هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
منذ ما يقرب من سبعة أشهر، احتفت وسائل الإعلام المصرية بافتتاح رئيس
الانقلاب عبد الفتاح السيسي لما اعتبروه أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط، وهي
قاعدة محمد نجيب بالمنطقة الغربية في محافظة مرسي مطروح.
واليوم،
يعاود السيسي زيارتها مرة أخرى، ليس من أجل الوقوف على الاستعدادات العسكرية في الحدود الغربية، وإنما لافتتاح مشروعات زراعية قامت بها القاعدة العسكرية الأكبر في
مصر، وهو ما كان مثار انتقادات، بعضها ساخر والآخر جاد، عن تحول الجيش المصري عن
أهدافه الحربية وجرأه بكل السبل؛ للانخراط في المشروعات الاقتصادية، بعد أن أصبح
شريكا أساسيا في الحياة السياسية.
وعلى
الجانب الآخر من الحدود، ما زالت أصداء تقرير النيويورك تايمز عن قيام الطيران
الإسرائيلي بشن هجمات على تنظيم الدولة بسيناء بعلم السلطات المصرية، ولعل الأخطر
هو ما كشفته صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية بأن المشاركة الإسرائيلية جاءت لفشل
الجيش المصري في مواجهة ما اعتبرته إرهاب تنظيم داعش، الذى قام بما يقرب من 1200
عملية ضد أهداف عسكرية وأمنية في سيناء منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013.
من
جانبه، أكد الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية، عبد المعز الشرقاوي، لـ"عربي21"، أن
السيسي نجح خلال السنوات الخمس الماضية في توجيه الجيش إلى سياسة المصالح
المتبادلة، فهو فعل كل شيء من أجل الحصول على ولاء الجيش له، وربط مصير بعضهما
ببعض.
ويضيف
الشرقاوي أن السيسي قدم أيضا للجيش الكثير من المكاسب الاقتصادية، بدءا من تحصين
ميزانيته في دستور 2014، بما يضمن عدم مراقبتها، مثلما كان الوضع في عهد مبارك، وهو
ما كان يمثل خلافا كبيرا بين الجيش والإخوان في الجمعية التأسيسية التي أعدت دستور
2012، وأخيرا تسليم الجيش مفاتيح الاقتصاد المصري بكل مشتملاته، حتى أصبح اللواء
كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية العسكرية هو رئيس الحكومة الفعلي في مصر، بعد أن
أصبحت بيده مفاتيح كل مجالات الاقتصاد.
ويرى
الشرقاوي أن "هدف السيسي ومعه المجلس العسكري من وراء ذلك هو إيصال رسالة
للجيش، خاصة قياداته، وأن مكاسبهم في ظل وجوده أفضل وأحسن؛ لأن هذه المشروعات ذات
التكلفة الاقتصادية المحدودة ذات مكاسب مالية كبيرة، وهذه المكاسب يتم ترجمتها إلى
بدلات ومكافآت للقيادات، وبالتالي هذا يجعل دفاعهم عن مصالحهم ومكاسبهم ليس له حد، وعلى حساب كل شيء".
ولم
ينف الشرقاوي أن السيسي "استغل انغماس الجيش في المشروعات الاقتصادية لدعمه
في الانتخابات الرئاسية، بل إنه زاد على ذلك بأن جعل الجيش هو نفسه المرشح في
الانتخابات، وأن السيسي يمثله فقط، وبالتالي فهو بهذا المنطق ضمن دعما غير محدود
له في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية، وأصبحت المشروعات التي يقوم بها الجيش
جزءا من الحملة الانتخابية له؛ باعتباره صاحب الإنجاز الأصلي".
ويضيف
الكاتب الصحفي المتخصص في مجال الأمن القومي، كمال علام، لـ"عربي21"، أن
"الفشل الأمني في سيناء نتيجة طبيعية للمخططات التي ينفذها السيسي لتغيير
العقيدة العسكرية للجيش المصري في محددات الأمن القومي للدولة المصرية، وهو ما حقق
فيه نجاحا كبيرا للأسف حتى الآن، بعد أن خلق حالة من العداء بين الجيش وأهل سيناء،
الذين ينظرون للجيش المصري على أنه يحتل سيناء لصالح إسرائيل"، على حد تعبيره.
وأوضح
علام أنه في مقابل إسكات الأصوات المعارضة داخل الجيش لما يحدث في سيناء، "يتم
إشغالهم بالمشروعات ذات العائد الخاص عليهم، أو بمعنى آخر فإن السيسي يعمل على ترسيخ
مفهوم أن الجيش هو مالك الشعب، وأن بقاء الشعب مرتبط ببقاء الجيش، وبالتالي ما
نشهده من تعال واضح من قيادات الجيش ضد باقي الفئات يعيد للأذهان الحالة التي كانت
عليها مصر قبل نكسة 1967".
ويرى
علام أن خطورة الموضوع تكمن في أن "هذا التعاون الأمني والعسكري بين القوات
المصرية والإسرائيلية في سيناء كسر حاجز العداوة الموجود لدى المصريين، بعد أن تم
تقديم الإسرائيليين، باعتبارهم شركاء في الدفاع عن أمن سيناء، وبالتالي لم يعد هناك
عدو يتم التجهيز والإعداد له كما كان يحدث في الماضي.
ولا
يستبعد علام أن يكون إشغال الجيش بالمشروعات الإنتاجية هو "من قبيل الرشوة
والإلهاء"، متسائلا: "إذا خُيَّر قائد عسكري بين الخدمة في مزرعة أو
منفذ بيع يحصل فيها على مقابل إضافي، وبين الخدمة على الحدود بما يهدد حياته،
بالتأكيد فإن الخيار سوف يكون محسوما لدى قطاع غير قليل من أفراد وقيادات الجيش
بالذهاب إلى المكاسب بعيدا عن خسارة الأرواح".