ما تشهده العواصم العربية والاسلامية من ردود أفعال ليست بمستوى الحدث الجلل. ولكن هذا ما كان متوقعا، فالأنظمة المشاركة في المؤامرة لن تسمح بردود أفعال أكثر من تنفيس الاحتقان في النفوس لمنع الانفجار الكبير.
الأنظمة ومن يدور في فلكها من المطبلين والشيوخ الكسبة والمنتفعين والمتأسرلين وغيرهم، للأسف لا يتعلمون، بل لا يريدون التعلم لا من تجاربهم ولا من تجارب غيرهم، والدليل الحي هو "الأصبع الإسرائيلي في عين أبو ظبي".
لا تجربوا أيها المتأسرلون واللاهثون وراء التطبيع، حظوظكم، وتتآمروا من وراء ظهر الشعب الفلسطيني، ولا توصلوه إلى حد الغضب والثورة.. عندئذ لا تلوموا سوى أنفسكم، والأحداث تتحدث عن نفسها.
سأبدأ مقالي لهذا الأسبوع باعتذار لشخص لا يستحق الاعتذار، وتقديم التهاني لشخص آخر أيضا لا يستحق التهاني، ورئيس عربي أسقط في خطابه في الأمم المتحدة، أي إشارة إلى الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
والآن وقد مرت أربعة وعشرون عاما على إعلان المبادئ، من حقنا أن نتساءل، ماذا بقي منه؟ أو بالأحرى هل مات وشبع موتا؟ أم أنه لا تزال هناك بقايا من هذا الاتفاق الذي فاقت مساوئه،
الإمارات تورط السعودية والبحرين وتجر مصر وراءها وتفرض ما يسمى بالحصار على قطر. السعودية تريد عزل إيران، الإمارات تريد القضاء على الإخوان، لكن ليس كل الإخوان. الإمارات تتهم قطر بدعم الإخوان واحتضان قياداتهم، ولكنها في الوقت نفسه تدعم الإخوان في اليمن.
«الأنظمة العربية السنية» وسياساتها الخاطئة والمتأخرة دوما، هي التي دفعت وتدفع حماس وغيرها نحو إيران. حماس لجأت لإيران بعدما ضاقت بها السبل، وبعدما فشلت سياسات الأنظمة العربية في احتوائها عقب رحيل قادتها عن سوريا وخروجها من دائرة النظام السوري. فشلتم وتركتم الميدان لإيران.
كان الفلسطينيون يتوجهون دوما إلى الأشقاء طلبا للعون، فوجدوا أن الأشقاء العرب في واد وهم في واد آخر، ووجدوا أيضا أن بعض الأشقاء يقفون في صف واحد مع دولة الاحتلال، شعروا بخذلان لم يدم طويلا، ليتحول إلى قوة، فزاد ذلك من تصميمهم وعزز لديهم القناعة بالاعتماد على القدرات والطاقات الذاتية.
تتناسق هذه الهجمة من مصادر تدعي الدين بعد هجمة «السعوديون الجدد» على الفلسطينيين واتهام فصائل فلسطينية بالإرهاب، مع التسريبات الجديدة عن اتصالات غير مباشرة بين النظام السعودي وإسرائيل.
من أراد التطبيع مع إسرائيل ونيل رضاها واللحاق بقطار شمعون بيرس للشرق الأوسط الجديد، فهو حر وليُطبّع كما يشاء، شرط إبقاء اسم فلسطين وقضيتها وشعبها بعيدا، فما تحملته على مدى قرن من الزمن لا يتحمله شعب آخر.. وما عادت تقبل أن ترتكب الفواحش والخطايا باسمها.