لم ينسَ الرئيس الأميركي أن ينصحنا بالاعتدال و «الهدوء»، فالوضع النهائي للقدس «رهن بالمفاوضات»! هو «يكرّم السلام» والإسرائيلي يحتفل بـ «أجمل هدية» من المتهور «الشجاع».
أما نحن فتهمتنا وصفة جاهزة بوصمة الإرهاب لكل مَنْ يقول لا.
فصائل المعارضة السورية منهكة، وغبار معارك «داعش» وغازات السلاح الكيماوي أجهزت على ما بقي من الثورة. يختار القيصر لحظةً لخنق الحلم السوري بمحاكمة النظام، ويقايضه بـ «تنازلات» وإصلاحات، لا بد أن ينصاع لها مسرح الضعفاء.
هي ليست ساعة تصفية حسابات، تجنيها إدارة ترامب على طريق شطبها سنوات «القوّة الناعمة». فالحروب في سورية لن تصبح من الماضي، بعد أسابيع، لكن الأهم أن المحاسبة التي يريدها سيد البيت الأبيض، تبدو أداة وحيدة لديه، لاستعادة هيبة الولايات المتحدة... وترتيب أوراق التفاوض مع الروس.
حدِّق في عيون أطفال خان شيخون، إنها تديننا جميعا، ماء سُكِب على أجسادهم الملطخة بالغازات السامة... ماء على جسد البشرية الملطخ بفضائح الهمجية، ورعاة النظام السوري «أبطال» استئصال «الإرهاب».
إنه عالم العرب في العام 2017، مسارح حلول وتسويات بعضها أهدافه مشبوهة، وبعضها للاختبار. وما دامت مظلة الحماية روسية، ما الذي سيقنع إيران بالكف عن التلاعب بمصير اليمن، وعن مد أصابعها إلى باب المندب؟
العراقيون خائفون من ثمن تحرير الموصل، ومن مفاجآت «داعش» الذي يُستبعد انكفاؤه سريعا إلى سورية. الأوروبيون خائفون من «أفواج جهاديين» تتسلّلوا إلى أراضيهم لتوسيع سيناريو الرعب بعد الحرب. أما القوى الإقليمية، فمعظمها يخشى أن تسهّل معركة الموصل لإيران تحقيق مشروع الممر الآمن من العراق إلى سورية.
صواريخ وبوارج وقاذفات تفتح أجواء المنطقة العربية ومياهها للقيصر العائد بخيبات أوباما. ولن يكون مفاجئاً أن يدعم الدور الإيراني في اليمن، فيما لا تفوّت الأمم المتحدة فرصة إلا وتشكّك في شرعية تحرُّك التحالف العربي في مواجهة الانقلاب على الشرعية.
على مدى عشرات السنين، كان للعرب حيّز للمناورة تحت سقف صراع القطبين ثم الحرب الباردة... في حقبة المجازر، أكثر من سقف للتفاهمات الأميركية - الروسية، وأكثر من حلبة للتواطؤ الإيراني.
رغم التفجيرات الانتحارية اليومية، وسطوة الفساد الذي نهب البلد، وجشع القوى السياسية التي تتحصّن بالمحاصصة، وآلام ملايين من المواطنين يكابدون لئلا يصبحوا تحت خط الفقر، رغم كل ذلك، إيران تفتنها "الديموقراطية" العراقية..
حين ودّع أوباما قادة دول الخليج بعد قمة كامب ديفيد (14-5- 2015)، كانت نصيحته «حاوروا إيران وافتحوا صفحة جديدة معها». كرر بالطبع التزام واشنطن أمن الخليج، وما حصل منذ نحو سنة، لا يشير إلى أي رغبة لدى طهران في وقف سياسة استعداء دول الجوار والاستعلاء عليها.
في أزهى فصول جنيف، حال المعارضة أنها مهما فعلت لن تمرّر أي بند إلا إذا قبله النظام السوري، وبافتراض تنازلها عن ورقة مصير رأسه. أي مفاوضات إذاً؟ ستة أشهر أخرى كم ستكلّف من القتلى الأبرياء، ودمار مدن، وتقطيع ما تبقى من أوصال وطن، بعدما تنقّل من احتلال إلى احتلال؟
طفل تغسله الدماء في غوطة دمشق... طفل لم يتعلم سوى النزوح مع أهله منذ إطاحة ديكتاتور ليبيا، وثالث لا يسمع سوى التفجيرات وأحاديث عن صراع السنّة والشيعة في العراق. هو عالمنا العربي، ما الذي نتوقعه بعد من إدارة الرئيس باراك أوباما في السنة الأخيرة من ولايته، وهل نراهن مجدداً على تدخُّله لإنقاذنا
كتب زهير قصيباتي: كاد قائد "الحرس الثوري" الإيراني محمد علي جعفري يتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأنه يتواطأ لمنع ظهور الإمام المهدي، بتدخُّله عسكريا في سورية، وسحب مفتاح القرار والوصاية هناك من جيب مرشد الجمهورية الإسلامية..
الحل الوحيد للسوريين هو أن «يقاتلوا الإرهاب الدولي بلا هوادة». ومع هذا «التبصُّر» الروسي بوقائع سورية وشعبها المعذّب بالقتل والغازات السامة والبراميل المتفجِّرة والتشرُّد، تتبرّع إيران للعرب المعذّبين في شرق أوسط الخراب والعنف والتنكيل، بأنها وحدها قادرة بجيشها وحرسها «الثوري» على إنقاذهم... بسحق «ا
كتب زهير قصيباتي: نحن شعوب الخِيَم وقوارب الموت، لمَنْ نترك الشرق الأوسط "الجديد"؟ هل يعرف الجواب باراك أوباما المنشغل بحفلات البيت الأبيض، بعد اطمئنانه إلى كسر معارضة "المشاغبين" في الكونغرس الاتفاق النووي مع إيران؟