في 19كانون الأول/ديسمبر 2018، لما كان واقع السودان يعيش الفاقة والفقر والعطالة وتفاقم التهميش السياسي والاجتماعي والاقتصادي وانسداد الأفق، وهو في قبضة الإنقاذ، نظام تحالف الفساد والاستبداد، خرج شباب السودان إلى شوارع وساحات التغيير، رافضين أن يرهنوا حاضرهم ومستقبلهم لخيارات البحث عن المنافي.
في يوم الخميس الماضي، تفجرت غضبة «الهبباي» مرة أخرى، وزلزلت أرض العاصمة ومعظم مدن السودان، لتؤكد رفضها واستعدادها لمقاومة ومنازلة أي «انكشارية» جديدة تحاول أن تطأ أحلام الشعب وتخنق ثورته، وترمي بالبلاد في الكارثة والتهلكة..
بتاريخ 19 آب/أغسطس الجاري، صرّح الناطق الرسمي لمجلس السيادة السوداني، أن المجلس كلف عددا من أعضائه لابتدار نقاش حول تكوين لجنة تبحث تشكيل مفوضية الانتخابات ومفوضية صناعة الدستور، وفقا لما نصت علية الوثيقة الدستورية..
تباينت ردود الأفعال، ما بين رافض ومؤيد داعم ومتشكك ناقد، تجاه المبادرة التي قدمها الدكتور حمدوك، رئيس الوزراء، بعنوان «الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال، الطريق إلى الأمام»..
تجري الاستعدادات هذه الأيام لعقد مؤتمر نظام الحكم الإقليمي في السودان، أحد استحقاقات إتفاق سلام جوبا الموقع بين حكومة السودان الانتقالية وقوى المعارضة المسلحة..
عندما يكتب الدكتور فيصل عبد الرحمن علي طه، الخبير القانوني الدولي الضليع، فنحن نقرأ بانتباه وتمعن، لأن كتاباته تلتزم المهنية والعلمية الصارمة، وتفتح لك أبواب الحقيقة إن كنت تنشدها.
السياسة هي المدخل لمقاومة ما نشهده اليوم من انهيار اقتصادي في السودان. وأي تدابير اقتصادية وفنية بحتة، لن تستطيع وحدها إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية الخانقة، ما لم تتم إعادة النظر في مناهج وآليات وشخوص إدارة العمل السياسي في البلاد..
هؤلاء الشباب خرجوا إلى الشوارع احتجاجا، ضد الجوع وأسبابه، وضد الذل والمهانة وهدر الكرامة، ولن يرهبهم أن الحكومة أعدت لهم ما استطاعت من قوة ومن رباط الخيل!
غضبة «الهبباي»، انفجرت هذه المرة في خارج الخرطوم، ومركز ثقلها الرئيسي لا يزال هناك، على عكس ما تعودنا عليه من قبل، عندما كانت القوى الحديثة في المركز هي التي تبتدر الحراك ثم ينتشر إلى الأقاليم الأخرى.
هل اندلاع حرب عالمية جديدة تهدد بفناء البشرية في ظل إمكانية استخدام السلاح النووي، وفي ظل وجود قادة لا يتمتعون بأدنى قدر من الإحساس بالمسؤولية، هل هو مصير محتوم نساق إليه نحن؟