لا يريد النظام استعادة أي منطقة مع أهلها، لذلك يفضّل إنزال الدمار الشامل بها وجعلها أرضا محروقة ليضمن تفريغها من السكان وتسليمها إلى الإيرانيين ليستولوا على «أملاك الغائبين». ليس في الغوطة مقاتلون أجانب ولا لاجئون أو غرباء، فجميع الـ400 ألف الذين بقوا فيها هم من أهلها ويملكون بيوتهم وأراضيهم.
كانت بلا شك مفاجأة صادمة لإسرائيل التي اعتادت طائراتها التنزّه فعلا في أجواء سورية لاصطياد مواقع للنظام أو لإيران ولديها معلومات من الأرض بأن شحنات عسكرية جديدة أُنزلت فيها. ومعروف أن تفاهمات فلاديمير بوتين - بنيامين نتانياهو منحت إسرائيل «الحق» في ضرب ما تعتبره «خطرا على أمنها».
استعادة الرقّة من تنظيم "الدولة الإسلامية" دشّنت مرحلة جديدة في الأزمة السورية، قوامها مَن يدير محافظة الرقّة وكيف ولأي هدف. وفيما كان التوافق على إنهاء سيطرة "داعش" وطرده قائما وعلنيا، بين الأطراف الدولية والإقليمية، إلا أنه كان شكليا، بدليل أن التناقضات التي بدأت تظهر من شأنها أن تخلق صراعات لاحقة
هناك حرب أو حروب صغيرة تتجمّع خيوطها وأسبابها في أجواء المنطقة العربية، ولعلّها الترجمة الفعلية لـ"العاصفة" التي أشار إليها الرئيس الأمريكي قبل كشف استراتيجيته الجديدة للتعامل مع إيران..
تطرأ حاليا على أزمات سورية وليبيا واليمن والعراق، كذلك على القضية الفلسطينية، معطيات جديدة قد تكون سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب مبعثها المباشر أو غير المباشر، بتوجّهات وأهداف خاصة ومختلفة تقطع مع نهج التراجع الذي اتّبعته الإدارة السابقة وأدّى إلى صعود النهجَين التدخّليَين الروسي والإيراني.
استغرقت عملية نقل من تبقّى من سكان من البلدات الأربع السورية أسبوعا، وكان التغيير الديموغرافي هذه المرّة علنيا وشبه «مشرعَن». قالت الأنباء أن الزبداني ومضايا عادتا إلى «الدولة»، أي الدولة السورية.
ترحيب، تأييد، إشادة... نادرا ما حظيت ضربة عسكرية بهذا القبول العالمي، الذي تحوّل بدوره استعدادا للتآلف مع دونالد ترامب المتأثّر «إنسانيا وأخلاقيا» بموت الأطفال اختناقا في خان شيخون..
أبدى القادة العرب جميعا، في قمة البحر الميت، ضيقا ورفضا حيال التدخّلات الخارجية، والمهم ألا ينسوا مع اختتام القمة أنهم لم يقولوا أو يقرّروا فيها كيف سيواجهون تلك التدخّلات..
إذا لم يكن الوجود الأمريكي في منبج تدخّلا في سورية، فما عساه يكون. وإذا لم يشكّل حضور رئيس الأركان الروسي في أنطاليا، إلى جانب نظيريه الأمريكي والتركي، اعترافا بذلك التدخل، فكيف يمكن أن يُفهم. لم تصرّ موسكو على تنسيق أمريكي مع بشار الأسد، لكنها لا تزال تتوقّع أو تأمل بأن يحصل.
لا يحتاج الأمر الى جدل جديد للتوصل الى أن دخول "حزب الله" سوريا وتورّطه في الصراع المسلّح كان خطأ في حق لبنان، وطنا ودولة وشعبا، وخطأ أكبر في حق الشعب السوري..
في مداخلات كثيرة، كرّر رئيس النظام السوري ومسؤولون إيرانيون وقادة مليشيات عراقية ومليشيات حوثية يمنية أنهم يحاربون الإرهاب، وكانوا في ذلك يطلقون إشارات ورسائل إلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأنهم في الخندق ذاته. واستخدم بشار الأسد مقابلات مع إعلاميين أجانب لمخاطبة الرئيس دونالد ترامب مباشرة.
أين الولايات المتحدة؟... هكذا تساءل المبعوث الأممي الخاص بالأزمة السورية أمام مؤتمر ميونيخ للأمن في سياق حديثه عن التحضير للمفاوضات بين المعارضة والنظام. وبعد شروعه في إدارة «جنيف 4» قد يكون ستيفان دي ميستورا تساءل أيضا: أين روسيا؟...
يفيد الجدل العقيم المتواصل، ليس الآن بل منذ سنين، بجملة خلاصات لعل أهمّها أن انعدام الوفاق الوطني وتضارب المصالح والأهداف يرجّحان استحالة التوصّل إلى قانون للانتخاب ينصف جميع المكوّنات ويحظى بموافقتها..
تتوازى الفوضى في سورية والعراق مع سباقات عديدة تخوضها إيران وإسرائيل وتركيا حول هذين البلدَين وفيهما، سعيا منها إلى حجز مواقعها وضمان مصالحها. وخلال الانكفاء الأمريكي مع إدارة باراك أوباما لعب كلّ من هذه الأطراف الإقليمية وحده محاولا اقتطاع أكبر المكاسب من انهيار الموقع الاستراتيجي لسورية.