هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل في سوريا لن تكون الأخيرة من حيث المكان أو التوقيت، فكل منهما يبحث في الأساس عن مصالحه، ولا ضير في استخدام الأوراق الممكنة كلها لتحقيق هذه المصالح.
لا شك في أن إيران تستخدم القضية الفلسطينية في كثير من معاركها في المنطقة سواء في اليمن أو لبنان أو سوريا أو العراق والهدف من ذلك، هو الإبقاء على وجودها في هذه المناطق والسيطرة الفعلية على مقومات المنطقة، وخلق هلال مؤيد لإيران ومصالحها.
كما أنها أيضا تستخدم أداة المذهبية، تعزف من خلالها على الوتر الشيعي، مستغلة ما تعرضت له هذه الطائفة من تهميش وأكثر من ذلك، وبالتالي تحاول الظهور وكأنها الحامي والمدافع الأول عن الشيعة في العالم الإسلامي، ومن خلال هذا الوتر تسللت إلى العراق بعد انهيار نظام البعث ورسخت وجودها فيه على أساس طائفي بحت.
بمعنى آخر طهران ليست معنية حقيقة بالعرب ومصالحهم بقدر حفاظها على مصالحها في المنطقة.
إسرائيل هي دولة احتلال، دولة قتلت وشردت ملايين الفلسطينيين والعرب واستولت على أرضهم، منذ العام 1948 وحتى اليوم.
في مواجهتها مع إيران تحاول كذبا أن تظهر وكأنها مدافعة عن مصالح بعض الدول «السنية» حسب تعبيرها أمام إيران. والإعلام الإسرائيلي يحاول بشتى الطرق دغدغة عواطف بعض العرب الذين أصبحوا يرون في هذا الاحتلال خط دفاع عن مصالحهم، وهذا أمر مغلوط تماما.
كيف يعتقد البعض أن دولة استعمارية توسعية يمكن أن تغير جلدها في لحظة وتصبح مدافعة عن العرب ومصالحهم. هذا غباء سياسي وأكثر من ذلك، هو ردة جاهلية!
وزير المواصلات الإسرائيلي إسرائيل كاتس يقول في تصريح صحفي، إن إيران ستصبح الحليف الأول لإسرائيل إذا سقط النظام الإيراني. ولا شك في أن هذه هي قناعة القادة الإسرائيليين، فإيران في زمن الشاه كانت الحليف الاستراتيجي لإسرائيل بقدر ما كانت تكن العداء للعرب، ابتداء من الاستيلاء على الجزر الإماراتية وليس انتهاء باتفاقية شط العرب في سبعينيات القرن الماضي.
إسرائيل تدرك تماما معادلة الأوضاع في المنطقة، فالعلاقة مع النظام الإيراني في قمة التوتر، ولكن مع الشعب الإيراني لا مشكلة، وهناك كثير من الإيرانيين على المستوى الجماهيري يؤيدون إسرائيل ويناهضون العرب.
على الطرف الثاني من المعادلة تعتقد إسرائيل أن الجماهير والشعوب العربية ضدها ومعادية لها بشكل مطلق، ولن تتمكن من النجاح في أي اختراق لهذه الجبهة، وأن هذه الجبهة أقوى بكثير من عوامل التعرية السياسية والاقتصادية. فمن المغرب وحتى الخليج العربي قالت الشعوب كلمتها «لا للاحتلال ولا للتطبيع، والقدس وأرض فلسطين غير قابلة للمساومة».
بناء على ذلك، تحاول إسرائيل اليوم إقامة جسور مؤقتة مع الأنظمة أو بعض النخب اللاهثة وراء مصالحها المالية والشخصية الضيقة. وهي تعي مدى الخطر، لأن الأنظمة زائلة والشعوب باقية. وما دام الاحتلال الإسرائيلي قائما فلن يكون لإسرائيل أي تمثيل حقيقي في دولة عربية، وإن أقامت بعض النخب المغمورة علاقات تطبيعية معها.
أمام هذا الواقع، على العرب أن يكونوا حذرين، فربما بعد سنوات قليلة تكون إيران الحليف الأول لإسرائيل. وبعدها ربما سنعض الأصابع ندماً على مواقف غريبة عجيبة خرجت من البعض.
من بين هذه المواقف تصريحات وزير الخارجية البحريني الذي أعلن وقوفه إلى جانب الضربة الإسرائيلية في سوريا، وهو موقف غريب؛ كيف يقف وزير عربي مع دولة استعمارية.
بعدها بساعات تخرج تصريحات إسرائيلية تشيد بهذا الموقف وتعتبره أكبر تصريح داعم لإسرائيل.
هذه ليست المرة الأولى التي يغرد فيها وزير الخارجية البحريني خارج السرب العربي، متمنين ألا تكون مواقفه هذه استراتيجية تجاه الاحتلال الإسرائيلي.
أيضا هناك مواقف شاذة في دولة البحرين الشقيقة تمثلت بمشاركة وفد بحريني في ماراثون الدراجات الهوائية في القدس المحتلة وتحت أسوارها التي حررها صلاح الدين، لماذا. وماذا تستفيد البحرين من هذه المواقف سوى مزيد من الاستغراب والشجب من الشعوب العربية».
دولة الاحتلال الإسرائيلي لن توقف العدوان الإيراني على البحرين، بل على العكس تماما، هي التي شجعت الشاه في مواقفه تجاه هذا البلد الشقيق، وهي التي ربما ستساعد إيران في المستقبل عندما يتغير النظام.
وزير الخارجية البحريني لم يصب في تصريحاته، وإن كان دغدغ مشاعر قلة من المغامرين العرب الذين لا يدركون مخاطر التوسع الإيراني وخاصة الاقتصادي في المنطقة.
ولا عجب أن نرى البعض يبرر لهذا الانزلاق معتبرا أن كثيرا من السوريين المناهضين للنظام بعد مقتل أقاربهم هم مع مثل هذه المواقف.. عجبا لذلك. ولكن هي الرؤيا بعين واحدة، فهناك الكثيرون الذين قتلوا على يد المعارضة والإرهاب باسم الإسلام، في دولة أصبحت ملعبا للمواجهة الدولية، الخاسر فيها العرب كلهم.
الأيام الفلسطينية