الجسد عامة والأنثوي خاصة متاح الآن على قارعة الطريق وهذه أكبر علامة على الغزو البحري الغربي لبلاد العرب، لقد غير علاقتهم بالمكان أولا فسكنوه وكبرت مدنهم البحرية وصارت مكانا مفتوحا وتوقف الاحتماء باليابسة من هول البحر.
الثورة تائهة ولا تجد طريقا. والثوريون يخبطون خبط عشواء في ليل بهيم. هل كان يجب أن تبني الثورة خِطَّة قبل انطلاقها، أم أن الخطة تأتي كشهية الأكل أثناء الأكل؟ أيهما أسبق الخطة أم الإنجاز؟ سؤال سفسطائي يخفي سؤالا آخر، هل يوجد ثوار فعلا لإنجاز ثورة؟ لقد أخذ هذا النقاش نصف قرن، ولم يحل معضلته.
قد أتاكم نبأ الدولة الفاشلة لكني مخبركم عن الدولة الفضيحة. فإذا تبرأ المرء من مداعبة الذات وتمجيد الغرور ونظر في قلب اللحظة الواقعية سيرى تونس الآن دولة فضيحة لا ساتر لها إلا معجزة..
أحزاب الهوى يا ليل فاتوا مواقعهم. وتشرشحوا يا ليل وأنا أتابعهم. وبان الخواء يا ليل والشعب قطَّعهم. ورغم احتمال التَّوْب ما عضّوا أصابعهم. ولذلك فإن بيرم لو عاد لاتخذهم مسخرة..
التوانسة يتكاذبون ويكذبون على العالم، توجد لديهم مشكلة حقيقية هي وهم توليد ديمقراطية كسيحة طبقا لتقنية ترحيل المشكلات إذا تعذر حلها، والعيش بوهم أن ستحل نفسها بنفسها لتفسح الطريق للسعادة والمجد.
حكومة الرباعي الحاكم في تونس وصلت إلى نهاية الطريق. لقد اتخذت لها مهربا قصيرا فانتهت إلى الجدار الذي لا أفق بعده ولا معاول لديها لكسر الجدار. وهي تدخل بتونس صيفا من الخوف من المجهول والناس تتوقع الأسوأ.ومولدات الأمل فيها تعمل بحسن النية لا بحسن التدبير. وعلى تجار الآمال الزائفة أن يردوها علينا إن استطاعوا.
احتفال باذخ ومودة تفيض على الوجوه ولكن أسئلة كثيرة ومحرجة تطرح ولا تجد الإجابة الشافية. هذه أجواء الاحتفال بذكرى تأسيس حزب حركة النهضة التونسي الرابعة والثلاثين (34) الموافقة ليوم السادس من جوان (حزيران)..
اسمعنا جيدا من عليائك يا شهيد الرواية. نحن تحت الشمس نكتب روايتنا ونطرق الجدران بقوة ونغني مع توفيق: يا مأسورة البترول يا بنت الحرام انتظري لكننا لن نفجِّرَكِ..
مرة أخرى، تقدم بعض النخبة التونسية الدليل القاطع على أنها لا تعيش مع شعبها، ولا تفكر معه، ولا تشعر بحاجته، بل تعمل جاهدة على حرفه عن شروط وجوده الدنيا ليمكّنها من شروط وجودها المرفهة.
غير مطلع على الكواليس الداخلية للحزب لكن الملاحظة الخارجية تكشف أن الأناة غالبة على الفعل السياسي عند حركة النهضة التونسية. كما لو أنهم وحدهم في الساحة بلا منافس يمكن أن يفتك منهم زمام المبادرة ويهمشهم أو يعيدهم إلى ما وراء البحار..
في ما يروى ماركيز عن المحرر بوليفار في روايته الجنرال في متاهته، أنه حوصر ذات ليلة في مستنقع مع بقية باقية من جنوده القلائل. ولكنه في حضيض الاندحار العسكري تنبأ واقفا على حصانه في قلب المستنقع بكل معاركه القادمة مع المستعمر الإسباني حتى تحرير أمريكا اللاتينية كلها..