سياسة عربية

إثيوبيا تنهي 60% من سد النهضة.. ومصر تستجدي المفاوضات

تمضي إثيوبيا قدما في مشروعها دون الالتفات للمطالب المصرية - الأناضول
تمضي إثيوبيا قدما في مشروعها دون الالتفات للمطالب المصرية - الأناضول
أكدت الحكومة الإثيوبية، الثلاثاء، أنها انتهت من 60 في المئة من أعمال بناء "سد النهضة" على نهر النيل، والذي تخشى مصر من تأثيراته المتوقعة على حصتها التاريخية في مياه النهر.

وأوضح بيان صادر عن مجلس إدارة الطاقة الكهربائية، نشرته وكالة الأنباء الإثيوبية، أن الأعمال الخاصة بتوليد الكهرباء يتم تنفيذها خلال موسم الفيضان الحالي دون توقف، متوقعا أن يتم إنتاج الكهرباء من السد خلال عامين وفقا للخطة الموضوعة، وأن يتم الانتهاء من مد خط لنقل 2000 ميجاوات من الكهرباء إلى كينيا العام المقبل.

اقرأ أيضا: تحذير من القاهرة حول سد النهضة.. ما هو حجم الأزمة؟

وفي سياق ذي صلة، نقلت صحيفة "الوطن" المصرية، الثلاثاء، عن مصادر وصفتها بأنها "مطلعة"، تأكيدها أن مصر تكثف اتصالاتها مع السودان وإثيوبيا لاستئناف الاجتماعات الفنية الثلاثية للبدء في إعداد الدراسات الفنية التي تحدد قواعد الملء الأول لخزان سد النهضة وعدد سنوات التخزين.

وكان من المفترض الانتهاء من هذه الاجتماعات العام الحالي، وقبل شروع الجانب الإثيوبي في تخزين المياه أمام السد.

تحذير ونفي

وكانت مجلة الإيكونوميست البريطانية؛ قد نصحت مصر وإثيوبيا والسودان بحل النزاع حول نهر النيل فيما بينها؛ عبر الاتفاق على تقاسم المياه، مشيرة إلى أهمية إجراء مفاوضات جادة وسريعة بشأن ملء خزانات السد وكيفية تشغيله.

اقرأ أيضا: إيكونوميست: كيف يمكن أن يؤثر تغير المناخ على نهر النيل؟

وحذرت المجلة من أن شعوب الدول الثلاث ستواجه خطر الجفاف بسبب التغيرات المناخية في السنوات المقبلة، مؤكدة أن هذا الخطر سيزيد بعد أن يؤدي ملء خزانات سد النهضة الإثيوبي إلى خفض كميات المياه المتدفقة في نهر النيل.

وأشارت إلى أن بحيرة صغيرة من المياه ظهرت في صور الأقمار الصناعية بجوار سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق، الأمر الذي يشير إلى بدء ملء خزان السد، وما يتبعه من خفض معدل تدفق مياه النيل إلى مصر.

لكن الحكومة المصرية نفت بدء إثيوبيا فى تخزين كميات من المياه فى بحيرة سد النهضة، مؤكدة أن عملية التخزين لن تبدأ هذا العام.

اقرأ أيضا: مصر تشكك في صور بدء ملء خزان "النهضة" وخبراء يؤكدون (شاهد)

وقال المتحدث باسم وزارة الري، حسام الإمام، في تصريحات صحفية يوم الأحد الماضي، إن ما رصدته صور الأقمار الصناعية من كميات من المياه داخل بحيرة التخزين أمر راجع لموسم الفيضان ولمستوى ارتفاع الإنشاءات بجسم السد، معتبرا أن هذه الكميات المتجمعة لا تؤثر على حصة مصر من مياه النيل، وأن هذه البحيرة ستبدأ في الانحسار التدريجي بعد انتهاء شهور الفيضان، على حد قوله.

وفي سياق متصل، بدأ وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد العاطي، الثلاثاء، زيارة إلى أوغندا، لمتابعة أعمال مشروع تنفذه مصر "لدرء مخاطر الفيضان" بمقاطعة كاسيسي غرب أوغندا.

وقال عبد العاطي، في بيان صحفي الثلاثاء، إن مصر تنفذ المشروع استجابة لطلب أوغندا، موضحا أن مصر تقوم أيضا بتنفيذ أعمال تطهير نهر نيامومبا وحماية المنشآت الهامة على مجرى النهر.

كارثة حقيقية

وتعليقا على هذا التقرير، قال خبير الموارد المائية نادر نور الدين؛ إنه لا يوجد بدائل متاحة أمام مصر سوى التواصل مع إثيوبيا لتقاسم حصص المياه الخاصة بنهر النيل، مؤكدا أن مصر تواجه كارثة حقيقية من الممكن أن تتفاقم خلال السنوات القليلة القادمة.

اقرأ أيضا: مصر تتهيأ لاستقبال "موسم عطش" في ظل عجز النظام

وأضاف نور الدين، في حديث لـ"عربي21"، أن سد النهضة يستحوذ على نسبة كبيرة من مياه النيل في خزانه التي بدأ التجريب الفعلي منذ أسابيع، مؤكدا أن الاحتياطي الاستراتيجي لمصر من مياه النيل في بحيرة ناصر يشهد انخفاضا تدريجيا ملحوظا منذ فترة.

وأوضح أن إثيوبيا كانت تساهم بما يقرب من 200 مليار متر مكعب من مياه النيل، ولأن مصر هي دولة المصب كانت تستحوذ على 55 مليار متر مكعب، مشيرا إلى أنه بعد بناء سد النهضة، ستبدأ إثيوبيا في ملء خزانه بالكامل خلال عشر سنوات، بما يهدد السودان ومصر. وقال: "ولا يوجد أمام مصر سوى إقناع أديس أبابا بملء الخزان بطريقة لا تضر دول حوض النيل"، وفق تقديره.

لا بديل عن التفاوض

من جانبه، قال الباحث في الشؤون الأفريقية، محمد شوقي، إن مصر ليس أمامها سوى التواصل الدبلوماسي مع دول حوض النيل، وخاصة إثيوبيا والسودان، ومحاولة إقناع كافة الأطراف المتصارعة على "تحكيم العقل" في مسألة تخزين المياه أمام سد النهضة.

اقرأ أيضا: ميدل إيست آي: مليار إنسان حول النيل يواجهون الخطر عام 2050

وأكد شوقي لـ"عربي21"؛ أن مصر تعاني من أزمة دبلوماسية حقيقية مع دول أفريقيا بشكل عام، وإثيوبيا بشكل خاص، "وهذه الأزمة لن يتم حلها دون ضغط على الجانب الإثيوبي بكافة الطرق من بينها الضغوط الاقتصادية والتجارية"، كما قال.

وأوضح أن وزارة الخارجية المصرية "فشلت في هذا الملف منذ فترة طويلة؛ لأنها تعاملت مع الأمر بطريقة المسكنات"، مشيرا إلى أن هناك العديد من الحلول الاقتصادية التي كان يمكن أن يأخذ بها النظام المصري للتخفيف من آثار الأزمة، من بينها الاستثمار للمشروعات الزراعية والمائية حول سد النهضة لضمان التأثير على قرارات إثيوبيا، لكن، للأسف، أهملت مصر هذه المشروعات وتركتها للسعودية والإمارات وإسرائيل، بينما ظل المصريون منشغلون بصراعاتهم الداخلية"، وفق قوله.
التعليقات (0)