اليوم السؤال الأبرز أنه كيف ستتعامل الإدارة الأمريكية المقبلة مع هذه الخطوات الإيرانية الهجومية؟ هل ستتجاوب لمدلولاتها في موضوع العقوبات؟ أم أنها ستواصل العمل وفق مقاربة ترامب للصراع مع إيران وتوظف تركته أشد الاستثمار؟
يذكّر سلوك الدول الأوروبية الثلاث، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الشريكة في الاتفاق النووي، هذه الأيام، بالذرائع الفرنسية في الأيام الأخيرة من المفاوضات المنتهية إلى الاتفاق عام 2015، بغية وضع العصا في دواليب المفاوضات لإفشالها آنذاك..
تريد إيران من خلال إعادة برنامجها النووي إلى ما قبل تاريخ 14 تموز (يوليو) 2015، الذي وقع فيه على الصفقة النووية، التأكيد أن التنازلات من جانب واحد قد ولى عهده، وأنه إما أن يتم إنقاذ الاتفاق النووي على أساس معادلة ربح ربح أو أن يخسر الجميع وليس فقط إيران..
أعاد فوز المرشح الديمقراطي الأمريكي جو بايدن في الانتخابات الأخيرة إلى الواجهة احتمال استئناف التفاوض مع إيران ومعه إمكانية عودة الإدارة الأمريكية المقبلة إلى الاتفاق النووي مع طهران، على ضوء تصريحات داعمة لبايدن وفريقه لهذا الاتفاق..
يذهب البعض في تفسير مرحلة ما بعد ترامب يمينا وشمالا، كأن انقلابا سيحصل في السياسة الخارجية الأمريكية في عهد بايدن، رغم أن ما هزم ترامب لم تكن طريقته الفجة والصريحة أكثر من أسلافه في ممارسة هذه السياسة، وإنما طريقة تعاطيه مع أزمة كورونا، بالتالي هذا الفيروس هو الذي نزل ترامب من شجرة السلطة.
في حال فاز المرشح الديمقراطي، فإن من المتوقع أن يبقى جوهر السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران من دون تغيير مع تبدل في المفردات والأدبيات، لذلك فإن بايدن سيحاول على الأغلب توظيف ما فعله ترامب بشكل آخر للوصول إلى اتفاق شامل وفق الشروط الأمريكية..
خاضت الإدارة الأمريكية معركة كبيرة في مجلس الأمن لتمديد هذا الحظر خلال الشهور الماضية، قبل أن تخفق في ذلك لعدم تماهي شركاء الاتفاق النووي، وهم أعضاء بالمجلس مع حراكها، وعليه لجأت لخطوة غير قانونية هي الضغط على آلية "الزناد" أو ما يعرف أيضا بـ"فض النزاع"، لانسحابها من الاتفاق يوم 8 أيار (مايو)..
قد يستغرق بايدن حال فوزه دورة رئاسية كاملة في ما يمكن أن يسميه تقييم الموقف الإيراني تجاه ما هو مطلوب منها في الاتفاق، ويبقى احتواء إيران هو الهدف الاستراتيجي وذلك من خلال مواصلة سياسة "الضغوط القصوى" للرئاسة الأمريكية الحالية، وسيسعى في توظيف الجانب الأوروبي في الضغط على إيران..
بعدما أخفق الرئيس الأمريكي في مجلس الأمن خلال الشهر الماضي في تمديد الحظر التسليحي على إيران، علم أن المانع الأساسي هو ذلك العدو اللدود، أي الاتفاق النووي، التراث الأهم لسلفه باراك أوباما، فقرر أخيرا في توقيت حساس له دلالات جمة في عدة سياقات، تدمير الاتفاق النووي للأبد..
يستبعد تماما أن تسجل المحاولات الروسية والسويسرية لتدشين وساطة جديدة اختراقا يذكر في الأزمة الشائكة بين إيران والولايات المتحدة في هذا التوقيت، إذ لا يبدو فيه أن إيران في وارد حساباتها، الرهان على ما تعتبره حصانا خاسرا، ومنحه حبل النجاة من وضعه المتأزم..
أرادت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال الفترة الأخيرة، سحب جهاز الأوكسجين عن المريض المقبل على الموت (الاتفاق النووي) في غرفة العناية المركزة، من خلال اتخاذ خطوات ستقضي في نهاية المطاف على الاتفاق وتدخله في مرحلة الانهيار التام..
إن رحيل هوك لا يحمل في طياته أية رسالة إيجابية، وعلى العكس فإن اختيار أبرامز مكانه، يجعل إمكانية أي انفراج دبلوماسي للتوتر الراهن من خلال إطلاق مفاوضات خلال الشهور المتبقية حتى الانتخابات الأمريكية، أكثر استبعادا من قبل..
ثمة معطيات ومؤشرات تشي بأن الأشهر المقبلة ستكون حبلى بتطورات ساخنة، مدفوعة بمخاوف إسرائيلية من احتمال خسارة ترامب الانتخابات الأمريكية، لذلك فإن الاحتلال الإسرائيلي اليوم في عجلة من أمره بشكل غير مسبوق، لتحقيق هدف تقليص استراتيجي للنفوذ الإيراني..
يوم الثاني من الشهر الجاري، استيقظ سكان إيران على سماع نبأ وقوع حادثة في مفاعل "نطنز" النووي الاستراتيجي، الذي يحظى بأهمية قصوى، ويعتبر أهم وأكبر موقع لتخصيب اليورانيوم في البلاد..
جل التطورات تؤكد أن الاتفاق النووي أصبح جزءا من الماضي، وأنه لم يعد قائما ولا ناظما للعلاقات الإيرانية الأوروبية، وأن فرص الحل أصبحت شبه معدومة، إن لم تكن معدومة بالكامل، مما يعني أن التصعيد في مختلف الجوانب والمجالات هو سيد الموقف خلال المرحلة المقبلة
جاءت الصفقة بعد مفاوضات طويلة خلال الشهور الأخيرة، ومؤشرات ظهرت خلال آذار/ مارس الماضي على أنها في طريقها نحو النجاح، بعدما منحت طهران خلال هذا الشهر إجازة "طبية" و"إنسانية" للمعتقل الأمريكي مايك وايت، ليقضيها داخل السفارة السويسرية، قبل الإفراج عنه الأسبوع الماضي في إطار صفقة تبادل