إن ظهور التيار الإسلامي كمنافس سياسي، كان ضرره كبير على الفكرة، إن لم يكن بتفريطه ففي تنازل الآخر السياسي عنها، وفي المقابل فإن هذا التيار عندما حكم، كان كالمنبت الذي لا أرضا قطع ولا ظهراً أبقى
هذا الخروج من السلطة ليس خروجا يسمح بالعودة بعد دورة أو أكثر، فالتجربة أليمة، وتمثل درساً معتبراً في كيف يمكن الإجهاز على الخصم بدون إطلاق رصاصة أو فتح زنزانة، فقد سلمهم الملك حبل المشنقة ليشنقوا أنفسهم بأيديهم وأيدي الجماهير، التي اندفعت لانتخابهم من قبل
يبقى خيار الانتخابات لو تم اللجوء إليها لأي سبب من الأسباب، فلا أعتقد أن الإخوان فقدوا نواتهم الصلبة في الشارع المصري رغم كل ما حدث، لكن هذه النواة لا يمكن أن تكرر التجربة من جديد، لتكون النتيجة هزيمة جديدة لا تصيبنّ الذين فشلوا خاصة!
المسيحيون، والحقوقيون، يرون أن حرص الدولة على الإبقاء على خانة الديانة في البطاقة هو تصرف طائفي يستهدف التمييز لكي يُستبعد المسيحيون من وظائف بعينها، وكأن هذا هو العلامة الدالة على التمييز، ولا يعرف الناس المسلم والمسيحي بمجرد الاسم، وكأن المسيحيين لا يمارسون التمييز الطائفي بدق الصلبان على أيديهم؟!
الحقيقة، أن طالبان انتصرت، كما انتصر المجاهدون الأفغان من قبل، وأن انتصارها حدث بالتراكم وبالنقاط ولم يكن فجأة، لكن الذين يعيشون الهزيمة لا يمكن أن يقروا بذلك، وقد صاروا عبئاً على أنفسهم باللجوء لنظرية المؤامرة..
الدولة التي فرضها الاحتلال الأمريكي لم تكن أبداً دولة عصرية، ولم يسمح فيها للشعب باختيار من يحكمه، ولم تسمح بحرية الصحافة وتداول المعلومات، وكانت بحسب منظمة الشفافية هي دولة فساد كبرى، والسكوت على هذه الدولة يسحب صفة الموضوعية ممن نفروا خفافاً وثقالاً ضد رجعية طالبان الآن!
جاء الدور للرد، فقد استقام السلفيون أكثر مما ينبغي وهذّبوا لحاهم، وارتدوا ملابس الفرنجة، ثم ذهبوا يقدموا أنفسهم للدوائر الغربية وسفارات الدول الأجنبية على أنهم بديل جاهز للإخوان. وهذه الدوائر تدرك ما لا يدركه النظام العسكري الآن، وإن كان يدركه النظام البوليسي في عهد مبارك
من العبث القبول بأن رئيس الحكومة (موضوع النزاع) قد استقال أو قبل إقالته بنفس راضية، ما لم يكن قد تعرض لضغوط هائلة دفعته لذلك، وعندما يدير الرؤساء ضغوطاً من هذا القبيل على شخصيات بهذا الحجم، فإنهم لا يهبطون إلى مستوى أداء شبيح من الدرجة الثالثة..
لا تُشد الرحال إلى مصطفى الفقي، سكرتير الرئيس مبارك للمعلومات سابقاً، والمقرب حد الالتصاق من الحاكم حالياً، لكني إذا رأيته على الشاشة، وأنا أمارس التنقل بين القنوات المختلفة، فإنني لا أغادر حتى ينتهي من الحديث عن معلوماته عن الماضي، حتى يخوض في حديث غيره..
ولو تم قصف السد أو إخراجه من الخدمة لتوج السيسي زعيماً، ولصار تأييده من قبل عامة المصريين وخاصتهم هو تحصيل حاصل. ولا أقول إننا سنكون مدعوين لتأييده، بل سنكون مطالبين بانتظار الإذن منه لهذا التأييد، فلن يسكت الرأي العام على معارض للسيسي ولو طالب بالحرية وبإقامة حياة سياسية سليمة!
آخر ما كنت أتوقعه، أن يكون لدى الجنرال المصري عبد الفتاح السيسي تطلعات شيوعية، في بلد لا تزال أجهزتها الأمنية تحتوي على أقسام لمكافحة الشيوعية، فقد فاجأنا بالاحتفال بالعيد المئوي للحزب الشيوعي الصيني، ووصفه بالصرح السياسي العظيم!
اليسار، وناصريون من بينهم، هم الذين كانوا يعارضون في الخارج، وأن التراث السلطوي كان يرى في هذه المعارضة خيانة وطنية، بيد أن الناصريين عندما صاروا في دائرة السلطة صدق فيهم قول الشاعر رمتني بدائها وانسلت، فقد تغيرت المواقع، وأصبحوا كما "ريا وسكينة" في المسرحية الشهيرة