واحدة من أسوأ ما كشف عنه مخطط الهجوم على مأرب هو ذلك المرتبط بصفقة سرية رعتها أبو ظبي؛ تقضي بأن تبقى جبهة الساحل الغربي هادئة إلى حد كبير، بما يسمح للحوثيين بالتحشيد باتجاه مأرب دون ضغط ودون انكشاف في أهم جبهاتها التي يتحكم في جزء منها نجل شقيق الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح العميد طارق صالح
تركت إدارة بايدن مجالاً لأبو ظبي للتموضع التخريبي في الساحة اليمنية، عبر توسُّل الشراكة مع واشنطن في محاربة الإرهاب، خصوصاً أن بايدن أكد على أن تدخل بلاده الوحيد في اليمن سيبقى في حدود مكافحة الإرهاب..
لم يحسم الصراع حول شبوة بعد ولن يحسم بسهولة، لكن الأمر سيبقى مرهوناً بتوفر إرادة رئاسية ضامنة لا يجب أن تستخدم بأي حال من الأحوال للمساومات السياسية أو لإخضاع هذا الطرف أو ذاك، بقد ما تبقى حارسة أمينة على مكاسب الشرعية في شبوة وفي غيرها من المحافظات
أعادت المقاومة الوطنية تمييز نفسها مجدداً من خلال الانتظام في إطار المجلس الوطني للمقاومة، دون أن تقطع اتصالها بقيادات الجيش الوطني أو التنسيق معها، ليقينها بأهمية التنسيق بين مكونات الشرعية بالحدود المتاحة مع تأمين مرونة للتحرك خارج الهيمنة المطلقة للتحالف وأجنداته..
ما من شك أن القرار الأمريكي الذي يُدرك الجميع تأثيره الخطير على مستقبل المليشيا، لا يجب أن يكون بديلاً عن تحرك وطني فاعل يؤازر الحكومة أو يكون على استعداد تام للقيام بدورها ضمن معركة وطنية تقتضي الضرورة خوضها بكل الإمكانيات من أجل استعادة الدولة اليمنية
كل الدلائل تشير إلى أن الإمارات في حالة مواجهة عنيفة مع الترتيبات التي أنتجها اتفاق الرياض الناقص، وهي ترتيبات تكرس في المحصلة نفوذ السعودية، الذي قد يتجه نحو تقويض النفوذ الإماراتي كنهج أيديولوجي عدائي وأدوات..
هل يتوجب علينا أن نتفاءل لأن الحكومة الجديدة وصلت أخيراً إلى عدن لمباشرة عملها، بعد أن أدت اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي في العاصمة السعودية الرياض، واستقبلت في مطار عدن الدولي استقبالاً دموياً عنيفاً؟
لا يكفي أن نقول إن الرئيس هادي تعرض لضغوط كبيرة لكي تمضي الأمور بهذا الاتجاه، فجزء مهم من هذا الإخفاق يعود إلى سياسة الرئيس ومواقفه التي لا تزال غامضة حتى اللحظة لجهة التزامه بالأمانة الدستورية..
ما نراه اليوم ليس إلا جزءا من خطة كان قد اقترحها رئيس الوزراء اليمني الأسبق حيدر أبو بكر العطاس، والتي أوصت بإنجاز تسوية سياسية مع الحكومة في صنعاء حول مرحلة انتقالية من خمس سنوات، تنتهي إلى ترتيب استفتاء حول انفصال الجنوب عن شماله
اتفاق الرياض لم يكن ضرورياً من الأساس، لأن قوات التحالف كان بوسعها منع بروز أي تحد يواجه السلطة الشرعية في المناطق المحررة، لكنها وعلى العكس من ذلك، مارست مستوى من الخداع الاستراتيجي، لتضع كل هذه التحديات أمام السلطة الشرعية..
قرار إن تم فإنه سيمثل الحد الأدنى من التعويض الذي يستحقه اليمنيون بسبب التآمر الذي وقع عليهم من قبل القوى الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية
أقل ما يقال في هذا التوجه أنه يصيغ نهاية مجحفة للمعركة المدمرة التي عصفت وتعصف باليمن واليمنيين؛ عبر سعيه إلى مكافأة أعداء الشعب اليمني من الانقلابيين والانفصاليين وامتداداتهم الإقليمية، مثل إيران والإمارات..
هناك شريحة واسعة من اليمنيين الذي يحتشدون حول المشروع الوطني، يأملون في أن تتدخل تركيا لمساعدتهم في التغلب على التحديات المحيطة بدولتهم، ويتطلعون إلى أن تقوم الشرعية التي يقف على رأسها الرئيس عبد ربه منصور هادي، بتنويع خياراتها، في الوقت الذي يُضيِّقُ فيه التحالفُ الخناقَ على هذه السلطة ومؤيديها
مخاوف الحلفاء المفترضين للسعودية في مأرب من التوجهات السعودية العدوانية الجديدة ذات الطابع العسكري والسياسي العقائدي؛ مبررة بشكل كبير في ظل التوافق الإماراتي السعودي على أن الحرب في اليمن ينبغي أن تعيد تحديد أولوياتها باتجاه الإخوان المسلمين، وفي ظل التوافق على أن هذا التوصيف ينطبق على تجمع الإصلاح
من المرجح ان تواجه السعودية صعوبة في إدارة حربها وربما في استمرار هذه الحرب على الساحة اليمنية، وسيمثل ذلك إن حصل، انعكاساً تلقائياً للموقف العدائي الذي تبناه قادة الحزب الديمقراطي تجاه السعودية طيلة السنوات الأربع الماضية من حكم الرئيس الجمهوري المثير للجدل دونالد ترامب
إذا كان من المقبول ممارسة الضغوط على جماعات التمرد المسلح، فإنه لا يليق ومن غير المقبول توجيه الأوامر أو ممارسة الضغوط الفجة على رؤساء دول، ومساواة دولة بجماعة متمردة..