحالية تدخله في صدام ثنائي مع الشارع الفلسطيني وفصائله المتعددة، وفي صدام أعمق مع
الشخصية الوطنية الأردنية التي تميل إلى التحالف الخليجي والابتعاد عن فلسطين، بحكم
تعقيدات الحالة الفلسطينية وطبيعة التكوين الديمغرافي للمجتمع الأردني".
2
شارك
التعليقات (2)
فلسطين
الإثنين، 28-05-201807:33 م
حماس لم تؤذ الأردن مقدار ذرة ومع ذلك عاملها النظام بجفاء والمنظمة التي اضرت بالأردن كثيرا وأهملت الاردن يتعامل معها النظام... تناقض عجيب مريب ... ان لم يتعامل الاردن مع حركات المقاومة خااااصة حماسسس فلن يكون له دور
عربي من بلاد العرب
الإثنين، 28-05-201806:26 م
الاردن هو الذي رضي لنفسه هذه العزله عندما اخرج حماس من الاردن وعندما رفض استقبال وزراء حماس في 2006 وما بعد ذلك بينما كان يستقبل احقر مسؤول صهيوني.. فهل يغير الاردن سلوكه ام فات الاوان ...