أبواب الحل مغلقة

أزمتان تواجهان دول الخليج لا يبدو في الأفق حل لهما. قبل يومين اجتمع ممثلون لدول التحالف العربي في الرياض، وصدر عن الاجتماع ما يشبه الإقرار علنا بفشل جهود الحل السياسي في اليمن، المنقسمة على نفسها والغارقة في وحل الصراعات بين القوى الإقليمية النافذة.

دول التحالف حمّلت إيران والحوثيين المسؤولية عن انسداد أبواب الحل في اليمن، لكن وسط التجاذبات المستعرة بين إيران ودول خليجية، حول ملفات عديدة، يصعب على المرء أن يقف بدقة على حدود المسؤولية للطرفين.

حتى قبل التدخل العسكري في اليمن بقليل، كان هنالك بالفعل خطة خليجية متكاملة تضمن خروج اليمن من النفق المظلم، لكن بعد ذلك الوقت اختلطت الأوراق وتطايرات على وقع القصف الجوي المكثف.

إعلان فشل جهود الحل الدبلوماسي في اليمن، يعني تفاقم المأساة الإنسانية، وتعاظم احتمالات التقسيم كأمر واقع، واستنزاف المزيد من موارد دول الخليج في حرب لانهاية لها. لايمكن تخيل استمرار الحرب في اليمن، بينما على مقربة من حدودها تنهض مدن ذكية ومشاريع عملاقة تحمل في طياتها هوية عالم ما بعد الحداثة.

الأزمة الثانية والمرشحة لمزيد من التصعيد، هي تلك المشتعلة بين دول خليجية زائد مصر من جهة وقطر من جهة أخرى.

الدبلوماسية الأمريكية رفعت الراية البيضاء بعد زيارة وزير الخارجية تيلرسون لعواصم خليجية. أمير الكويت الذي قاد جهودا جبارة لاحتواء الأزمة ألقى منذ أيام خطابا، كان أقرب ما يكون لبيان نعى فيه المبادرة الكويتية، وأكثر من ذلك مجلس التعاون الخليجي.

الدورة المقبلة للمجلس واضح منذ الآن أنها لن تنعقد في موعدها، وستؤجل لإشعار آخر. وزير الخارجية البحريني، أعلن أن بلاده لن تجلس لجانب قطر في قمة خليجية، والحل المقترح من طرفه تجميد عضوية قطر في"التعاون الخليجي". 

أمير قطر صرح بالأمس أن بلاده تتعرض لمحاولة انقلاب من طرف دول الحصار الأربع.

بالنسبة للسعودية، الأزمة مع قطر على خطورتها هي مجرد "تفصيل صغير جدا جدا جدا".

لو جمعنا هذه المواقف في سلة واحدة وقمنا بخلطها، فخلاصتها أن البيت الخليجي على وشك الانهيار إن لم يكن قد انهار فعلا. وفي الأفق تتبلور تحالفات بديلة على وقع الأزمتين القطرية واليمنية.

دولتان خليجيتان في تحالف متين مع السعودية وإلى جانبهما مصر. قطر من جانبها ماضية في توثيق علاقاتها مع أنقرة وطهران، وليس أمامها من خيار إقليمي غير ذلك.

الكويت تميل أكثر للحياد ولعلها أقرب ما تكون لسويسرا الخليج، فيما عُمان تغرد منذ زمن طويل خارج السرب، وإن كانت الأزمة الأخيرة تجعلها أكثر قربا من قطر، خاصة مع وجود طهران في المحور نفسه.
لقد سقطت كل المحصنات والمحاذير بين دول الخليج في أزمتها الأخيرة، فأوغلت قدحا وتشهيرا بعضها ببعض، وليس من المتوقع أبدا أن تعود العلاقات إلى طبيعتها السابقة.