قبل إعلان الترتيبات النهائية للانتخابات البرلمانية في العراق، بدا أن ائتلاف «سائرون نحو الإصلاح» الذي يقوده مقتدى الصدر ويضم الشيوعيين هو الفائز، فله أكثر من 58 مقعدا في البرلمان الذي يضم 328 نائبا.
بعد «سائرون» هناك تحالف «الفتح» بقيادة هادي العامري، ثم «ائتلاف دولة القانون» بقيادة نوري المالكي، ثم «الوطنية» بقيادة أياد علاوي، ثم «النصر» بقيادة حيدر العبادي، و «القرار» بقيادة أسامة النجيفي، وأخيراً «الحكمة» بقيادة عمّار الحكيم.
مقتدى الصدر شاب له من العمر 44 عاماً يريد حكومة جامعة غير حزبية، وتحالفه مع الشيوعيين وقادة وطنيين علمانيين يعود إلى سنة 2005، ولعل شعار تحالفه في الانتخابات يكشف ما يعتبره أولويات فقد كان عن الفساد والإرهاب.
في كردستان العراق تنافست الأحزاب الكردية المعروفة، وحلّ الاتحاد الوطني الكردستاني أول في السليمانية، والحزب الديموقراطي الكردستاني أول في أربيل، وبعده الاتحاد الوطني. رئيس الوزراء حيدر العبادي فاز في الموصل التي حررت من إرهابيي داعش في تموز (يوليو) الماضي.
أكتب وأتذكر الزعيم الكردي البطل جلال طالباني، فقد كان صديقاً عزيزاً قبل سقوط صدام حسين وبعده، وخلال عمله رئيساً للجمهورية. حاولت أن أراه وهو في مرضه الأخير، ومنعتني متطلبات العمل، إلا أن ذكراه باقية، فقد كان زعيماً وطنياً كردياً، وزعيماً عراقياً عمل لخير العراقيين جميعاً.
الآن أقرأ أن مسعود بارزاني، زعيم الأكراد، ونيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان، أرسلا التهاني لمقتدى الصدر لتقدم ائتلافه في نتائج الانتخابات. الصدر تلقى تهنئة أيضاً من عمّار الحكيم.
الناخبون في العراق يتجاوزون 18.2 مليون شخص، وعدد الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة لم يتجاوز 44 في المئة، ما يعني هبوطاً كبيراً عن انتخابات 2005 التي شارك 70 في المئة من الناخبين فيها.
المهم الآن أن ايران موجودة في العراق ومثلها تركيا والولايات المتحدة وأنصار مقتدى الصدر هتفوا ضد إيران بعد إعلان فوزهم، ولا أحد في العراق يريد وجوداً لتركيا أو الولايات المتحدة. حكومة رجب طيب أردوغان تحارب الأكراد في تركيا وقد تابعتهم داخل العراق، وأنا أنتصر للأكراد في تركيا والعراق وإيران، فهم يستحقون دولة مستقلة، إلا أنني لا أعرف إن كانوا سيحصلون عليها يوماً. هم غالبية في أجزاء من شرق تركيا وشمال العراق وموجودون في إيران ومناطقهم متواصلة جغرافياً ويمكن أن تُربط في دولة جديدة.
ما سبق كله في عالم الغيب، فأقول إن العراق بلد يملك موارد طبيعية لا يوجد مثلها في أي بلد آخر في الشرق الأوسط. هناك دجلة والفرات وسهول توفر إنتاجاً زراعياً يكفي أهل العراق جميعاً ويبقى منه للتصدير. ثم هناك مخزون بترولي كبير للاستهلاك المحلي والتصدير، وهو قادر على إخراج العراق من جميع مشكلاته الحالية لو أحسِن استعماله وخلا من أي فساد أو سرقة.
أصدق مقتدى الصدر عندما يتحدث عن مكافحة الفساد، ثم أجد أن موقفه يواجه المنافسة بين الولايات المتحدة وإيران في بلده. كان الرئيس دونالد ترامب وعد بسحب القوات الأميركية من العراق، وهي محدودة العدد جداً، ثم تراجع. أرى أن قاسم سليماني، رئيس «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، وصل إلى بغداد ليفرض شروطاً على مقتدى الصدر، وهو سيقف في وجه سياسة الصدر وأيِّ إصلاحات يريد أن تجرى في المرحلة المقبلة، لأنها ستكون ضد مصلحة إيران.
أسجل أنني مع شعب العراق، ولست ضد أحد في الشرق الأوسط سوى إسرائيل، فأرجو أن تجتمع دول المنطقة ضد إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة؛ انتصارا للفلسطينيين، ودفاعا عن مصالحها في مواجهة غزو خارجي سافر.