هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سنة التدافع بين الناس والحضارات والقيم تجعل دوام الحال من المحال ولو دامت للأولين لما دانت للآخرين!؟ وإن الكيل بمكيالين في حقوق الإنسان من القائمين على مجلس الأمن المخيف هو سبب كل الخلل في المعايير والموازين وهذا الدمار المبين..
يصف المجاهد حسين دالي المعاملة الحسنة التي كان يتلقاها الطلبة المجندون في جيش التحرير الوطني في الولاية الرابعة فيقول: "كنا نحن المتعلمين، نُعامل معاملة خاصّة من المجاهدين، فكان السي سليمان، رحمه الله (مسؤول الناحية)، يأمر أحد الجنود بأن يحملني على ظهره عندما نمر عبر واد، حتى لا أتبلل، ويقول له عني، وآخرين مثلي؛ إنهم إطارات الوطن في المستقبل".
بعد العرض الموجز لموضوع المحاضرة في الجزء الأول من هذا المقال وأهم نتائجها أدعو القارئ أن يتبين معي الأسباب التي أدت إلى "الانتقاص الخطير" كما قرأنا في التعليق على المحاضرة في جريدة "المجاهد"..
إن لكل مذهب من المذاهب الفلسفية منطلقات، وحججا معتبرة لا يمكن دحضها بسهولة، ومن ثمة تكون المسألة في الإيمان بالحقائق الميتافيزيقية مسألة استدلال واقتناع، أكثر مما هي مسألة إقناع، والعقول درجات وأنواع، ولكل طرف حججه المقنعة له على الأقل!!
هكذا وجد الإنسان نفسه أمام فيزياء واحدة وكيمياء واحدة، ورياضة واحدة، وفلسفات وعقائد متعددة ومتناقضة؛ لأن الأولى تتعامل مع المادة وحدها، والثانية تتمحور حول الإنسان المعقد ذي الأبعاد، التي تتجاوز بحكم تكوينه الثنائي حدود المادة، وتخترق حجب الفيزيقا إلى ما وراءها المعبر عنها فلسفيا بالميتافيزيقا!
من الشهادات التي تؤكد مساندة الأشقاء للثورة الجزائرية ما أورده الأستاذ محمد صالح الصديق المسؤول المكلف بالإعلام أثناء الثورة الجزائرية بطرابلس في كتابه "دور الشعب الليبي الشقيق في جهاد الجزائر"، حيث يقول: "إن أسبوع الجزائر في ليبيا، وبصفة خاصة في طرابلس، أقل ما يقال عنه أنه رائع وفريد من نوعه تتجلى فيه روح التضامن الليبي مع الجزائر قوية وثابتة، وفي وعي عميق..
يروي الضابط مراد كريمي بطولات نادرة للشعب الجزائري مع الثورة فيقول: "كان الجميع يدعوه بعبد القادر التيارتي، وغالب الظن أنّ ذلك يرجع لكونه قدم المنطقة من نواحي مدينة تيارت فلصق به هذا اللقب، وأعتقد أن لا أحد فكّر يوما أن يسأل عن لقبه الحقيقي.
من غير الممكن ذكر كلّ الأعمال البطوليّة الّتي قام بها الرّجال والنّساء في الثّورة التّحريريّة، لأنها كثيرة، ولها أشكال متعدّدة، ولذلك فقد اخترنا منها فقط أمثلة لتقديم صورة ملموسة ومعبرة عن درجة الإيمان وصفات الشّجاعة والجرأة ونكران الذّات، الّتي تحلى بها صُنّاع الاستقلال الوطني الغالي.
غرست فرنسا وانتظرت إلى 13 مارس 1959 لتجني.. عملت فرنسا لمدة من الوقت على تكوين كثير ممن رضوا أن يكون ولاؤهم لها على حساب أمتهم وثورتها، فلما أنهت التكوين واطمأنت أن المكونين قد تلقنوا ما كان يجب أن يتلقنوه، سرّبتهم ليخترقوا الثورة، فكان منهم (الفدائي) و(المجاهد)، بل وصار منهم المسؤول والضابط!.
لقد كلف مؤتمر الصومام العقيد علي ملاح (المدعو سي شريف)، بأخذ زمام الولاية الفتية. وصل إلى مشارفها الشمالية في شهر تشرين الأول/أكتوبر أو تشرين الثاني/نوفمبر1956. وكان برفقته مجموعة من المجاهدين من ولايته الأصلية.
تتمثل هذه الملحمة الثورية الرائعة كما عرفتها من أفواه الذين صنعوها والذين عاشوا كلّ تفاصيلها من البداية إلى النهاية، وأذكر على سبيل الحصر اثنين منهم (لعلاقتهما المباشرة بالموضوع)، أوّلهما العقيد السعيد إيعزورن المدعو(فريروش)، وثانيهما الكاتب والمجاهد محمد الصالح الصديق الذي عاش تفاصيل تلك الأحداث عن قرب، وألّف كتابا حول هذه العملية.
كنا نعتقد، وأن بعض الظن ليس إثما، أن ثورات الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال التي عرفتها مختلف أنحاء المعمورة قد تجاوزتها الوحوش البشرية المسلحة بالنووي والحقد الأعمى في معاداة حقوق الإنسان الفلسطيني خارج حقوق الإنسان التي يحميها حق الفيتو الظالم أمام كل أنظار العالم الأعور الأصم الواجم.
إن التعذيب في الجزائر كان يتطور من حين لآخر، وتتنوع وسائله، وكيفياته، تبعا لتطور الذهنية الاستعمارية في الجزائر، وتطور حقد المستعمرين على الجزائريين، وتوغلهم في الدناءة والسفالة والانحطاط، ونتيجة أيضا للاكتشاف المستمر لوسائل التعذيب وكيفياته. ومن هنا فإن ما نقدمه في هذا الفصل من تلك الوسائل والكيفيات، ليس إلا عينات للتذكير والاعتبار بجرائم الاستعمار في الجزائر!
إذا كان أصحاب المواهب الفكرية في العالم يتباهون باختراع الطائرات والصواريخ وعجائب العلم الحديث، فإن هؤلاء الوحوش يتباهون بما تكشف عنه مخيلاتهم المريضة كل يوم من فنون التعذيب ووسائله..
إنّ الإصلاحات السّياسيّة والاقتصاديّة الّتي قام بها ديڤول بصفة انفراديّة وبصفة نظريّة فقط كانت مصحوبة بمجهود عسكريّ ضخم تَمَثَّل في مضاعفة مطاردة وحدات جيش التّحرير الوطنيّ، وفي مخطّط شال الّذي وافق عليه ديغول المتعلّق بالاستراتيجيّة العسكريّة لفرنسا؛ وتطبيق مخطّط شال بدأ في فبراير - مارس 1959 وتواصل بعد ذهاب الجنرال شال في مارس 1960.
مارس الجيش الفرنسي أسلوب تجويع الثوار، وإرغامهم على الاستسلام أو الموت جوعا، وتهجير السكان من قراهم، ومشاتيهم في الأرياف والسهول والجبال وحشدهم في مراكز خاصة أعدت خصيصا لهذا الغرض، وأحيطت بالأسلاك الشائكة، ومراكز المراقبة والحراسة الشديدة ليلا ونهارا.