مقالات مختارة

في ظاهرة "الخبراء الإسلاميين" على الفضائيات!

محمود سلطان
1300x600
1300x600

نشطاء إسلاميون سابقون، هجروا العمل التنظيمي، بعد مراجعات جادة أو بعد خلافات تنظيمية أو احتجاجًا على نصيبهم من الكعكة، أو بعد قضاء سنوات طويلة خلف الزنازين المظلمة.. باتوا الآن، نجومًا على الفضائيات المحسوبة على مؤسسات القوة، وليس لي اعتراض على الظاهرة، فمن حق الدولة، توظيف كل أدواتها ـ ومن بينها العائدون من ضيق الجماعة أو التنظيم إلى سعة الأمة ورحابها ـ لمواجهة تهديد الإسلام السياسي، في طبعته الموازية والبديلة عن الدولة.


بعضهم يملك معلومات، ويستخدم كأرشيف يمكن أن تستفاد منه الخطط الأمنية، ولكنه لا يملك أدوات ومهارات تحليل المحتوى والمضمون، يتحدث عن خريطة الجماعات وأوزانها النسبية وتحولاتها بشكل جيد، لكنه يظل عند هذه الحدود الأرشيفية، التي رغم أهميتها، إلا أنها تظل عاجزة عن الإبداع والخيال، وعن تقديم رؤى وسياسات، فتساعد على تفكيك الحالة وإسالتها داخل حاضنة "الدولة ـ الأمة".


وبعضهم أنشق عن "الجماعة ـ التنظيم"، لأسباب داخلية لازالت خافية، ولكنها في الغالب الأعم، لم تصدر عن قناعة بوجود "انحراف"، يوجب التخلي والانشقاق.. ولكن ربما عن خلافات حول حصته من الموارد أو المناصب.. وربما من تهميشه وتحديد إقامته، خارج متن الحركة، ليبقى "مهانًا" على هوامشها المهملة.. فيخرج عنها بضغائن وأحقاد دفينة، وليس مدفوعًا بمراجعات جادة وحقيقية.. اطمأن لها قلبه وضميره.


ومن السهولة على أي مراقب لهذا الملف، أن يكتشف هذا النوع الأخير، من خلال مداخلاته المتوترة والعصبية والتي لا تقدم قراءة موضوعية، وإنما أكاذيب وأساطير، لا يمكن أن يصدقها عقل، حول التنظيم الذي قضى فيه أكثر من نصف عمره: سباب وشتائم واتهامات بالعمالة والخيانة، وربما بالتحريض عليه، أو على رموزه وقياداته.


غالبية مَن يقدمون بوصفهم "خبراء" في الإسلام السياسي، ينحدرون إلى هذه الطبقة التي انهارت أمام القمع الوحشي داخل السجون أو القمع والاستعلاء الهيكلي داخل الجماعة أو التنظيم.. فكانت صيدًا سهلاً للتوظيف الأمني الرسمي، ناهيك عن الإغراءات المالية الكبيرة، التي أحالت بعضهم من العيش في مدن الصفيح، ليمسوا من سكان المنتجعات المخملية.


هناك استثناءات مهمة، وخامات جيدة واللافت أنها من أصول جهادية (الجماعة الإسلامية ـ الجهاد) وعلى رأسهم الدكتور ناجح إبراهيم والزميل الصحفي الأستاذ ماهر فرغلي: الأول تخطى حاجز التحليل، ليتبوأ منزلة أعلى كمفكر ومبدع حقيقي.. والثاني استهل طريقه بشكل لافت، ويعتبر مفاجأة للجميع.. وأعتقد أنه ـ بمضي الوقت وبتراكم الخبرات ـ سيكون واحدًا من أهم المتخصصين في شأن الإسلام الحركي.


ولكن المشكلة تظل في الكتلة الأكبر، التي يعتمد عليها "الإعلام الأمني".. إذ تبقى عبئًا على أي جهود لصوغ سياسات لمواجهة الحركات الإسلامية المتطرفة.. فإذا كان ما يدعونه من أكاذيب تعجب "البعض" لأنها تسيء إلى الخصوم الإسلاميين.. فإنها في الوقت ذاته، مصدر للشوشرة ولتعزيز الانقسام المجتمعي، وصناعة خصومات تقوم على الدم والتصفية المتبادلة.. وتضع البلد كله على شفا حريق هائل ليس بوسع أحد أن يتوقع متى يبدأ ومتى ينتهي.

 

المصريون المصرية

1
التعليقات (1)
المختار
السبت، 16-12-2017 05:02 م
مقال أمنجي لا يليق بالموقع