صحافة دولية

جون أفريك: الدول المغاربية تنأى بنفسها عن الأزمة الخليجية

أرشيفية
أرشيفية

نشرت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن السياسة التي تنتهجها الدول المغاربية تجاه الدولتين الخليجيتين، المملكة العربية السعودية وقطر. وتتبع كل من المغرب، وتونس، والجزائر، سياسة الحياد من أجل المحافظة على علاقات متوازنة مع طرفي الصراع.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21 "، إن الحكومات المغاربية تسعى إلى الحفاظ على المسافة ذاتها بين الدولتين الخليجيتين. في الأثناء، كان الأمير القطري، تميم بن حمد آل ثاني، من بين الأوائل اللذين اتصلوا للاطمئنان على صحة الملك المغربي، بعد العملية الجراحية التي أجراها مؤخرا، دون أخبار حول التحركات السعودية في هذا السياق.
 
وذكرت الصحيفة أنه منذ انطلاق الأزمة بين الأشقاء الخليجيين، توطدت العلاقات بين الدوحة والرباط، وهو ما أنهى الأزمة الدبلوماسية بين الطرفين، بسبب الملفات التي كانت تعدها القناة الإخبارية "الجزيرة" حول الأوضاع في المغرب. كما منحت الجزيرة حقوق بث مونديال روسيا للقنوات المغربية.
 
وأوردت الصحيفة أن المغرب لم يتلق إلى حد الآن أي عتاب رسمي من السعودية، أمام تقاربه مع قطر.

 

وفي السياق ذاته، لم تدل الدبلوماسية المغربية بأي تعليق فيما يتعلق بعمليات التطهير التي يقودها ولي العهد السعودي، خاصة أنها حريصة كل الحرص على تطوير العلاقات الاقتصادية مع المملكة الوهابية، التي انطلقت في تنفيذ مشاريع استثمارية عملاقة في المغرب.
 
وأوضحت الصحيفة أن تونس تقف على المسافة ذاتها بين السعودية وقطر، نظرا للدعم المالي الذي تتلقاه من الطرفين، محافظة على تقاليدها الدبلوماسية التي تقضي بالحفاظ على الحياد. ومن الجدير بالذكر هنا أن قناة الجزيرة كانت في عداء معلن لبن علي في السنوات التي سبقت سقوطه. وعلى هذا النحو، أصبحت قطر قريبة من المعارضة التونسية، التي وصلت إلى السلطة بعد ثورة سنة 2011.
 
وأشارت الصحيفة إلى أنه أثناء تولي حكومة الترويكا مقاليد السلطة في البلاد بقيادة إسلاميي حزب النهضة بين سنتي 2012 و2013، وطدت قطر العلاقات مع تونس من خلال استثمار قرابة 100 مليون دولار بين سنتي 2012 و2016.  وخلال سنة 2012، تحصلت تونس على قرض قدره 500 مليون دولار من هذه الدولة.
 
في المقابل، انتقدت المعارضة التونسية التدخل القطري في البلاد، خاصة أنها تمول بسخاء كبير العديد من الجمعيات الإنسانية والخيرية، التي يتبنى بعضها الفكر الإسلامي. وقد تمت هذه العمليات عبر منظمة "قطر الخيرية". لكن، اتهمت هذه الجمعيات بإرسال الشباب التونسي للقتال في سوريا بين صفوف التنظيمات الإرهابية. ويؤكد ذلك ما توصلت إليه لجنة التحقيق في مجلس نواب الشعب سنة 2017.
 
وكشفت الصحيفة على أن العلاقات بين تونس والرياض أصبحت دافئة نسبيا منذ سنة 2013. كما أرادت جميع الحكومات التي خلفت الترويكا "رفع أدنى درجة من التعاون بين البلدين الشقيقين"، وهو ما أكده رئيس الحكومة السابق، مهدي جمعة، خلال سنة 2015. وتشير مصادر دبلوماسية تونسية إلى أن محمد السادس لعب دورا في انتعاش هذه العلاقات.
 
وقالت الصحيفة إن التأثير السعودي لاح من خلال تمويل المملكة العربية السعودية لمشاريع استثمارية بلغت ذروة 800 مليون دولار. كما تعمل المملكة على إعادة إصلاح جامع عقبة بن نافع، علاوة على بناء ثلاثة مستشفيات في القيروان والمناطق المحيطة بها. وخلال سنة 2015، شاركت تونس، على الرغم من أنها لم ترسل فيالق عسكرية، في التحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي تقوده الرياض، والتي زودت تونس في هذه العملية بخمس طائرات إف-5.
 
وتحدثت الصحيفة عن علاقة الجزائر بكل من السعودية وقطر. فمنذ الاستقلال، حافظت الجزائر على تقاليدها الدبلوماسية، التي تتمثل دائما في الحفاظ على المسافة ذاتها مع الدول العربية أو الإسلامية في الصراعات. ولا يتردد الجزائريون في عرض مساعيهم الحميدة، تماما كما حصل سنة 1975 أثناء المصالحة بين إيران والعراق، أو في الثمانينيات خلال الصراع الدامي بين هاتين الدولتين. وإلى غاية هذا الوقت، واصلت الجزائر في إثبات موقفها المحايد.
 
 وأضافت الصحيفة أنه بدلا من الانحياز إلى جانب أحد الطرفين، تفضل الجزائر الدفاع عن مبدأ الحوار والحكمة. وقد أبدى الرئيس بوتفليقة، الذي ظل لفترة طويلة في الخليج خلال مرحلة "عبور الصحراء" في ثمانينيات القرن العشرين، هذا الموقف.
 
وأفادت الصحيفة بأن قطر أنشأت مشروعين في الجزائر، ولعل من أبرزها مجمع الصلب في ولاية جيجل، الذي تبلغ تكلفته ملياري دولار. وبغض النظر عن كون الاستثمارات السعودية أقل أهمية، تتمتع الرياض بهالة ونفوذ مستمر؛ فالآلاف من الجزائريين يزورون الأماكن المقدسة كل سنة لأداء طقوس الحج.
 
بالإضافة إلى ذلك، تواصل المملكة العربية السعودية دعم الجمعيات الدينية الجزائرية بشكل مباشر أو غير مباشر. في الوقت ذاته، نأت الحركة الإسلامية المحلية بنفسها عن الوهابية، وعن الإخوان المسلمين في مصر، مفضلين اتباع النموذج التركي أو الماليزي.
 
ونوهت الصحيفة بأن كل شيء يسير على أفضل وجه بين الجزائر والرياض، والدليل على ذلك الزيارة الرسمية التي أجراها وزير داخلية المملكة، عبد العزيز بن سعود، في أوائل شهر آذار/ مارس، إلى الجزائر، والتي استغرقت ثلاثة أيام.

التعليقات (0)