آخر نماذج النساء العربيات اللواتي يتفوقن خارج اوطانهن السيدة الفلسطينية رشيدة طلاب، فقد اعلنت عن ترشيح نفسها عن الحزب الديموقراطي لا كرئيسة بل كحاكمة ولاية، لمعرفتها ان تأنيث البيت الابيض لا يزال محرما.
ورث مادورو الرئاسة عن سلفه شافيز، ولم تكن التركة سهلة لأن شافيز تجاوز الكثير من الخطوط الحمر بالنسبة للولايات المتحدة، واتخذ مواقف راديكالية من قضايا تحررية منها القضية الفلسطينية ما ضاعف من السخط عليه، لأن مثل هذه المواقف تغريد خارج السرب الذي ترى واشنطن أنه محكوم رغما عنه ان يبقى في مدارها.
قد لا نحتاج إلى كثير من الخيال كي نتصور بأن الموساد مستعد لتقديم الفيتامينات وعمليات التجميل ومعالجة أمراض مثقفين سعوا إلى التطبيع؛ لأنه حريص على استمرار حياتهم كحرص الصيّاد على إدامة حياة كلبه.
غزة ليست قبيلة كي ينتسب إليها شعراء غُزيّة، لهذا فهي تنزف بصمت وكبرياء، ولم تعد تستغيث بغير اهلها، لأن سعاة البريد وسماسرة الإنترنت أعادوا الرسائل بحجة أنهم لم يعثروا على المرسل إليه. والمرسل إليه هو العربي الذي غيّر اسمه وعنوانه كي ينجو، وتناسى أمثولة الثور الأبيض.
لم يسبق للعرب في العصر الحديث أن التأموا كجرح يمتد بين محيط وخليج كما حدث هذه الأيام في موقفهم من الولايات المتحدة، فهم بلا استثناء ضد مواقفها خصوصا في العمليات العسكرية الثلاثية على سوريا، وقد يبدو هذا الكلام حلم يقظة أو ضربا من الهذيان السياسي.
العالم الآن هو الذي يتبنى القضية الفلسطينية كنموذج للعدالة، ولإنصاف الضحايا، لهذا لم تترجم كلمة انتفاضة إلى أية لغة وبقيت بكامل حروفها الأبجدية، وحين قلت لصديق أوروبي قبل فترة في أثناء الحوار، بالستاين كي يفهمني، ابتسم وقال: لا.. فلسطين.. وشدد على حرف الفاء حتى أزبد!
حين يكون معجم رئيس الدولة الأكبر والأغنى والأقوى لكن ليست الأعظم، خاضعا للحواسيب ومعايير الربح، والربح أيضا لأن الخسارة ليست من مفرداته، فإن هذا الخطر أخلاقيا وثقافيا لا يقلّ عن خطر استخدام السلاح النووي؛ لأن الإبادة قد تتم دون إراقة قطرة دم واحدة.
قد يكون ما يسمى النقد الذاتي غائبا عن ثقافتنا العربية الى حد كبير، لكنه موجود بوفرة وفائض يصلح للتصدير في المجالس الخاصة، لهذا فهو منزوع الدسم والفاعلية، ويريح من يمارسون هذه الهواية وهي على الاغلب من أدبيات النميمة.
المجتمعات التي تصاب بتصحر ثقافي ويختلّ توازنها الأخلاقي يصبح الفرد فيها أشبه بلاعب السيرك، غير مسموح له حتى بخطأ واحد، فإما التصفيق أو السقوط عن الحبل مضرّجا بعرقه ودمه! وغياب التسامح المتبادل يرجع إلى حالة من التوتر والعصاب اللذين يفرزهما فائض القهر وكظم الغيظ.
انها عينات مصغرة وكاريكاتورية لما سمي حرب الفضاء، فأسلحتها كلامية فقط الا في البرامج الحوارية التي يتراشق فيها الضيوف بأكواب الماء والاحذية وما تيسر على المائدة!
لا أظن أن السيدين سايكس وبيكو هما اللذان ادخلا إلى الثقافة العربية عبارات من طراز ظلم ذوي القربى الأشد مضاضة، أو الأقارب عقارب، أو اتقّ شرّ من أحسنت إليه أو أعلّمه الرماية كل يوم وحين اشتدّ ساعده رماني.
الثقافة العربية على ما يبدو بحاجة الى التعامل مع مفاهيم غير كلاسيكية ومنها الانقراض المعنوي والابادة البيضاء او السلمية، لأن من ادخلوا الى الالفية الثالثة على نقالات او وهم يتوكأون على العكازات لا يدركون كم فاتهم وكم سيفوتهم ايضا بحيث يجدون انفسهم على الهامش وخارج التقاويم.