هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقابلته مع صحيفة "إسرائيل
اليوم" مترددا حيال طرح خطة للتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الجديد في كلام ترامب ليس موقفه المتحامل والمعادي للجانب الفلسطيني،
بل شكه في استعداد حكومة نتنياهو للقبول بصفقة تنطوي على تنازلات مؤلمة من الطرفين
كما قال.
الصفقة المحتملة مرفوضة من الجانب الفلسطيني، استنادا لما تسرب عن
مضمونها. وقبل ذلك كانت القيادة الفلسطينية قد أعلنت رفضها إجراء اتصالات مع إدارة
ترامب بعد قرارها الأخير بشأن القدس وقوله أخيرا بأن القدس لم تعد مطروحة على
طاولة المفاوضات.
لكن
من الواضح أن المشاورات بين الجانبين الأمريكي والإسرائيلي حول الخطة الموعودة
أفضت لنتائج سلبية بسبب تعنت حكومة الاحتلال وإصرارها على عدم تقديم أي تنازلات
للفلسطينيين حتى لو كانت شكلية.
فريق
ترامب الرئاسي قال منذ البداية أنه سيطرح خطة غير قابلة للتفاوض؛ صفقة متكاملة إما
أن تأخذ بها جميع الأطراف أو ترفضها، مع التذكير بالكلف المترتبة على الرفض من
الجانب العربي طبعا.
ماذا
لو حسم ترامب تردده وصرف النظر فعلا عن تقديم الخطة، هل هذا أفضل للمصلحة الفلسطينية
أم العكس؟
للوهلة
الأولى قد يبدو ذلك خبرا طيبا للفلسطينيين والعرب، يجنب الأطراف مواجهة مكلفة مع
إدارة معادية، ومفاوضات تحت الضغط على صفقة خاسرة أصلا، لا تحمل أية مكاسب للقضية
الفلسطينية.
لكن
ما الذي يحمله غياب الدور الأمريكي من تداعيات خطيرة على مستقبل الصراع؟
في
اعتقادي لا شيء ذو قيمة. بوجود خطة أمريكية أو بدونها النتيجة واحدة.
إدارة
ترامب كانت بصدد تفصيل حل على مقاس المصالح الإسرائيلية، لا يأخذ في الاعتبار حق
الفلسطينيين بدولة مستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس المحتلة.
إسرائيل
لديها خطة تحقق الغرض ذاته، ولم تنتظر إدارة ترامب لعرضها، فهي تعمل ميدانيا
لتطبيقها على الأرض. ضم الكتل الاستيطانية، وقانون لفرض السيادة على الضفة الغربية
أحدث ما تطرحه المؤسسة الإسرائيلية.
وعلى
الجبهات الأخرى، لا يتوقف العمل بنهم شديد لابتلاع المزيد من الأراضي وبناء
المستوطنات، وإفراغ حل الدولتين من مضمونه الآن وفي المستقبل. وقد تمكنت إسرائيل
من تكريس القناعة لدى قطاع واسع من الفلسطينيين بأن حل الدولتين غير ممكن أبدا.
وإسرائيل
ليست في وضع يسمح بمساومتها على احتلالها. إنها تعمل وبشكل دؤوب لتقليل كلفة
احتلالها للأراضي الفلسطينية عن طريق ابتلاعها لهذه الأراضي، وإخفاء آثار الاحتلال
بتغيير الواقع وتحويل القضية الفلسطينية إلى مشكلة سكانية.
ما
لم يتم تغيير المعادلة على الأرض فإن إسرائيل غير معنية أبدا بالدخول في مفاوضات
وصفقات، ما دامت قادرة على تحقيق أهدافها دون مقاومة.
لا
الوضع الفلسطيني ولا العربي يرغمها على التسليم بحل سلمي يستند إلى حل الدولتين.
الخيارات مفتوحة أمامها لهندسة حلول تستجيب لمصالحها. هي في طور
تجاوز تحدي الأرض ولم يبق عليها سوى حل مشكلة السكان.
السلطة
الفلسطينية فقط هي المعنية بالإجابة عن سؤال الخطة الأمريكية من عدمها، لأنها في
الحالتين ستدفع ثمنا باهظا، وعليها أن تفكر سريعا بمخرج من هذا المأزق.
الغد الأردنية