المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي الليبية يرى أن هناك من يلوك ويكرر كلام بعض النخبة السياسية والإعلامية العربية التي قادها تطرفها في معاداة الآخر العربي والفلسطيني إلى الاصطفاف مع العدو الغاصب الذي تورط في أعظم جرائم الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية في الزمن المعاصر.
السيد دبيبة يواجه تحديات من الجبهة الشرقية، ويبدو أنه سيكون أمام ضغوط كبيرة من الجبهة الغربية، وهذه بداية ليست موقفة، فهو في مواجهة اختبارات تتطلب حكمة عالية وحزما لا تردد معه، أزعم بأنهما ما يزالان غائبين حتى اللحظة
الملاحظ أن التوتر الذي هو سيد الموقف اليوم يقع بعيدا عن تأثير وتوجيه الأطراف الدولية، خاصة التي نجحت في جر الجميع إلى طاولة التفاوض ونجحت في تمرير الاتفاق السياسي وحكومة صادق عليها البرلمان، وهي مسألة فارقة بالنظر لما وقع لحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج..
حفتر يا سيدة نجلاء ما يزال خطرا على الاستقرار وخطرا حتى على حكومة الوحدة الوطنية، وبالتالي كان من المفترض مواجهة الطليان وغيرهم من المتحفظين على العلاقة مع تركيا بهذه الحقيقة، وهي استمرار التهديد من جانب حفتر وحلفائه
هناك لغط حول شحنة أسلحة يمكن أن تكون وصلت لحفتر من القاهرة، وهو ما يتطلب حذرا وحكمة في مقاربة الحكومة للتعاطي مع هذا الوضع المعقد، والابتعاد عما يمكن اعتباره انحياز قد يبرر عودة التدخل.
الإشكال في هذه المقاربة أنها تتجاهل ما لا يمكن تجاهله، خاصة أن برنامج الحكومة يتضمن ملفات في صلب الموضوع ولها علاقة مباشرة بالعدوان على طرابلس وتداعياته، ومنها ملف المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية..
يمكن القول إن تحركا سياسيا وأمنيا لحفتر سوف يتبلور بشكل أوضح خلال الأسابيع القادمة، وسيكون له أثره السلبي على المسار السياسي والأمني، وبالقطع سيفضي إلى مزيد من التصدع داخل معسكره..
هذا الاتجاه التركي الجديد يشير إلى إمكان قبول أنقرة بإعادة النظر في الاتفاقية الأمنية والعسكرية، ويمكن أن يكون خيار التجميد مناسبا للطرفين، حتى إذا تأكد استبعاد شبح الحرب وانتقلت البلاد إلى مرحلة أكثر استقرار يتم إلغاؤها
إن مجابهة الانتهاكات وكشف الجرائم بكافة أنواعها مطلب وشرط للبناء الصحيح للمنظومة السياسية والاجتماعية والأمنية الجديدة، وفي العفو خير كثير آنذاك، لكن ينبغي أن يكون الهدف تأسيس نظام يمنع الانتهاكات والجرائم ويكرس ثقافة علوية القانون واحترام الحقوق.
اليوم تتجلى بوضوح ملامح التناقض والتشظي الذي سينتهي إلى صدام لا محالة، فما يجري اليوم في بنغازي هو اتجاه إلى تكتيل وتعبئة لمحورين؛ أحدهما قابل للانشطار ليكون الاستقطاب والصراع بين ثلاث محاور في وقت لاحق
الفساد الذي جعله رئيس الحكومة أحد أهم أولويات حكومته سيكون أكثر تفشيا مع العدد الكبير من الوزارات، وإن لم يكن فسادا فهو هدر للمال العام لا مبرر له، والأولى توجيه الإنفاق إلى ملفات محددة تتطلبها الظروف الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة والمعلومة حتى لأقل الليبيين ثقافة ووعيا.
ما يزال الأمل قائما في أن يلتئم البرلمان ويصادق على الحكومة، أيضا لا يزال البديل عن البرلمان ممكنا لإعطاء الشرعية للحكومة، غير أن الفشل على كلا المسارين محتمل، وهو ما يعني تعقد الوضع بشكل يتيح الفرصة لمن شاء أن يدفع إلى الفوضى في ظل التنازع القائم، ويعطيه الذريعة لذلك
سبيل القاهرة في مناكفة تركيا وإخراجها من ليبيا أو تحجيم نفوذها هناك هو عبر التماهي مع الموقف الأوروبي والأمريكي غير الراضي عن السياسية الخارجية التركية وتدخلاتها الأخيرة في مناطق عدة ومنها ليبيا..
الواقع السياسي والأمني الجديد الذي أعقب عدوان حفتر على طرابلس، وقاد إلى اختلال معادلة الصراع والنفوذ بتراجع ثقل الولايات المتحدة وأوروبا في ليبيا، والتمكين لروسيا وتركيا، سيفرض على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تتعامل معه بجدية..
المجلس الرئاسي الجديد أمامه فرصة لينجح في معالجة ملفات شائكة ويفلح في إيصال البلاد إلى الانتخابات، ذلك أن أعضاءه لم يتورطوا في النزاعات التي شهدتها البلاد ولم يكونوا جزءا من الصراع القائم منذ العام 2014م.