أسفر أداء البنوك المصرية بالربع الأول من العام الحالي عن استمرار تقديم الأفراد القدر الأكبر من ودائع البنوك بنسبة 76 بالمائة من الإجمالي ، ليشكل مجمل الودائع الجانب الأكبر من موارد البنوك بنسبة 68 بالمائة من الإجمالي ، مقابل نسبة 7 بالمائة لحقوق الملكية من رأسمال واحتياطيات ، إلى جانب السندات والقروض والالتزامات قبل البنوك بالداخل والخارج .
لكن توظيف تلك الموارد التي بلغت 4.2 تريليون جنيه أي حوالي 232 مليار دولار فقط ، اتجه الجانب الأكبر منه لإقراض الحكومة على حساب تمويل الشركات الخاصة، وحتى الزيادة بأرصدة القروض يتجه معظمها لجهات حكومية مثل هيئة البترول وهيئة الكهرباء، ليبلغ نصيب الحكومة من إجمالي الائتمان 64 بالمائة مقابل نسبة 23 بالمائة لقطاع الأعمال الخاص.
ورغم تباهي تصريحات مسؤولي وزارة المالية والبنوك بزيادة مشتريات الأجانب لأذون الخزانة المصرية، فقد كشفت بيانات أرصدة الأذون بشهر أبريل الماضي عن بلوغ نسبة استحواذ الأجانب على نسبة أقل من 12 بالمائة من مبيعات تلك الأذون، بينما بلغ نصيب البنوك 66 بالمائة ، إلى جانب مشتريات شركات التأمين وصناديق الإستثمار والشركات القابضة.
استمرار عجز الدولار
وكشفت بيانات البنك المركزي عن استمرار مشكلة نقص العملات الأجنبية داخل البنوك حتى مارس الماضي ، رغم تصريحات محافظ البنك المركزي عن انتهاء الأزمة ، حيث بلغت الأصول من العملات الأجنبية بالجهاز المصرفي المصري 41.5 مليار دولار ، مقابل 44 مليار دولار للالتزامات من العملات الأجنبية، ليسفر الأصول من العملات الأجنبية عن عجز بلغ 2.5 مليار دولار وهو العجز المستمر منذ شهور طويلة .
وكانت البنوك المصرية قد تباهت بتحقيق معدلات نمو قياسية خلال العام الماضي بالمقارنة للعام الأسبق ، سواء بنمو أصولها وودائعها وقروضها ، لكن السبب الرئيسي لذلك كان تعديل سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريكي بنوفمبر الماضي ، مما تسبب في زيادة نمو الودائع بالعملات الأجنبية عند حسابها بالجنيه المصري بنسبة 109 بالمائة بسبب تغير سعر الصرف وحده .
إلا أن انتهاء أثر التعويم على أرصدة البنوك بالعملات الأجنبية خلال الربع الأول من العام الحالي ، قد أوقف موجة النمو الجماعي المرتفع لجميع المؤشرات بالعام الماضي ، حيث أسفر أداء الربع الأول عن تراجع الأصول بعدد من البنوك منها : الأهلي المتحد والتعمير والإسكان وقناة السويس وباركليز – وفا – والكويت الوطني وإتش إس بي سي مصر.
كما توقف النمو الجماعي بأرصدة الودائع حيث تراجعت أرصدة الودائع بالربع الأول ببنوك : عوده والإمارات دبي والأهلي المتحدة وإتش إس بي سي وقناة السويس وباركليز – وفا - ، وانخفضت أرصدة القروض بعدد من البنوك منها : كريدي أجريكول وقناة السويس وعودة ، وانعكس ذلك على تراجع أرباح بعض البنوك منها : الإمارات دبي والأهلي المتحد ومصر إيران والأهلي الكويتي وعودة.
32 بالمائة من الأصول للقروض
ورغم المبادرات التي أعلنها محافظ البنك المركزي لإقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتمويل للقطاع العقاري والسياحي بفائدة أقل، فما زالت نسبة مجمل القروض من توظيفات البنوك لما لديها من موارد أقل من 32 بالمائة ن بينما بلغ نصيب أذون الخزانة والسندات من التوظيفات 37 بالمائة رغم كون معظمها بنوكا تجارية ، كما وجهت البنوك نسبة 19 بالمائة من مواردها للإيداع ببنوك محلية و4 بالمائة للإيداع ببنوك خارجية .
وهو ما يعمق الشكوى من صعوبة الحصول على تمويل مصرفي من جانب الشركات الخاصة ، وجاء رفع الفائدة مؤخرا أكثر من مرة ليضيف أعباء جديدة على تلك الشركات، مما يدفعها لتحميل تلك التكلفة الإضافية على أسعار السلع والخدمات التي تنتجها، مما يرفع من معدلات التضخم ويعمق الركود التضخمي الذى تعاني منه البلاد .
ويظهر تدني القروض من خلال مؤشر نسبة القروض إلى الودائع والبالغة 47 بالمائة فقط، وهي النسبة التي كانت تزيد عن الستين بالمائة قبل سنوات ، لكن زيادة الدين الحكومي الداخلي دفع الحكومة للاعتماد على البنوك لتمويل أقساط وفوائد ذلك الدين المتزايد ، معتمدة على نفوذها بالبنوك العامة الحكومية التي تمتلكها بالكامل وتعين قياداتها .
إلا أن ارتفاع فائدة أدوات الدين الحكومي من أذون خزانة وسندات إلى حوالي 20 بالمائة ، قد دفع البنوك الخاصة والأجنبية إلى شراء تلك الأدوات كتوظيف حكومي أكثر ضمانا من المخاطر العالية التي تكتنف إقراض الشركات الخاصة في ظل ظروف الركود وحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي تمر بها البلاد .
ورغم نمو مجمل أرصدة القروض بالربع الأول من العام ، والتي يجيء جانب كبير منها بسبب تحميل الأرصدة القديمة بالفوائد ، فقد شهدت أرصدة القروض بالعملات الأجنبية تراجعا بنسبة 7 بالمائة وشمل التراجع القروض المقدمة لقطاعات الصناعة والتجارة والخدمات والزراعة والقطاع العائلي .