كان بديع الزمان سعيد النورسي (1294 - 1379 هـ ، 1877 - 1960م) داعية الأخوة الإسلامية والجامعة الإسلامية، والعدو اللدود للتعصب القومي الذي يمزق هذه الأخوة الإسلامية، ويفتت رابطة الأمة الإسلامية التي هي فريضة إلهية "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" (الأنبياء 92).
فلئن كان التوأمان، مع وجود عوامل المزج والدمج الداعية له، لم يمتزجا طوال تلك الفترة، فكيف يمتزج نور الهداية الذي هو روح الشريعة مع ظلمات تلك المدنية التي أسسها دهاء روما؟! لا يمكن بحال من الأحوال أن يمتزجا أو يُهضما معا!
?في عام 1220هـ (1805م) بلغت مظالم الجند العثماني وفوضاهم الذروة، وأمام ضعف الوالي العثماني "خورشيد باشا" ومظالمه هو الآخر، تصاعدت الثورة الشعبية الدستورية التي قادها العلماء، فأضرب علماء الأزهر وطلابه عن حلقات الدرس، وماجت القاهرة بالمظاهرات التي قصدت منازل العلماء
تم الخلط بين الإرهاب - الذي لم يجر تعريفه - وبين الإسلام، حتى لقد جمعت الكتب الإسلامية من المدارس وأشعلت فيها النيران، وذلك لأول مرة في تاريخ مصر الإسلامية الممتد لأكثر من أربعة عشر قرنا!
في سنوات حكم حسني مبارك لمصر، واصل المستشار محمد سعيد عشماوي، الذي كانت تحرسه مباحث أمن الدولة، مع عدد غير قليل من غلاة العلمانيين.. واصل استفزازه للحس الإسلامي، على نحو غير مسبوق
?بدأ حسني مبارك عهده، في تشرين الأول/ أكتوبر 1981م، بأن وضع في الأدراج المغلقة تلك المشاريع التي أنجزت في عهد السادات لتقنين الشريعة الإسلامية وفقه معاملاتها، كي تطبق بديلا عن القانون الهجين ذي الأصول الفرنسية الذي فرضه الاستعمار الإنجليزي على مصر منذ عام 1883م
يعترف المستشار محمد سعيد العشماوي، وهو أحد أعمدة الفكر لنظام حسني مبارك، بأن الصحوة الإسلامية التي برزت في عقد السبعينيات، والتي فرضت الاتجاه إلى تقنين الشريعة الإسلامية وتطبيقها، بدلا من القانون الوضعي ذي الأصول والفلسفة الفرنسية اللادينية
عقب حرب أكتوبر عام 1973م/ رمضان 1393هـ، التي استردت فيها الأمة كرامتها القتالية وأخذت بثأرها من هزيمة عام 1967م، بدأ السير على طريق التحول عن نماذج التحديث الغربية إلى النموذج الإسلامي في التقدم والنهوض.
إن صعود المد الإسلامي في تركيا المعاصر، حتى على المستوى السياسي وسلطة الدولة ومؤسساتها، إنما يمثل درسا وعظة وعبرة لعموم العلمانيين على امتداد عالم الإسلام
هكذا شهد أستاذ اللاهوت والأخلاقيات الاجتماعية على ما صنعته العلمانية والتنوير والحداثة بالدين في أوروبا، عندما شربت هذا الكأس المسموم الذي يسعى الغرب والمتغربون إلى أن يتجرعه المسلمون الآن
عندما صدر كتاب "الإسلام وأصول الحكم" للشيخ علي عبد الرازق (1305 - 1386 هـ، 1887 - 1966م) عام 1925م، داعيا إلى علمنة الإسلام وفصل الدين عن الدولة، رافعا شعار: "يا بعد ما بين السياسة والدين"، أثار واحدة من أكبر المعارك الفكرية في القرن العشرين، لا في مصر وحدها وإنما على امتداد عالم الإسلام
هكذا كان ويكون الحال مع "العقل والعقلانية"، تتفاوت فيها حظوظ الناس، وتتمايز مناهجها بتمايز الحضارات، الأمر الذي يدعونا إلى إعادة قراءة تراثنا العلمي والفلسفي، وإعادة قراءة تراث الاستشراق
هكذا رفعت مدرسة الإحياء والتجديد شعار "الإسلام هو السبيل للإصلاح"؛ إبان الاحتكاك بالعلمانية الغربية التي تريد عزل السماء عن الأرض وفصل الدين عن الدولة والسياسة والقانون