المتحدث باسم حملة السيسي الانتخابية أعلن عبر الفضائيات أن استمارات دعم الترشح من أعضاء بالبرلمان جاهزة لمن يرغب، وكأنه معرض لمنتجات الجمعيات الخيرية توزع بالمجان على الفقراء والمحتاجين، وهي إهانة تصل إلى حد الاحتقار للبرلمان وأعضائه ودوره، وهذا من توابع الحالة الكوميدية التي نعيشها مصر هذه الأيام.
في محاولة لإنقاذ المشهد أشار عدد من الإعلاميين المقربين من رئاسة الجمهورية والمؤسسات المعنية بأن الحوار مكثف الآن مع بعض الشخصيات السياسية لمحاولة استرضائها لكي تترشح أمام الرئيس لتحسين المشهد و"إخراجه" بشكل لائق، وهو وضع مزر جدا ومهين للدولة المصرية ذاتها.
موقف مصر من المأساة السورية مشين، وسيذكره التاريخ في أسوأ صفحاته، وما كان يليق بمصر ومكانتها ومسئولياتها التاريخية في العالم العربي أن تبيع الشعب السوري رهانا على طاغية مجرم دمر بلاده ومزقها وهدم بيوتها ومساجدها وكنائسها ومستشفياتها ومدارسها وقتل النساء والأطفال .
ما زالت الأحاديث المرسلة للرئيس في مؤتمره الحالي تثير جدلا واسعا وحيرة المراقبين، من فرط غرابتها، مثل حديثه عن الاثنين من رجال الأعمال الذين كانوا يتناولون عشاء بخمسين مليون دولار ويخططون لهدم الدولة، فما هو هذا العشاء الأسطوري الذي يتكلف قرابة خمسة مليارات جنيه مصري تقريبا؟
حالة الهلع والقلق التي تنتاب الأجهزة الرسمية والإعلام الموالي تجاه أي حالة ترشح جادة في الانتخابات الرئاسية الجديدة، كاشفة بذاتها عن عمق الأزمة التي نحياها في مصر، ومدى تراجع الثقة بصحة المسار الحالي، والإدراك الواضح بانحسار الشعبية بصورة كبيرة.
لن نتعب أو نمل من التذكير بأن مواجهة خطر الإرهاب الأعمى الجديد لا يمكن أن تنجح بالذراع الأمني والعسكري وحده، هذا جهد أساس ومطلوب بدون شك، ولكن مواجهة الإرهاب هي تفكيك لعقول، وترويض لنفوس، قبل أي شيء آخر.
كان يفترض أن تكون السودان هي بوابة مصر الاقتصادية على أفريقيا وليس بوابة تركيا، ولكن مصر ـ في زمن التقزم وغياب الرؤية وعقم الفكر الاستراتيجي ـ انشغلت بسباب البشير وسباب السودان والتحرش بالجار الشقيق والاستفزاز والعنجهية التي يحسنها إعلام فاشل وجاهل وفاسد ومفسد.
العنوان ما نراه ويراه الناس الآن على سطح السياسة والإعلام والقانون والثقافة والاقتصاد والأمن، لذلك يعرف الناس جواب المستقبل من هذا العنوان، ولذلك، ورغم كل الخطاب الجميل والتفاؤلي المتكرر للرئيس والوعود البراقة والحالمة، تراجعت ثقة الناس بالمستقبل، والجميع يردد: ربنا يستر على البلد.
"إسرائيل" جزيرة إنسانية منعزلة وسط محيط عربي وإسلامي، وهي تستميت يوميا لترويج أنها كسبت علاقة مع هذه الدولة أو تلك، ولم تعد تلك "الاستغاثات" غير المباشرة وقفا على إعلامها فقط، بل مسؤولون كبار فيها يروجون هذا الكلام علنا وكأنهم "يسربون" أسرارا، وهي طفولية سياسية مثيرة للدهشة.
هكذا هم الطغاة، أذلاء صغار أمام الأجنبي أشداء قساة على شعوبهم، يقدمون أسوأ التنازلات للقوى الأجنبية من أجل تثبيت ملكهم أو تعزيز بقائهم على كراسيهم، ولكنهم لا يقدمون أي تنازل مهما كان صغيرا لشعوبهم ويستأسدون عليهم.
من يلعب مع الصهاينة من تحت الطاولة، أو في الغرف المظلمة، دعوه هناك، ولا تشجعوه على الإعلان بذلك، فمن مصلحة المعركة ضد التطبيع أن نشجع كل نفي وأن ننفي أي تهمة بلا دليل قطعي أو إعلان رسمي، وهو غير موجود.
بعد مرور قرابة أربع وعشرين ساعة على اختفاء الفريق أحمد شفيق في القاهرة عقب وصوله إليها قادما من الإمارات، بثت قناة فضائية حوارا هاتفيا معه، تكلم فيه عن أنه حر الحركة، وأن الإمارات لم تعتقله، وأنها أكرمته.
المعركة مع الإرهاب ليست معركة أمنية أو عسكرية مجردة، هذا وجه من وجوهها، ولكنها معركة سياسية شاملة، ولا يمكن أن تنجح فيها إلا بعقلية سياسية ناضجة وشاملة، وبرؤية سياسية ناضجة وشاملة، وبقيادة سياسية حكيمة وخبيرة، تملك رؤية متكاملة لأبعاد التحدي وتعقيداته.
بهذا الأفق، وتلك الروح، وتلك الحرية، وذلك الوعي، وكرامة المواطن قبل كرامة الرئيس، كانت الولايات المتحدة هي الدولة الأعظم في العالم، وبغياب كل ذلك، بقيت دول كثيرة في قاع العالم الثالث.
الدولة بكاملها خسرت في موقعة الواحات، خسرت بمؤسساتها السياسية ومؤسساتها الأمنية ومؤسساتها الإعلامية أيضا، وجعلت علامات الاستفهام تتزايد في الخارج عما يجري في مصر ومؤشراته.
ما جرى في ملف حماس أعتقد أنه مقدمة ضرورية، سياسية ومعنوية، تمهد لمراجعات سياسية لملف الإخوان في مصر، بعد تهدئة الظرف الإقليمي، فقد ثبت أن تصنيف الجماعات والكيانات على أنها إرهابية هو مجرد "أداة ضغط سياسي" لا أكثر.