سياسة عربية

حبس امرأة هندية بالسعودية يكشف عن "استرقاق الخادمات"

المرأة من ولاية البنجاب وبحسب الصحيفة تتعرض للتعذيب منذ أيام- يوتيوب
المرأة من ولاية البنجاب وبحسب الصحيفة تتعرض للتعذيب منذ أيام- يوتيوب
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لامرأة هندية من ولاية البنجاب، ظهرت في مقطع مصور وهي تطلب الاستغاثة لإنقاذها من تعذيب تتعرض له على يد أسرة سعودية تعمل لديها.

الفيديو أعادت نشره وزيرة الشؤون الخارجية بالهند سوشما سواراج، ووجهت السفارة الهندية في المملكة لإنقاذ المرأة.


المرأة التي عُرف فيما بعد أن اسمها "رينا راني"، وتبلغ من العمر 25 عاما، طلبت من عضو في البرلمان الهندي يدعى "آب باغونت مان" التدخل وإنقاذها، مؤكدة تعرضها للتعذيب والإيذاء الجسدي من اصحاب البيت الذي تعمل فيه بالسعودية.

وقالت رينا إنها جاءت للسعودية لكسب الرزق لتفاجأ بـ"عيشة بائسة" من قبل أصحاب العمل الذين احتجزوها لأيام دون تقديم الطعام لها.

لكن المرأة لم تحدد تفاصيل عن المحتجزين، مؤكدة أنهما رجلان سعوديان، وأنها حاولت التواصل مع الشرطة لكنهما لم يساعداها، وأنها الآن في محافظة "الدوادمي".



صحيفة "هندوستان" نشرت تقريرا ترجمته "عربي21" عن الضحية، ولفتت إلى أنه تم التوصل إلى معلومات جواز السفر الخاص بها بعد انتشار الفيديو وبعد توجيه وزير الشؤون الخارجية.

النائب المحلي لولاية البنجاب بهاغونت مان علّق على القصة بأنه يملك سجلا حافلا لمعاناة الكثيرين من عمال البناء والمنازل في الشرق الأوسط.

وأضاف مان وفق تقرير لـ"ميدل إيست إي" وترجمته "عربي21" أنه سيتم نقل رينا راني قريبا للبنجاب بعد التوصل لمعلومات عنها.


وردت السفارة الهندية على الحادثة بعد انتشار الفيديو، قائلة إنها ستعمل بكل السبل للتوصل للضحية.



الحادثة لاقت استهجان رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروا الأمر استعبادا وعبودية للمرأة من قبل المجتمع السعودي، فقال "Kailash Wagh": "إن حالة راني نموذج للاتجار في المرأة وهو أمر محزن جدا باعتبار المرأة سلعة تستعبد".


وطالبت "Rimjhim Saikia" بسرعة التحرك لإنقاذ المرأة.


وكشفت القصة أيضا عن معاناة الكثيرين في السعودية ممن يتعرضون لنفس الظروف، إذ كتب "F???Do? Fo? ?v???o??" أنها موجودة في جدة والأمر مماثل لها في التعذيب.


وقال "Amir Khan" إن ابن عمه توفي منذ أيام بالسعودية ولم يعثر على جثته حتى الآن.


وأشار "Anurag Sinha" إلى أنه لابد من مساءلة الحكومة السعودية حول هذا الأمر، والمساعدة في الحدّ منه وخصوصا بعد تكراره في العديد من الحالات.


وفي تقرير لـ"هيومن رايتس ووتش" أكدت أن العمالة المنزلية في المملكة – وأغلبها من النساء – تواجه جملة من الانتهاكات بينها الإفراط في العمل، وتقييد الإقامة، وعدم سداد الأجور، والحرمان من الطعام، والأذى النفسي والبدني والجنسي دون محاسبة السلطات لأصحاب عملهن.

وأضاف التقرير أن العاملات اللائي يحاولن الإبلاغ عن أصحاب عملهن المسيئين يواجهن أحيانا الملاحقة القضائية بموجب اتهامات مضادة بالسرقة و"الشعوذة" و"السحر".

ووثقت منظمة هيومن رايتس ووتش آلاف الحالات منها على سبيل المثال حادثة الخادمة السريلانكية أل تي أرياواتي التي تعرضت للتعذيب على يد مخدومها السعودي، بعد أن غرس الأخير في جسدها 24 مسمارا.

وأشارت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها إلى أنه يتوجب على السعودية أن تنفذ إصلاحات بمجال العمل والهجرة والعدالة الجنائية من أجل حماية عاملات المنازل من التعرض لإساءات حقوقية جسيمة ترقى في بعض الحالات إلى الاسترقاق.

ولا توجّه الحكومة السعودية لأصحاب العمل أية عقوبات جراء ارتكاب إساءات تتجسد بعدم دفعهم أجور العاملين لمدد تتراوح بين شهور وسنوات وتحديد الإقامة قسراً والعنف البدني والجنسي، فيما تواجه بعض عاملات المنازل الحبس أو الجلد إثر توجيه اتهامات زائفة إليهن بالسرقة أو الزنا أو عمل السحر.

وفي آب/ أغسطس الماضي انتشر أيضا مقطع لتعذيب عاملة منزلية في المملكة وتعرضها للحرق بالنار على يد كفيلتها.



وبعدها اضطرت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية للتحقيق مع الكفيلة بعد استهجان رواد مواقع التواصل، لكنها برأت الكفيلة من تهمة الحرق مؤكدة أن الآثار الظاهرة على يديها نتيجة طفح جلدي.

وانتشر قبلها فيديو لامرأة مغربية ونشرته صحيفة "هسبريس" أيضا عن ما وصفته بالاحتجاز والتعذيب الذي طالها من طرف أسرة سعودية تشتغل لديها منذ بضعة أسابيع، موردة في تسجيل جديد بثته على موقع يوتيوب، أنها تلتمس من الملك محمد السادس أن يحميها ويتدخل لفائدتها، بأن ييسر عودتها إلى وطنها.

وزعمت صحيفة "التايمز الهندية" أنه تم بيع امرأة من الهند إلى كفيلها في المملكة، بمبلغ يقدر بنحو 4700 دولار، بعد دخولها إلى المملكة بتأشيرة "خادمة"، وأضافت الصحيفة أنها تعرضت للتعذيب على يد الرجل. وذلك وفقًا لما ذكرته ابنة السيدة للصحيفة الهندية، حيث قالت: "والدتي في مأزق في السعودية".

وأضافت سمينا بيغوم، ابنة الضحية: "إنها تريد العودة إلى ديارها، لكن الكفيل لا يسمح لها بالعودة إلى هنا".

وقالت ابنتها إن الضحية "تواجه تحرشًا ذهنيًا وبدنيًا على يد كفيلها في المملكة العربية السعودية".

وأضافت: "بدأ التعذيب عندما أنكرت عقد زواج مع الكفيل. وأبلغتني برسالة بأنه تم بيعها من قبل وكلاء. وبالتالي فإن الكفيل لا يريد إعادتها"، وأضافت أن والدتها قالت لها إنها بيعت بـ300 ألف روبية (حوالي 4700 دولار).

مغردون سعوديون دشنوا أيضا وسم #نطالب_بإعادة_نظام_الجواري طالبوا فيه صراحة باسترقاق الخادمات وإعادة نظام الجواري إليهم.





من جهته قال الأستاذ عبدالمجيد مراري، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة إفدي الدولية لحقوق الإنسان، إن السعودية تتعامل مع العمال بنظام "الرق"، لافتا إلى أن قضية الفتاة البنجابية ليس هي الأولى بل سبقها الكثير من القصص التي تروي مآسي التعذيب على يد الكفيل السعودي، دون رادع لها.

وأضاف مراري في تصريح لـ"عربي21" أن تعذيب العمالة في السعودية أصبح وكأنه "روتين سعودي"، مبينا أن تعاطي المقرر الخاص لمجلس حقوق الإنسان مع مثل هذه القضايا "محدود جدا"، ومن الواضح فيه أن السعودية تحظى بحماية أممية تمنع إدانتها في مثل هذه القضايا.

وأوضح أن منظمة إفدي تقدمت بكثير من القضايا المشابهة لمجلس حقوق الإنسان، لكن الأمر ينقصه التوثيق الرسمي، إذ رفض المقرر الخاص قضية مشابهة لفتاة بنغالية في السعودية لأن التسجيل كان على هاتف محمول، وهو مستند غير رسمي.

وطالب مراري بضرور سن قانون عمل يوجه بالأساس للتعامل الآدمي مع العمالة الأجنية، ويقضي على فكرة "الاستعباد" التي يحويها قانون العمل الحالي في المملكة.

ولفت إلى ضرورة إلغاء نظام الكفيل "الرق" -حسب وصفه-، أسوة بما فعلته قطر، بجانب تشريعات تجرّم مثل هذه الأحداث وتعاقب المواطن المخطئ فيها لا أن تحميه، ويقضي على هيمنة السلطان المالي على السلطان الإنساني.


التعليقات (0)