أسرة صغيرة هي كل ما يحرص على الحفاظ عليه، منذ عامين أبيدت أسرته بالكامل، ولم يبق له الآن إلا زوجته وابنته الرضيعة. لم يكن يعلم وهو يتناول عشاءه أنه سيلتقي من رحل من أسرته.
أخيرا وصلت مهجة إلى المنزل تحمل حقيبة متوسطة الحجم ازدحمت بعدة أكياس، كان العرق يتصبب على جبهتها ولم تكن ثيابها في أفضل حال، ولكنها استطاعت برغم الزحام أن تقتنص نصف كيلو أجنحة دجاج وكيسا من بواقي طعام الفنادق الذي تبيعه أم أحمد.
منذ بداية الانقلاب كانت ولا تزال هناك نواة صلبة تتمسك بالشرعية كاملة، ارتقى بعضهم شهداء في مجازر رابعة والنهضة وغيرها، وبعد رابعة والنهضة أصبح من المستحيل تجاوز مسألة شرعية الرئيس الذي دفع الآلاف دماءهم وأمنهم دفاعا عنه؛ باعتباره أول ممثل حقيقي منتخب للشعب في مواجهة المؤسسة العسكرية.
يعشق دكروري قانون الطوارئ، ويذوب عشقا في فض المظاهرات ويبغض الحريات، كما يتميز دكروري بالوطنية الشديدة التي تتدفق في عباراته التي تكاد تبكيك وهو يتحدث عن نزول الجيش والعودة للعمل..
يجلس فرغلي المؤيد للانقلاب مرتديا بيجامته الممزقة في عشته الصغيرة داخل خرابة ينعق على أركانها البوم؛ وتحيط به أكوام القمامة من كل جانب، وتتصاعد من حوله الرائحة العفنة..
يقف يهوذا الأول في مذلة أمام سيده، منكس الرأس يتدلى كرشه وعلى وجهه القبيح تظهر علامات الانكسار والطاعة للسيد الصهيوني، يغلق الباب على غزة، يغرق جيشه حدودها بالماء، يتدلى لسانه في بلاهة فاركا كفيه ينتظر أصوات صراخ فلسطين حين يذبحها سيده الصهيوني.
كررت في أكثر من مقال وفي أكثر من لقاء تليفزيوني أن دور الجيوش العربية في خريطة ما بعد سايكس بيكو، هو العمل كقوات شرطة كبيرة ضد الشعوب، وأن الفارق الوحيد بين الجيوش وقوات الشرطة هو وجود الدبابات والطائرات.
ولن أندهش كثيرا إن دعت عصابة الانقلاب (الماسريين) للتبرع لحفر قناة جديدة على الناشف في القطب الشمالي عن طريق شهادات استثمار القطب الشمالي، كما لن أندهش أبداً إن استجاب البعض لهذه الكوميديا.
لم يكن من الممكن أن تستمر مصر كمستعمرة صغيرة تابعة للبنتاغون منذ انقلاب 1952 يعمل أهلها في خدمة العسكر، لولا الإعلام العسكري الذي عمل على غسل الأدمغة حتى تحول البعض إلى زومبي.
الجرافات تتقدم وتجرف أمامها بعض الجثث وتتعالى الصرخات. عدة ساعات مرت وبدأ العدو ينهار، أصوات الصرخات تعلو أكثر، والضباط يصوبون أسلحتهم في بطولة نادرة إلى أجساد الجرحى.