بالهزيمة العسكرية المدويّة التي تعرّضت لها حركة أحرار الشام، الفصيل الأكبر في المقاومة السورية المسلّحة، على يد هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة)، وحالة التفكك الراهنة التي تعيشها الحركة، ما يؤشر على تحولات جوهرية في الأجندة الإقليمية التي وقفت وراء دعم المعارضة المسلّحة الإسلامية، خلال الفترة الماضية، فإنّ المعارضة السورية الوطنية المسلّحة أصبحت في حالة من الضعف الشديد، بينما الأطراف المسلّحة الأخرى، التي لا يمكن وضعها في السلّة نفسها، مثل داعش والنصرة، هي التي تمتلك الأرض في مواجهة حزب الله وإيران.
ما بدأت به الثورة المدنية- السلمية وقيمها شيء، وما وصلنا إليه شيء آخر، من المسؤول عن ذلك؟ النظام السوري (من وجهة نظري هو المسؤول الأول والأخير)؟! أم الدول الإقليمية (حرب الوكالة)؟! أم الدول الكبرى (التواطؤ والتخاذل) أم الفراغ الاستراتيجي العربي (بل التخبط العربي)! أم أمراء الحرب في سورية؟ أم داعش والنصرة اللتان حرفتا مسار الثورة وقلبتا الحسابات الداخلية والخارجية رأساً على عقب؟!
هي جميعا عوامل وديناميكيات لعبت الدور الرئيس فيما وصلنا إليه، لكننا -على أيّ حال- وصلنا إلى هنا، الآن، وضمن المعطيات الاستراتيجية والآفاق المتوقعة، فإنّ القراءة المطلوبة من الضروري ألا تبقى أسيرة حالة الإنكار والتجاهل والمكابرة، بل لا بد من مواجهة الذات والإقرار بأنّ ما تبقى من الثورة السورية، على يد الفصائل المسلّحة، هو لا شيء، أو قريب من ذلك!
داعش التي تسيطر على الرقة ودير الزور هي خصم وعدو لقيم الثورة السورية، هيئة تحرير الشام التي بدأت بمسار وانتهت إلى التنكيل بحليفها الاستراتيجي أحرار الشام هي أيضا في المعسكر الآخر للثورة، وهي التي تسيطر على إدلب، وتحوّلها إلى إمارة صغيرة، بعد أن وقعت اتفاقية مع حزب الله يتم من خلالها ترحيل قرابة 900 شخص من المخيمات وعرسال إلى إدلب، وأظن أنّ مناطق تخفيض التصعيد في الجنوب ستؤدي إلى النتيجة نفسها.
أمّا الفصائل الأخرى المسلّحة فهي إمّا ضعيفة، أو أصبحت تحت الوصاية الدولية والإقليمية، كما هي الحال في الجنوب، ولا تملك زمام أمرها، والأهم من ذلك أنّ الدول الراعية للمعارضة، مثل تركيا وقطر والسعودية قلبت تماما أدوارها، أو تخلّت عن نفوذها، في الشهور الأخيرة، بداية من الانقلاب العسكري التركي الذي دفع إلى التقارب التركي- الروسي، وانتهاء بأزمة الخليج الراهنة، وما بدأت تخلقه من نتائج، في مقدمتها هزيمة أحرار الشام وتفكيكها قبل أيام.
ما العمل؟ هذا هو السؤال المفروض اليوم على المعارضة السورية؟ بخاصة ونحن نشاهد مسار الآستانة فاعلا بقوة، أي التهدئات والتسويات العسكرية، بينما مسار جنيف معطّل تماما؟ فهل يمكن أن يتم التركيز مرّة أخرى على إعادة ترتيب البيت الداخلي السوري، وتحديدا المجتمعي- السياسي، أو إحياء الوطنية السورية الجامعة، واستعادة قيم الثورة، والخروج من حارة الوكالات الإقليمية والدولية، ومحاولة تحييد رجال البيزنس والمكاتب والعقارات الثورية، الذين تحوّلوا إلى موظفين هنا وهناك.
من ضمن الخيارات الضرورية، ولو رمزيا، طرح موضوع الجيش الوطني المعارض، الذي يضم الفصائل التي ما تزال ترفع قيم الثورة السورية وشعاراتها، ضمن تنظيم واحد، ولو كان محدوداً، لكن على الأقل يعبّر عن المسار المطلوب للثورة السلمية.
**
لكن قبل أن يبتسم صديقي العزيز، ويتصل معي صباحا -كالعادة- ليتحدث عن هزيمة المعارضة، أريد أن أذكره أنّ النظام لم ينهزم هناك، بل انتهى تماما، قبل أعوام، وأنّ من يحكم سورية حاليا ويقرر إما الروس أو الإيرانيون!
الغد الأردنية
1
شارك
التعليقات (1)
مُواكب
الثلاثاء، 01-08-201704:51 م
الثورة السورية تحوَّلت إلى حرب طائفية بين المسلمين السنة والشيعة الذين هم، في نظر كل مسلم سني، مجرد قتلة مُتعطشين لدماء أهل السنة ، وقادرين على التحالف مع الشيطان الرجيم ، كما هو تحالفهم القائم مع الصليب الروسي البوتيني، من أجل فرض خُرافاتهم الدينية. هذه الحرب الطائفية ذات وتيرة مُنخفضة ولكن في أي لحظة ستشعل المنطقة والعالم الإسلامي. وما تراجع إسرائيل في معركة الأقصى الحديثة إلا دليل خوف من الهبة الإسلامية السنية العارمة القادمة. لهذا نقول للخامنئي وتلميذه نصر الشيطان: افرحوا قليلا، إنكم من أصحاب النار. لا نتحدث عن بشار لأنه لم يعد أكثر من أجير بوتين وايران.