هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اثار قيام صحيفة او موقع ايلاف السعودي بنشر مقابلة اجراها مع رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي غادي ايزنكوت يوم الخميس 16-11-2017 ردود فعل واسعة وخاصة من حيث اثارته لمخاوف الفلسطينيين الكامنة حول الموقف السعودي من القضية الفلسطينية, وبشكل خاص من حيث المضمون والشكل والتوقيت.
اما من حيث المضمون فقد حمل اللقاء رسائل هامة وخطيرة في نفس الوقت, حيث اكدت تقارير سابقة حول وجود تحالف وتعاون سياسي واستراتيجي واستخباراتي وثيق بين السعودية ودولة الاحتلال, وبذا اثار لدى الفلسطينيين كابوس التآمر على قضيتهم العادلة من جديد, وعدم الاكتفاء بإهمالها وتراجعها في سلم الاولويات العربية.
لقد اكد اللقاء ايضا نقاط الالتقاء المركزية بين السعودية واسرائيل, حيث تحولت ايران الى العدو الاول الذي يجب ان توحد الجهود العربية والصهيونية من اجل محاربته, مستغلين بذلك الكراهية الواسعة لإيران في اوساط الشعوب العربية والاسلامية بسبب ممارسات وسياسات ايران الخاطئة وخاصة في سوريا, وحتى بثمن التغاضي او حتى الرضا عن سياسات اسرائيل الاحتلالية والقمعية في الاراضي الفلسطينية المحتلة, وعلى رأس ذلك تهويد القدس والمقدسات الاسلامية, والتغول الاستيطاني المتصاعد.
من جهة اخرى فان النشر العلني والواضح لمثل هذا اللقاء حيث اعطى الموقع الشهير لرئيس اركان الحرب الاسرائيلية منبرا يعبر فيه عن اراءه ويبرر فيه ممارسات جيشه, ويخاطب وينقل من خلاله رسائله الى العالم العربي والاسلامي والسعودي على وجه التحديد, وذلك بشكل هادئ ومريح, لهو امر مثير للدهشة والاستغراب: فلماذا تم ذلك؟ وماذا تغير في سياسة اسرائيل؟ وماذا عملت اسرائيل وحتى في الموضوع الايراني حتى تكافأ بهذه المكافأة؟ وهل نجحت في الحد من نفوذ ايران وبالتالي ارضاء السعودية؟ ولماذا هذا الثمن المجاني؟ من المناسب الاشارة الى ان موقع ايلاف لم يكن لينشر ذلك دون اذن بل ودعم من السلطات السعودية, خاصة وان المصادر الاسرائيلية نشير الى استخدام هذا الموقع ومنذ فترة طويلة كقناة للإعلام والاتصال, يوجه من خلالها ويوضح كبار المسؤولين الاسرائيليين مواقفهم لدول الخليج عامة والسعودية بشكل خاص, هذا ما اكدته صحيفة هآرتس واضافت ان هذا الاتصال يتم في الغالب بحرص ومبادرة من ايلاف.
لم تكن مقابلة ايزنكوت الاولى لشخصية اسرائيلية, فقد تم اجراء مقابلة هامة اخرى مع احد اهم اعضاء الكبينت الاسرائيلي وهو الوزير زئيف الكين في يناير 2015, اوضح فيها اثار التعاون بين اسرائيل وبعض دول الخليج وخاصة السعودية, تجدر الاشارة ان لقاء ايزنكوت قد تم بعد اخذ موافقة المستوى السياسي في اسرائيل.
لقد عزز هذا النشر المستهجن مخاوف الفلسطينيين من الموقف السعودي الجديد, والذي بدا متخليا عن مبادرته السابقة والمعروفة باسم المبادرة العربية للسلام, والتي وافقت عليها القيادة الفلسطينية وايدتها, فقد شكل النشر العلني وبدون ادنى شك خطوة جريئة, بل قد يقال وقحة على طريق التطبيع مع دولة الاحتلال الصهيوني ودون أي مقابل باتجاه المصالح الفلسطينية العادلة والمشروعة, وبالتالي تخليا عمليا عن بنود المبادرة العربية السابقة.
لقد جاءت خطوة التطبيع هذه في وقت صعدت فيه حكومة الاحتلال من ممارساتها لتهويد القدس والسيطرة على المسجد الاقصى المبارك وتغيير الهوية العربية والاسلامية لهما, حيث تم تركيب كاميرات المراقبة الجديدة على ابواب المسجد الاقصى, ويتم طرد السكان الفلسطينيين حول القدس والاغوار لمصلحة بناء وتوسيع المستوطنات اليهودية, الامر الذي يوصل لإسرائيل رسائل واضحة بان لا ثمن لسياساتها مما يشجعها على الاستمرار في التصعيد ولا يترك الفلسطينيين وحيدين في مواجهة اجراءات الاحتلال, بل يضغط عليهم لقبول الامر الواقع.
وهكذا فقد ابرز لقاء صحفي واحد, مشكلة معقدة ومتشابكة تتلخص في موقف سعودي جديد مندفع نحو التطبيع مع اسرائيل مقابل وعود بمواجهة ايران ودون ان تدفع اسرائيل ثمن ذلك من خلال الاعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني كما نصت عليها المواثيق الدولية بشكل عام والمبادرة العربية للسلام بشكل خاص, بل وعلى الاقل وقف ممارسات اسرائيل الاحتلالية في فلسطين والقدس الشريف.