هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حاولت مجلة إيكونوميست البريطانية قراءة دلالات زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا، وتعمده ازدراء رئيس النظام السوري بشار الأسد.
تقول المجلة إن الزعيم الروسي جاء إلى سوريا، وبالتحديد إلى قاعدة بلاده هناك لإعلان النصر، وهو في هذه اللحظة لا يريد أن يلتقط أحد معه الصورة حتى لو كان بشار الأسد، لذا عندما حاول الأسد أن يأخذ صورة معه أمسكه ضابط روسي من يده ومنعه؛ فالقاعدة العسكرية قد تكون على التراب السوري إلا أنها قاعدة روسية ولهذا قاد بوتين رقصة النصر".
تربط المجلة بين زيارة بوتين وإعلانه النصر وبدء انسحاب قواته من هناك بالشأن الداخلي الروسي، حيث الانتخابات الرئاسية على الأبواب.
فالتدخل في سوريا، وفق المجلة، لم يؤد إلى حماسة كبيرة بين الروس ويفضلون لو قام الرئيس بسحب القوات كلها. ومن هنا فإعلان النصر ما هو إلا حلقة في حملته الانتخابية.
تقول المجلة إن الزعيم الروسي حقق الكثير خلال عامين من تدخله الواسع في سوريا؛ تم تأمين القواعد العسكرية الروسية في منطقة الشرق الأوسط، وأفشل محاولات الغرب عزل بلاده، وتم الحفاظ على بشار الأسد في السلطة، ووقف ما اعتبره الكرملين موجة من تغيير الأنظمة في العالم العربي بدعم أمريكي.
إنجازات بوتين لم تقف عند سوريا، وفق المجلة، فهي امتدت إلى حلفاء أمريكا في المنطقة؛ مصر وتركيا، ففي مصر التي زارها بعد إعلان نصره في سوريا ناقش مع السيسي خطط بناء مفاعل نووي بقيمة 21 مليار دولار، وكان قبلها توصل إلى اتفاق يقضي بالسماح للطائرات الروسية باستخدام القواعد العسكرية المصرية.
أما في تركيا، فقد أحرز تقدما واضحا في صفقة شراء تركيا النظام الصاروخي الدفاعي الروسي.
وتعلق المجلة: "لم يكن هذا متخيلا قبل عدة سنوات، فتركيا هي عضو في الناتو ومصر تعد حليفة أمريكية منذ السبعينيات من القرن الماضي. ولكنهما مثل كل جيرانهما تشعران بالإحباط من غياب القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط".
ولا تقف إنجازات بوتين إلى هنا، وفق المجلة، فقد دخلت روسا في الفترة الماضية حلبة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. وعرض بوتين العام الماضي استقبال جولة من المحادثات، ووجد بوتين في قرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل طريقة أخرى لإدانة الولايات المتحدة.
لكن المجلة ترى أن الحديث عن عودة روسيا قوة عظمى مبالغ فيه، فما تحقق في سوريا لم يكن نصرا حاسما، فالأسد حاكم ضعيف على بلد مدمر. وقد تجد موسكو نفسها أمام معضلة؛ فإسرائيل غاضبة من عدم ضبط روسيا للجماعات المدعومة من إيران في سوريا. وفي الوقت ذاته تحصل مصر على أكثر من مليار دولار من أمريكا، ولو سمحت للطيارين الروس الطيران بحرية في الأجواء المصرية فقد تفقد الدعم الأمريكي.
وفي الختام تقول المجلة إن روسيا ليست الوحيدة التي تحاول ملء الفراغ الأمريكي، فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أدلى بدلوه في حل الأزمة اللبنانية وأخرج رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من الرياض، واتخذ موقفا متشددا من قرار ترامب حول القدس. وفي السعودية يستعرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عضلاته في السياسة الخارجية. فربما كانت مغامرات بوتين في البحر المتوسط مهمة له على صعيد السياسة المحلية، لكنه بات يتحرك في شرق أوسط مزدحم بالمتنافسين.