تعطيل الحياة السياسية بدعوى توجيه كل الإمكانيات للحرب على الإرهاب، مجرد شماعة ليس أكثر. الحياة السياسية السليمة أكبر عدو للإرهاب الذي لن يجد بيئة يتعيش منها في مناخ يسوده العدل وحرية التعبير وتداول السلطة.
بتحرير العراقيين لمدينة تلعفر، يتضح لكل من نفخ في أسطورة "داعش" أنها عصابة من قطاع الطرق أو مقاطيع الجبل الذين لا يستحقون كل هذا الضجيج والمؤتمرات وصفقات السلاح.
الغرب يعرف الحقيقة كاملة. لكن لابد من النفخ الدعائي في داعش والقاعدة وغيرهما من الجماعات المتطرفة لكي تنتعش مصانع السلاح وتدفع الدول المخدوعة وخصوصا العربية الفواتير المطلوبة.
لن نقاوم ذلك إلا بإطلاق سراح السياسة من سجنها. تفعيل الدستور والقانون. إعطاء حرية الحركة والمؤتمرات لأحزاب المعارضة. ترك الصحف تعيش في الألفية الثالثة وليس في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
إذا كنا جادين في محاربة الفساد، فلابد أن يمارس الناس حرياتهم السياسية في إطار الدستور والقانون. يجب احترام القضاء، والفصل بين السلطات وعدم تغول أي منها على الأخرى.
الدولة تخسر اقتصادها من الفساد والمفسدين والتستر على الحقائق، وسيطرة شخص واحد على كل المؤسسات، وتوجيه كل شيء لما نسميه حربا على الإرهاب.
الطغاة العرب تعيشوا طويلا من الحروب العربية الإسرائيلية. تستروا وراءها وحاربوا الحريات الشخصية والسياسية من أجلها، وها هم يفعلون الشيء نفسه بخلق أسطورة الحرب على الإرهاب.
والغريب أنه حتى الدول الغنية في عالمنا العربي، وجدت في هذه الأسطورة ملجأ للهروب من المحاسية السياسية على إهدار الثروات القومية، في نزوات يديرها الأشخاص الذين بيدهم مقاليد الأمر في غيبة أي مشاركة مؤسسية.