مجرد مجزرة أخرى للعرض أمام هذه الأسرة الدولية. ولن نشهد لها نهاية قبل أن يرحل آخر روهينغي من بلاد الزمرة العسكرية إلى بنغلاديش. مليون إنسان واقعون بين توحش التطهير العرقي المعلن، وبين بلادة مجتمع دولي خامل الضمير.
لا ننسى أن السيد باراك أوباما قال مرة في رؤيته الرائعة (من روعة) لهذا الكون، إن العالم يجب أن يراهن على دولتين: بورما وبنغلاديش. ولم ينسَ القيام بزيارة شخصية للأولى؛ تأكيدا لقناعاته وعبقرياته.
ترك لنا أوباما عالما أكثر تفككا من الذي تركه بوش الابن. وثرثرات أدبية مطرزة وفارغة وخطرة. وهو بالتأكيد لم يخلق معضلة المسلمين في بورما، لكنه أحد الذين ساهموا في تفاقمها.
العالم أمام تطهير بلقاني آخر. لا شيء -وطبعا لا أحد- سوف يوقف هندوس بورما عند حدهم في هذا التفظيع الوحشي. وقبل أسابيع تحدثت إلى الدكتور غسان سلامة، الذي كان أحد أعضاء البعثة الأممية إلى بورما، فقال إنه بعد عدة رحلات إلى هناك، تكوَّن لدى البعثة شعور بأن هاجس بورما هو ازدياد أعداد المسلمين، ولذلك سوف تفعل أي شيء لدفعهم نحو الجوار.
عام 1940، كتب جواهر لال نهرو إلى ابنته أنديرا من سجنه في بريطانيا، إنه يحلم بوحدة آسيوية تضم الهند والصين وسيلان (سريلانكا) وأفغانستان وإندونيسيا وبلاد الملايو، لكن الحروب الانفصالية تضرب آسيا عقدا بعد عقد. وبدل أن تصبح باكستان دولة تضم أكثرية المسلمين، ومنهم الروهينغا، انشقت هي أيضا إلى دولتين إحداهما بنغلاديش.
وتواجه بنغلاديش الآن معضلة إنسانية كبرى على حدودها حيث يتجمع عشرات الآلاف من المسلمين في أوضاع مأساوية، في انتظار الإذن بالدخول. ويروي القادمون قصصا مريعة عن حالات التهجير. ودُمّرت قرى وبلدات بكاملها، لكي لا يفكر المهجرون بالعودة.
ويحاول بعض الروهينغا إظهار ما أمكن من المقاومة، لكن القوات البورمية تقصف بالطائرات والبراميل الحارقة، وتحاول محو كل أثر للحياة. وواضح أن الزمرة العسكرية تحاول تحقيق الحد الأقصى من التطهير، في حين الوضع الدولي مأخوذ بقضايا أخرى مثل كوريا الشمالية، والمراحل الأخيرة من حرب سوريا، وتصفية «داعش» النهائية في العراق، وأزمة قطر، وغيرها من الأحداث التي تحتكر العناوين الكبرى وجداول مجلس الأمن.