سياسة عربية

السيسي يوجه باستيراد حبوب منع الحمل.. هذا ما تحتاجه مصر؟

اعتبر السيسي إنجاب أكثر من ثلاثة أطفال مثل خطر الإرهاب
اعتبر السيسي إنجاب أكثر من ثلاثة أطفال مثل خطر الإرهاب
أطلق النظام الحاكم في مصر حملة واسعة لمواجهة الزيادة السكانية في 13 محافظة بمصر، مستعيدا بذلك خطوات نظام المخلوع حسني مبارك، في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.

وأعلنت وزارة الصحة السبت؛ عن توجيهات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، لتفعيل حملة تنظيم الأسرة وتوفير حبوب منع الحمل للمصريات، وأنه تم التعاقد على استيراد وسائل تنظيم الأسرة بمبلغ 130 مليون جنيه.

اقرأ أيضا: لماذا حذر السيسي المصريين من استمرار الإنجاب؟ (فيديو)

وقالت رئيسة قطاع السكان وتنظيم الأسرة، سعاد عبد المجيد، إنها وفقا للتعليمات الرئاسية؛ ستبدأ حملة دعاية للتوعية بخطورة الزيادة السكانية، وضرورة تنظيم الأسرة في 13 محافظة، مع بداية آب/ أغسطس المقبل.

وتخطى تعداد المصريين بالداخل والخارج في نيسان/ أبريل الماضي؛ 100 مليون نسمة، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

دعوات السيسي

السيسي كان قد دعا المصريين في مناسبات مختلفة لتقليل الإنجاب، وحذر من تداعيات الانفجار السكاني، ووصول السكان إلى 120 مليون نسمة عام 2030، معتبرا أن ذلك لا يقل خطرا عن "الإرهاب".

وخلال المؤتمر الرابع للشباب بالإسكندرية في 24 تموز/ يوليو الجاري، حمّل السيسي المصريين مسؤولية ما يعانونه من فقر بسبب إنجابهم أكثر من ثلاثة أولاد، وقال إنهم مسؤولون "أمام الله والوطن عن ظلم أبنائهم".



وسبق أن قال السيسي، في أيار/ مايو الماضي، إن حكومته "تدرس سنّ قوانين للحد من النمو السكاني، كما تدرس بتحفظ تحفيز تنظيم الأسرة وعقاب غير الملتزمين".



وفي شباط/ فبراير 2015، طالب السيسي المصريين بعدم إنجاب أكثر من ثلاثة مواليد؛ موجها حديثه حينها لشيخ الأزهر أحمد الطيب الذي أقره على رأيه.



الإخوان والثورة

وتحمل سلطات الانقلاب ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، وجماعة الإخوان المسلمين، مسؤولية الزيادة السكانية.

وقال وزير الصحة أحمد عماد الدين، بمؤتمر الشباب الأخير بالإسكندرية: "مصر شهدت أكبر معدلات غنجاب خلال عشرين عاما؛ بالفترة من 2011 وحتى 2014"، وقال إن "الفراغ الأمني تسبب في عدم تمكن الوزارة من توزيع حبوب منع الحمل".

كما تحدث مقرر المجلس القومي للسكان، طارق توفيق، في تصريح صحفي نهاية 2016، عن أن "تحريم جماعة الإخوان والتيارات الدينية المتشددة تنظيم الأسرة، أحد أسباب ارتفاع معدلات زيادة المواليد خاصة بعد الثورة"، وفق زعمه.

"دعوات مشبوهة"

من جانبه، أكد أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول، أشرف دوابه، أن سياسة تنظيم الأسرة غير مجدية وثبت فشلها في عهد مبارك، موضحا أن "القضية ليست مشكلة زيادة سكان؛ بقدر الاستفادة من هذه الطاقة البشرية وبكيفية تنمية الإنسان نفسه".

وقال دوابه لـ"عربي21": "الواجب على أي نظام أن يبني الإنسان أولا لو أراد الإصلاح"، مستدركا بقوله: "لكن النظام الحالي بمصر قائم على قتل الإنسان وتدمير الشباب، وفي النهاية هو يحاول أن يرضي المؤسسات الدولية وفقط"،  على حد قوله.

وأوضح الأكاديمي المصري أن "الدعوات للحد من الزيادة السكانية دائما ما ترتبط بدعوات مشبوهة تتبناها مؤسسات دولية، تتبنى بالمقابل دعوات مغايرة لزيادة السكان في أوروبا القارة التي تعاني من الشيخوخة وضعف نسب الخصوبة وقلة المواليد".

يذكر أن جزءا من المعونة الأمريكية لمصر كان مشروطا بإنفاق نسب كبيرة منه على حملات تنظيم الأسرة في عهد مبارك.

وأشار دوابه إلى دور السكان في النموذج التركي (80 مليون نسمة تقريبا) علي سبيل المثال، وقال "إن الحكومة التركية دائما ما تدعو مواطنيها لزيادة الإنجاب وتقدم لهم الحوافز المالية".

لماذا نقلب الهرم؟

وترى الكاتبة الصحفية، دينا درويش، أنه "يجب عدم اعتبار الزيادة السكانية في مصر مشكلة من الأساس"، مشيرة إلى أن "الأبحاث الديمغرافية تشير وبشكل واضح إلى دور السكان في تحقيق النهضة التنموية العملاقة في دولة مثل ماليزيا (31 مليون نسمة تقريبا) كإحدى النمور الآسيوية".

وفي حديثها لـ"عربي21"، أكدت درويش، أن "الأزمة هي غياب الرؤية الصحيحة في استغلال تلك الطاقة الهائلة من السكان وليس في تقليل نسب المواليد"، موضحة أن "الهرم السكاني في صالح مصر، ويغلب عليه الشباب بنسبة من 65 في المئة إلى 70 في المئة"، مؤكدة أن "هذه النافذة الديمغرافية لا تمر بها المجتمعات إلا كل 33 عاما، وهو ما يجب استغلاله وعدم هدر تلك الطاقة التي تحرم منها دول أخرى"، كما قالت.

وأشارت إلى معاناة دولة مثل ألمانيا (83 مليون نسمة تقريبا) من الشيخوخة السكانية وزيادة عدد المعالين وقلة أعداد من هم في سن العمل، موضحة أنه لذلك "سمحت ألمانيا في عام 2015، باستقبال عدد كبير من اللاجئين السوريين والعراقيين لتعويض ذلك العجز لديها".

وأكدت الكاتبة المهتمة بشؤون الأسرة والمجتمع، أن "الحل في استثمار تلك الطاقة البشرية؛ بتعليم وتأهيل هؤلاء الشباب ليكونوا طاقة انتاجية لا طاقة معطلة"، مضيفة: "يجب تغيير وتطوير التعليم الفني لمواكبة طرق الإنتاج والتكنولوجيا الحديثة".

وتحدثت درويش، عن فشل حملات تنظيم الأسرة في عهد مبارك، على الرغم مما وجهته الدولة من أموال للدعاية وتوفير وسائل تنظيم الأسرة؛ مقارنة بحملات إعلانية مثل الحملة ضد مرض الجفاف عند الأطفال، والتي لاقت نجاحا كبيرا.

وأكدت أن تنظيم الأسرة مرتبط أساسا بآراء ومعتقدات المصريين، كما أنه مرتبط أيضا بالمنفعة الاقتصادية لدى الأسر من زيادة الإنجاب، وما يعنيه من منفعة مباشرة من عمل الأولاد وزيادة دخل الأسرة، بالتبعية، على حد قولها.
التعليقات (0)