لا يزال السيسي يقود البلاد إلى الديكتاتورية الكاملة، وهذا طبيعي ومتوقع من جنرال قادم من مؤسسة عسكرية لا تعترف بمصطلحات من نوعية المناقشة والديمقراطية والرأي الآخر، لكن الغريب أن ذلك يأتي وسط تهليل وتأييد أو صمت وتخاذل من ساسة وإعلاميين كانوا يقدمون نفسهم قبل الثورة وبعدها على أنهم رعاة للحريات.
كان يمكن أن تفهم السلطة أن الشيخ محمد جبريل كان يقصد قنوات الجزيرة ورابعة وقنوات الإخوان حين دعا على الإعلام الفاسد، وكان يقصد تنظيم أنصار بيت المقدس حين دعا على الظالمين، وكان يقصد الشيوخ المنظّرين للإرهاب حين استعاذ من ضلال العلماء..
الأسبوع الأخير الذي عاشته مصر سيؤسس لمرحلة جديدة أشد بؤسا وسوادا من كل ما سبق، ذلك لأنه شهد ثلاثة أحداث هي الأكبر من نوعها منذ بدء المعركة الصفرية التي يخوضها الجميع من أجل "اللاشيء".
يهددون بتسويد الشاشات، الاعتصام في أقسام الشرطة، عقد مؤتمرات عاجلة، ينسون حديثهم عن استقلال القضاء وضرورة احترام أحكامه، كانوا يرفضون مجرد التعليق على أحكامه ومنطقها، والآن يرفعون راية العصيان في وجهه، ويهددونه بما يملكونه من ساعات هواء.
مر يوم 11 يونيو الذي دعت حركة شباب 6 إبريل لتنفيذ عصيان مدني فيه دون أن يسقط النظام ودون أن تخلو شوارع مصر من المارة ودون أن يتجاوب غالبية المصريين مع الدعوة.
لولا مصر وشعبها الذي خرج بالملايين لمكافحة الفاشية الدينية في 30 حزيران/يونيو لكان للمنطقة شأن آخر، ولم نكن نستطيع أن نترك بلدا به 90 مليونا لأن الأوضاع لو كانت قد تطورت أكثر من ذلك، لكانت ستصبح مجرد دولة للاجئين، وكنتم ستضطرون لإرسال المساعدات بالطائرات ولن تستطيعوا النزول على أرض مصر.
طالما بدأ الإعلام يتحدث عن المؤامرات التي تستهدف عرقلة الرئيس وإسقاط الدولة فنحن أمام مرحلة جديدة يتهربون فيها من مواجهة الناس باختلاق معارك مع طواحين الهواء..
تقف ريهام سعيد داخل قسم شرطة لتستجوب مجموعة صبية تتراوح أعمارهم بين 14 و16 عامًا تتهم بالتآمر على الدولة والمشاركة في مسيرات ودعم جماعة الإخوان والتخطيط لتنفيذ تفجيرات في المنشآت الحيوية
الحملة التي تقودها الصحف القومية والخاصة على وزارة الداخلية نقطة فارقة في فهم مصير النظام الحالي، وما إذا كان استمراره ممكنا أم أن هناك مخططا ما لإجراء إحلال وتجديد يطال أجنحة داخل النظام أو النظام نفسه في الأشهر القليلة المقبلة..
بعد منتصف ليل الاثنين الماضي بدقيقة واحدة، انفجرت عدة عبوات ناسفة في برجي الكهرباء المغذيين لمدينة الإنتاج الإعلامي، لتعيش المدينة ليلة مظلمة، وينقطع الإرسال عن عدد كبير من القنوات، ويكسب الإرهاب نقطة جديدة في صراعه مع الدولة ومؤسساتها.
بدأت الحكاية بطرق هادئ على باب غرفتي في الفندق الذي أقيم فيه على أطراف مدينة لندن بالقرب من مطار هيثرو، تقدمت لفتح الباب معتقدا أن الطارق أحد أفراد خدمة الغرف في الفندق لكن بدا أن الأمر أكبر من ذلك بكثير..