يكتب مزرعاني: الولايات المتحدة الأميركية تُقاتل، حاليا بضراوة للدفاع عن سيطرتها وهيمنتها الهائلتين في كل أنحاء المعمورة، بأشرس الوسائل وأشدّها بربرية. بدوره، فإنّ الكيان الصهيوني الذي انبثق من رحم الأساطير والعنصرية والعدوان.
ردَّد مسؤولون إسرائيليون، خصوصاً منذ الشهر الثالث على العدوان البربري على غزَّة، بأن إسرائيل تمر بمرحلة "مصيرية" أو "حاسمة". البعض يعلن ذلك من قبيل تبرير حرب الإبادة التي تشنها قوات العدو، وتأكيداً على المضيّ فيها حتى الانتصار "المطلق" كما ذكر المجرم نتنياهو بعد "كارثة المغازي". لكن بالنسبة إلى البعض الآخر، وربما الأكثرية، فحينما تصف الوضع الراهن بـ"المصيري"، إنما تفعل ذلك من قبيل القلق والهلع بشأن المشروع الاستيطاني الإحلالي الصهيوني نفسه. أسباب عدة، موضوعياً، تقود إلى هذا النوع من الشعور. وهو في المناسبة، قلق عرفه مسؤولو كيان العدو، لمدة، بعد انطلاق حرب عام 1973 حين حطَّم الجيش المصري "خط بارليف"، وتقدّم الجيش السوري في معظم الجولان: - أولها، عملية السابع من أكتوبر نفسها التي كانت صاعقة ومدوية.
المعاناة أضخم من أن توصف. الخسائر أفدح من أن تُعدّ أو تُحصى. الارتكابات ارتقت إلى مستوى الجريمة باستهدافها شعباً ودولة ووطناً. والأنكى أن الكارثة مستمرّة. لا مؤشرات، حتى الآن، وبعد ثلاثٍ عجاف، إلى وقْف الانهيار وإلى تدارك وتفادي المزيد من الكوارث والآلام.>
تغيير السياسيات والأنظمة والسلطات بالقوة، من قِبَل قوة أو دولة خارجية، هو أمر مرفوض تماماً لأنه ينتمي إلى شريعة الغاب حيث يسود القوي ويُقهَر الضعيف. الدفاع عن النفس هو حق مقدَّس وفق كل المعايير والأعراف والقوانين الدولية والإنسانية. هذا من حيث المبدأ. هذا، أيضاً، ما ينبغي أن يحكم العلاقات بين الدول والشعوب لكي تسود مبادئ العدالة والاستقرار والسلام.
مراقبة مسار التحضير للمعركة الانتخابية «العظمى»، كما يمكن تسميتها (نظرا للمعوَّل عليها من قبل الفريق الأنشط في تغذية الأزمة اللبنانية وفي استغلالها)، يقود بسهولة لتوقّع أن تذهب الأمور، وفق كلا الاحتمالين الراجحين أو المرجّحين، إلى صمود وبقاء النظام السياسي اللبناني كما هو، وإلى إفلات منظومة التحاصص
يتّهم الغرب، وعلى رأسه واشنطن (آخر مثال سفيرة فرنسا بعد رئيسها ماكرون)، قوى السلطة اللبنانية بالفساد والنهب. لكن المفارقة أن ممثليه يبحثون عن أسباب الانهيار الكوارثي المتمادي خارج مسؤولية هذه القوى، وخصوصا، خارج مسؤولية فشل نظامها السياسي الاقتصادي الاجتماعي التابع والمتخلف!