تقارير صحفية زعمت الأسبوع الماضي أن محافظ شمال سيناء أنجز عطاء، يقضي بتوفير نصف مليون "خيمة" مخصصة لأغراض إنسانية!
هذا الزعم، ذُكر في سياق تقارير، تتحدث عن سيناريو لعمليات إحلال وتبديل للأراضي، بين إسرائيل والأردن ومصر؛ لتسوية القضية الفلسطينية، يُجرى التحضير له حاليا، تحت مظلة عملية عسكرية قاسية وحشية متوقعة وقريبة، ضد قطاع غزة؛ يترتب عليها هروب عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين صوب سيناء "الجاهزة" بالمخيمات!
هذه المزاعم "الخطيرة" انتقلت من الصحافة.. لتنتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتحول بمضي الوقت، ومع "صدمة" أزمة الخليج المفاجئة، وما أُثير حولها من تكهنات، وثيقة الصلة بما نُشر بشأن تسوية محتملة لقطاع غزة.. تحولت إلى ما يشبه "الحقيقة" التي ينتظرون حدوثها في أي وقت.
ما يهمني في هذا السياق، هو ما أُثير من مزاعم بشأن الـ"نصف" مليون خيمة في شمال سيناء؛ لأنها تتعلق بجزء من التراب الوطني، فيما يأتي الحديث عنها، عقب تجربة "تيران وصنافير"، ما شكّل رأيا عاما، لا يستبعد سيناريو مطابقا، متسائلا: ولمَ لا؟! وما الذي يمنع؟!
توجد روافد أخرى، تضيف إلى هذا المعنى، فمنذ شهور، تحدثت تقارير عن سيناريو تبادل أراضٍ بين القاهرة وتل أبيب (1600كم من شمال سيناء تُمنح للفلسطينيين، مقابل جزء من صحراء النقب).. ومنذ أسبوع مضى تحدث مسئولون من حماس، عن خطط لتسوية الملف الفلسطيني، عبر كونفدرالية بين الأردن ومصر وفلسطين!!.
ربما يكون كل ذلك مجرد اجتهادات، وسيناريوهات مطروحة، أو بالونات اختبار لجس النبض، وقياس رد فعل الشارع.. وغير ملزمة لأي طرف من الأطراف التي ذُكرت ومن بينها مصر.
ولكن المدهش.. أن كل هذا الضجيج والصخب والماس بسمعة وتاريخ مصر النضالي من أجل القضية الفلسطينية.. والماس أيضا بالأرشيف الوطني للنظام الحالي.. لم يحمّل السلطات المصرية، على التعقيب وتوضيح رأيها في الموضوع.. تنفي أو تؤكد.. بل تلقت كل ذلك ببرود وبتجاهل، ليس بوسع الرأي العام، قبوله إلا وفق المثل الشعبي القائل: "السكوت علامة الرضا".. فهل هذه هي حقيقة النوايا الرسمية في مصر؟!
سيناء على وجه التحديد، لها قداسة خاصة داخل الضمير الوطني المصري، ليس فقط بسبب منزلتها الاستراتيجية في تحصين مصر أمنيا، ولكن لأنها منطقة محررة بالدم، ومرتبطة بشكل خاص بتضحيات الجيش المصري، الذي قدّم آلاف الشهداء من جنوده وضباطه من أجل استردادها، واسترداد الكبرياء الوطني.. ولذلك فإن كل ما يُشاع عن دخول جزء من سيناء، في سياق تسوية تبحث عن وطن إضافي لقطاع غزة، لمساعدة إسرائيل على الخروج من مأزق "حل الدولتين"، لا يمكن أن يترك لتقارير صحفية أجنبية -تكذب أو تدلس- أو يترك لثرثرة مواقع التواصل الاجتماعي، دون التصدي لها من خلال بيان رسمي واضح.. فالسكوت أو التجاهل سيضيف مزيدا من الزيت إلى النار التي ما زالت مشتعلة -ولن تخبو- بسبب "تيران وصنافير".
المصريون المصرية