جهاز المراجعة هذا لا بد وأن يكون حاضرا وبشكل مستمر، لا يتخلف ولا يغفل، فهو لازم لعملية التغيير ذاتها في إطار ممارسة ما يمكن تسميته "النفس الجماعية اللوامة"، والتي تستطيع أن تستدرك على فعلها وتتبين مواطن تقصيرها وقصورها، وتؤسس لمسيرة واعية راشدة فاعلة
المهم في البداية أن نؤكد، ونحن نحاول أن نفتح الباب حول عمليات النقد الذاتي للقوى السياسية المختلفة، أن نعترف بأن ممارسة هذا النقد إنما يشكل قاعدة أساسية لقيام هذه القوى بمراجعة أفكارها ومواقفها؛ ليس فقط حيال الثورة المصرية في يناير أو الحالة الانقلابية، ولكن بأن تراجع مجمل رؤاها حول مدى تأثيرها
خطاب التحرير والكرامة إنما يشكل أهم طاقات تجعل من العيش الكريم أهم مفردات تحرك عموم الناس نحو مطالب حقيقية بالعيش المغموس بالكرامة المتوجب العدالة الاجتماعية..
كان من المهم أن تقوم المعارضة في هذا المقام بوضع استراتيجيات حقيقية في ما يتعلق بمواجهة الانقلاب والسلطة الحاكمة في مصر وفضح السياسات البوليسية والفاشية، وكذلك العمل على تأسيس استراتيجية خطاب يتواصل فيه مع ثلاثة أصناف..
الظاهرة الشبابية لن تقبل بأي حال من الأحوال لا الاحتيال ولا التزييف.. هذا الدرس يعطيه الشباب عند كل حدث بداية من المقاطعة الانتخابية ليقدم أبلغ رسالة بأن ما يفعله المنقلب ليس هو نموذجهم، بل نموذجهم في الثورة والتغير، في النهوض والتأثير، في الكرامة والتقدير
شكل هذا الاستقطاب ميدانا خطيرا نقلت فيه هذه النخبة حالة الاستقطاب تلك إلى حالة فرقة مقيمة بين فئات المجتمع المختلفة وبين أطياف الجماهير المتنوعة، فأحدث ذلك شرخا كبيرا داخل المجتمع استهانت به النخبة في بداية أمرها..
الصورة النمطية للشعوب والجماهير لدى النخبة مثلت بحق فجوة في التفكير وفجوة في التدبير والتسيير، وفجوة في التغيير والتأثير، هكذا لم تعد الجماهير قاطرة الأيديولوجيا التي تتشدق بها النخب أيا كانت أفكارها، بل باتت هذه تناقض توجهات الجماهير وتستدعي قمعها وعدم الانصياع لها.
رابعة تذكرنا بتضحياتها أن علينا أن لا ننسى القصاص، وأن نقوم بكل ما من شأنه الحفاظ على إنسانية مجتمع وعلى قدرة أمة، فلن يفلت المستبد ولن يفلت القاتل، نداء رابعة لا يموت، كاشفة فارقة ناقدة..
كل ذلك يشكل من "رابعة" مدخل تفسير لكل المجازر التي حدثت قبلها وبعدها، ولعربة الترحيلات، والتي نظر أحد ضباطهم ضحاياها كفئران، ونظر عباس كامل، مدير مكتب السيسي آنذاك، إلى هؤلاء كعالم أشياء "الحاجة وثلاثين دول"
إن مشروع الجماعة الوطنية يعبر في حقيقة الأمر عن مشروع وطني وحضاري وسياسي متكامل يؤشر على كل العوامل التي تؤدي إلى لحمة وتماسك المجتمع بكل أطيافه وتنوعاته